كيف سيؤثر انخفاض البحر الميت المتسارع على الاقتصاد الأردني؟

12 ديسمبر 2021
كيف سيؤثر انخفاض البحر الميت المتسارع على الاقتصاد الأردني؟

وطنا اليوم -تحقيقات صحفية- سالي حسين البحر الميت الذي يشكل ثروة بيئية عالمية بجانب كونه إرث تاريخي وجغرافي، يواجه اليوم خطر الزوال إلى الأبد وذلك خلال الخمسين عاما القادمة، إن لم يتم اتخاذ التدابير الوطنية والدولية لإنقاذه.

وبالحديث مع الخبير البيئي والجيولوجي بجامعة الحسين بن طلال البروفيسور محمد الفرجات، يقول: تبعا لتسارع هبوط مستويات البحر الميت فإن هنالك تهديدات هندسية وبيئية واقتصادية وسياحية تفرض ذاتها في منطقة ومحيط هذا المعلم العالمي والثروة الوطنية.

هندسيا، فمناطق الشواطيء التي تواجه البحر الميت ومع انخفاض منسوب مياه البحر يؤدي ذلك إلى زيادة أعداد الحفر الخسفية الهابطة أو الإنهدامية، حيث أن منطقة شاطئ البحر الميت وعلى أعماق معينة تحت سطح الأرض تحتوي على سماكات عالية من الطبقات الملحية، وهي عبارة عن رواسب من الأملاح ترسبت عبر آلاف السنوات السابقة، وهبوط البحر الميت يؤدي الى وصول المياه الجوفية العذبة التي تأتي من الشرق عبر الطبقات الجيولوجية فتحل محل المياه المالحة التي كانت تملأ التشققات والتصدعات والفوالق الموجودة في هذه الطبقات الملحية، وتؤدي زيادة الإذابة عبر عشرات السنين الى حدوث فجوات داخل الأرض وإحتمال كبير لحدوث حفر هابطة خطيرة، وتهدد منطقة البحر الميت والمنشآت السياحية القائمة في المنطقة من فنادق ومنتجعات سياحية وإستشفائية، كما وتهدد المزارع القائمة في بعض المناطق مثل منطقة لسان البحر الميت حيث أنه تم هجر بعض الأراضي الزراعية التي تتعرض للحفر الانهدامية في غور المزرعة والحديثة.

ويضيف الفرجات بأنه ومع زيادة التبخر والجفاف تتغير نوعية وكيميائية المياه، وسيكون لذلك أثر على المدى الطويل على خصائص المياه التي تدخل في صناعات البوتاس وصناعات المواد التجميلية والعلاجية، وتتلخص هذه التغيرات في الصفات الكيميائية بزيادة نسبة الأملاح وتغير في صفات ومعاملات الاشباع للمياه وأطوار وأولويات ترسيب المعادن المختلفة من المياه.

على المدى القصير والمتوسط فهذه التغييرات بشكل أو بأخر ليست سلبية، لأن المصانع بالنهاية تقوم بتبخير المياه في أحواض تبخير خاصة للحصول على البوتاس مثلا من خلال عمليات كيميائية معروفة لديهم، وأيضا لا يوجد أثر سلبي على الاستخراجات والصناعات التجميلية والعلاجية، وبالتالي يبقى الأثر على الصناعة لا يذكر بجانب الأثر على السياحة والزراعة والصناعات القائمة والمساكن من حيث المخاطر الهندسية بوجود تهديد الحفر الهابطة.

وتكمن المخاطر البيئية حسب الفرجات بخسارة معلم بيئي تاريخي يشكل ارث عالمي، وهو مهدد بالفقدان خلال الخمسين عام القادمة، وهذا ليس جيد ويعد جريمة بحق الأجيال القادمة.

ويقول الفرجات بأنه وبلا أدنى شك فإن غياب الحلول سيؤدي الى التأثير على المنشآت الصناعية والمنشآت السياحية والزراعية وقرى المنطقة، وأمام إستراتيجيات السياحة والصناعة ورؤى تطوير البحر الميت إقتصاديا، وأمام توجهات زيادة الانتاج التي تأخذ بعين الاعتبار تحسين جودة المنتج وزيادة كمياته، يبقى السؤال الأهم: هل يوجد بالتوازي مع ذلك خططا لاستدامة هذا الإرث العالمي والمصدر البيئي الحيوي بأنظمته المختلفة؟