المعلمون: الإعداد أم التدريب؟

14 ديسمبر 2021
المعلمون: الإعداد أم التدريب؟

د. ذوقان عبيدات

بدأت في الخمسينات معاهد إعداد المعلمين في الأردن، وللتوثيق كان معهد المعلمين/ جبل الحسين، أول هذه المعاهد منذ بداية الخمسينات، ثم تعددت المعاهد في حوّارة، ورام الله، ومعهد معلمات عمان، وبيت حنينا حيث تخرج آلاف المعلمين والمعلمات، وبدرجة كان يعتقد أنها جيدة. ففي المعاهد يتم الإعداد النظري والعملي للمعلم، حيث يتخرج مؤهّلا لممارسته المهنة، مثله كسائر المهنيّين: الطبيب والمهندس، والمحامي.

وحدث أن تحولت المعاهد إلى كليات مجتمع عام 1980م، وبقيت محافِظة تماما على عمليات إعداد المعلمين.  وهناك من يرى أن تحول إعداد المعلمين إلى الجامعات بعد ذلك هو انكسار تاريخي  للتعليم!! فقد أصدرت الجامعات آلاف المعلمين والمعلمات ممن لا يتقنون التدريس العملي؛ لذلك نشِط التدريب ليغطي النقص في تأهيل االمعلمين وإعدادهم.

وفي حديث مع أستاذنا د. سعيد التل، أشعرني بأهمية إعداد المعلم  قبل العمل كأي صاحب مهنة. فالطبيب يمتلك مهارات العمل النظري والتطبيقي قبل الممارسة. ولذلك يرى الدكتور التل وأنا أؤيد ذلك، أن إعداد المعلم أكثر أهمية من تدريبه، فليس هناك كليات لتدريب الأطباء والمهندسين، فالأطباء ينمون مهنيّا بجهودهم الذاتية: حضور مؤتمرات، إجراء بحوث، متابعة حالات، مشاركة في مجلات علمية… في حين ما زلنا نهمّش المعلمين و”ندرّبهم” على أبسط قضايا التدريس: “كيف تدير الصفّ؟، “كيف تخطط درسك؟، “كيف تعدّ امتحانا؟ وهذا ما لا يفعله المهنيّون. المهنيّون ينمون مهنيّا ولا يتدرّبون!!، وإذا تدرّبوا فإنهم يشاهدون تجربة أو مهارة جديدة، أو أسلوبا جديدا!.

لا أريد أن أحمي المعلمين من التدريب ، بل أريد الارتقاء بالنمو المهني للمعلمين، والتعامل معهم بوصفهم مهنيّين وهذا يتطلب الاعتراف الرسمي بمكانة المعلم،  وربما كان الحل يتمثل بإصدار تشريع يؤكد مهنية التعليم، وضرورة ممارسة المعلم عمله وفق إجازة قانونية كسائر المهنيين. ومن المهم أن أوضح أن النموّ المهني يختلف عن التدريب، وأن التدريب يليق بالحِرف وليس بالمِهَن!!