بقلم : د. سعيد أبو جعفر
سقطت القمامة من سيارة النفايات التي تنظف شوارع لندن يومياً، فأسرع سائقها يتلقط ما سقط ، وبذلك تأخرت السيارة التي خلفه….. فبادره بالشتم البذيء، فما كان من سائق سيارة النفايات الا ان سجل رقم السيارة وقدم شكوى الى بلدية لندن، بحق الشاتم – وهو لا يعرف ان الذي شتمه وزير- فأصدرت البلدية أمراً بعدم رفع النفايات من امام الشخص المدعى عليه، ثم رفعت الشكوى لرئاسة الوزراء، فما كان من تشرشل الا أن طلب من وزيره بالاعتذار للعامل (المدعي) …. فصُعق الوزير وقدّم استقالته من فوره، وذهب ليقدم اعتذاره للعامل، ولكن تشرشل رفض قبول استقالته قائلا له : لقد شتمته وانت وزير ولن ارضَ اعتذارك وانت شخص عادي، حيث شتمته وانت وزير وستعتذر له وأنت وزير. وعليه ، اعتذر الوزير وقُبلت بعدها استقالته، والجدير بالذكر أن القضية استغرقت تسعة ايام خلالها تجمعت القمامة امامة امام منزل الوزير المتكبر، واصبحت رائحة الشارع لا تطاق….مما اضطره لنقل القمامة الى خارج المدينة ليلا بسيارته.
تلك صورة من صور العدل التي لا نراها في بلادنا ، فقط نرى رقعة مخطوط عليها (العدل اساس الملك) على جدران محاكمنا في مكاتب المسؤولين، تماما مثل ما يفعل (اللصوص والفاسدون) عندما يزينون مكاتبهم بيافطة (هذا من فضل ربي).
لماذا لا نكون مثل الأب الذي قال له ابنه : صاحب القمامة عند الباب ،
فرد الأب : يا بني نحن أصحاب القمامة ،وهو صاحب النظافة جاء ليساعدنا .
لا يريد الشعب رؤية شعارات أخلاقية على الجدران جوفاء دون روح فقط ، يريدها تتمثل في التعاملات اليومية يريدها ممارسات في الحياة اليومية ما بين المواطن والمواطن وما بين المواطن والمسئول، وعلى كل المستويات في وطننا الحبيب.
تُسن القوانين في البلاد لتُحترم وتُطبّق على الجميع دونما تمييز….. لماذا؟ لأن المشرّع وضعها لمصلحة المواطن.
لا توضع لتطبق مزاجيا وحسب الرغبات والاتصالات والمحسوبيات ، نعم لتطبيق القانون على الجميع دون تمييز.
نعم لسيادة القانون ، وبتطبيق القانون نعزز منظومة الأخلاق المجتمعية وتُصان كرامة المواطن وتتجلى العدالة بأبهى صورها.
ربما نعيش أزمة أخلاق أكثر ألماً من القلق من وباء كوفيد19 ، أو أي وباء قادم الينا من الغرب في القادمات من الأيام!!
يحضرني في هذا المقام قول الشاعر أحمد شوقي:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا..
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوّم النفس بالأخلاق تستقم..
حمى الله الوطن بشعبه وقيادته الهاشمية.
—