وطنا اليوم – رصد : نقلت المجلّة العسكريّة الإسرائيليّة (دو كوطفي)، ومعناها بالعربيّة (قُطب برأسين)، والتي تصدر باللغة العبريّة، بعد مصادقة الرقابة العسكريّة عليها، كشفت قناة (كان) في التلفزيون العبريّ النقاب عن أنّ رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال، الجنرال تامير هايمن ورئيس الأركان السابق الجنرال احتياط غادي آيزنكوط اجتازا السياج خلال الحرب الأهلية في سوريّة ودخلا إلى مناطق من أجل الاجتماع بجماعاتٍ سوريّةٍ مُعارِضةٍ.
وبحسب التلفزيون العبريّ، فقد حصل الأمر في العام 2013 بعد وقت قصير على اندلاع الحرب في سوريّة، مشيرًا إلى أنّه حينها كان هايمن برتبة عميد وقائد للفرقة 36 في قيادة المنطقة الشمالية حيث تولى هذا المنصب في العام 2011، فيما كان آيزنكوت يتولّى حينها منصب نائب رئيس الأركان. وكانت المنطقة الحدودية في الجولان في تلك الفترة تحت قيادة هايمن، كما شاركت فرقته بشكلٍ مُتواصلٍ في مناوراتٍ هدفت إلى محاكاة حربٍ مع ألوية الجيش السوريّ، كما أكّد التلفزيون العبريّ.
وتحدّثت القناة عن أنّ توجيهات رئيس أركان جيش الاحتلال في ذلك الوقت، حددت أنّه ممنوع بشكلٍ تامٍّ إجراء أيّ اتصالٍ مع جهاتٍ سوريّةٍ على خط الحدود، لكن هايمن أدرك أنّه يجب “القضاء” على هذه المعادلة، وفي العام 2013 زاره نائب رئيس الأركان آيزنكوت وقام الاثنان باجتياز السياج سرًا ودخلوا إلى جيوب مناطقية للاجتماع مع الجماعات الإرهابيّة، مُضيفةً أنّهما وبعد اجتماعها بالتنظيمات المُعارِضة للنظام السوريّ في دمشق، تابعا عن كثب معارك جرت بين الجيش السوريّ وبين التنظيمات المُعارِضة، علمًا أنّه حتى تلك اللحظة، كانت التقديرات في جيش الاحتلال تُشير إلى أنّ ما يجري في سوريّة هو صراع داخليّ، ولا علاقة لإسرائيل به.
وبحسب المُراسِل العسكريّ في التلفزيون العبريّ، روعي شارون، فإنّ آيزنكوط، اتخذّ بعد ذلك القرار القاضي بفتح المستشفى الميدانيّ في الجزء المحتّل من هضبة الجولان السوريّة لتقديم المُساعدات للجرحى والمرضى السوريين من المُعارِضين لنظام الرئيس بشّار الأسد، وأطلق الاحتلال على هذه الخطوة اسم (جيرة حسنة).
جديرٌ بالذكر أنّه في خطوةٍ غيرُ مسبوقةٍ كانت سلطات الجيش الإسرائيليّ قد سمحت لطاقمٍ من موقع VICE بتوثيق عمليات استيعاب الجرحى السوريين في المستشفى الميدانيّ، الذي أقامته إسرائيل في الجولان، وبعد تلّقي العلاج الأوليّ، قال المُراسل سيمون أوستروفسكي، يقوم الجيش بنقل الجرحى إلى المستشفيات الواقعة في شمال إسرائيل.
وبحسب التقرير المُصوّر فقد أقّر الجيش الإسرائيليّ بأنّ عدد الجرحى السوريين، الذي يُعالجون في المستشفيات الإسرائيليّة وصل إلى 1400، مُشدّدًا على أنّه بحسب معطيات جيش الاحتلال فإنّ 90 بالمائة من الجرحى هم من الرجال، الأمر الذي يُعزز الرواية بأنّهم ينتمون إلى الجماعات المُعارضة المُسلحّة، التي تُحارب الجيش السوريّ.
وفي العام 2017 كشفت صحيفة “هآرتس”، نقلاً عن مصادر إسرائيليّةٍ رسميّةٍ، كشفت النقاب عن معلومات تفيد بأنّ الدعم العسكريّ المُقدّم من جيش الاحتلال إلى المسلحين السوريين في تلك السنة تقدر بأكثر من 115 مليون شيكل، ما يوازي أكثر من 32 مليون دولار.
وأوضحت الصحيفة العبريّة، نقلاً عن المصادر عينها، أنّ الجيش الإسرائيلي استثمر 20 مليون شيكل، أيْ أكثر من 5 ملايين دولار من ميزانيته في العام 2017 عبر إقامة وتشغيل الهيئة التي أُسّست قبل حوالي العام وتُعنى بدعم المسلحين في سوريّة، وتسمى “جيرة حسنة”، مشيرةً إلى أنّ هذه المبالغ لا تشمل كلفة المعالجة الطبيّة لجرحى المسلحين السوريين التي تقدّر بعشرات ملايين الشواكل وتقوم بتمويلها وزارات الأمن والمالية والصحة، فيما أكّدت تقارير أخرى بأنّ دولاً عربيّةً من “محور الاعتدال” هي التي تقوم بتحمّل تكلفة علاج الجرحى السوريين في مستشفيات الدولة العبريّة.
وذكرت الصحيفة العبريّة أيضًا أنّ إدارة “جيرة حسنة” أُنشِأت في شهر آب (أغسطس) من 2016، والمبلغ الذي خُصص لها للعام 2017 يشمل كلفة إقامتها، وتشغيلها بشكلٍ دائمٍ ودفع أجور عناصر الخدمة الدائمة في المشروع وهم ضابط برتبة مقدم يترأس المديرية وثلاثة ضباط إضافيين، لكن المبلغ الأساسي الذي يموِّل نقل التجهيزات الطبية والغذاء والأدوية لا يأتي من الجيش، بل من تبرعات خاصة، لرجال أعمال من أصل سوري يقطنون في شيكاغو ومنظمات مختلفة، مثل مركز “بيريس للسلام” ولجنة مكافحة الإبادة الجماعية، على حدّ قول المصادر الإسرائيليّة الرسميّة.