وطنا اليوم – ديما الفاعوري – تبدو انتخابات رئاسة مجلس النواب هذه المرة مختلفة، فيبدوا ان عددا جيدا من النواب لديه الرغبة في خوض هذه المعركة، فمن المتوقع ان تحدث منافسة شديدة بين عدة أطياف سياسية وأسماء تقليدية شبابية، بعضها استلم الرئاسة سابقا، الأخر كان بالمكتب الدائم في دورات سابقة، وبعضهم استلم لجان مهمة في المجلس، وبعضها كان يعمل في السلطة التنفيذية ولديه الرغبة في قيادة مؤسسة البرلمان، وبعضها يرى نفسه الأحق لعوامل مهنية وسياسية.
ومع دخول موعد بدء المعركة المتجددة على رئاسة مجلس النواب والمكــتب الدائم ( الشهر المقبل)، فان الضبابية تلف مشهد الانتخابات رغم وجود تحركات عدة تحدث عنها الراغبون بكرسي الرئاسة تجري في الكواليس بين اطياف مختلفة في محاولة لايجاد نوع من ”التفاهمات” تمهيدا للمعركة القادمة والتي لا تزال ملامحها حتى هذا الاوان مجهولة.
وتبدو حدة التنافس بين اللاعبين الثلاثة الين اعلنوا عن نيتهم خوض الانتخابات اقل منها في الانتخابات السابقة، خاصة بعدما شهدناه من نتائج غريبة عجيبة، الغت كل المشاهد السابقة، فهل نشهد معارك كسر عظم بين ايمن المجالي وعبد الكريم الدغمي ونصار القيسي، ومن منهم ينهي حسم المعركة لصالحه.
يقال ان المجالي بدأ ببناء تحالفاته للمعركة على الرئاسة وهو يستعد للقيام بجولات مكوكية لمختلف محافظات المملكة من اجل حشد التأييد لتحالفات قد تأخذ طابع مختلف عن غيرها، خصوصاً وان قاعدته من ابناء محافظته ليسم جميعهم على خط واحد معه، وخريطة نواب المحافظة تقول ان الاسلاميين لن يكونوا على خطهن وان بريغماتي واحد لن ينصاع للهجة الاقربون اولى بالمعروفن فيما يمكن اعتبار ان 5 من النواب الجدد في صف المجالي.
وعلى الجانب الاخر فان الدغمي الذي تسيد الرئاسة في عام 2011 فاز النائب عبد الكريم الدغمي في مجلس النواب الأردني السادس عشر وحصل على 59 صوتا فيما حصل منافسه الوحيد النائب عاطف الطراونة على 58 صوتا. وسط جدل دستوري في صحه فوزه، بدا وكانه متيقن من فوزه بالرئاسة اذ يعول على انه يضمن 30 نائباً من نواب المجلس زاملوه في المجلس السابق.
وكان الدغمي قد اعلن، الخميس، عزمه الترشح لرئاسة المجلس القادم، وهو اول من يرشح نفسه لرئاسة المجلس الجديد، وجاء في اعلان ترشحه انه سيباشر اتصالاته مع زملائه النواب خلال هذه الأيام، لافتاً إلى أن قراره جاء لتبني القضايا الوطنية وتقديم الخدمة الفاعلة للأردن على قدر عالي من المسؤولية تحت ظل الراية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني.
بدوره لم يخفي نصار القيسي رغبته في ترشيح نفسه وتؤشر معطيات التداول المبكرة لانتخابات الرئاسة انه طامع في وراثة مقعد الرئيس السابق للبرلمان المهندس عاطف طراونة، والقيسي صديق الطراونة وحليفه السياسي ويتردد بأن الطراونة داعم قوي لفرصة القيسي وهو نائب رئيس المجلس اصلا في ان يترشح داخل اقنية الدولة كرئيس محتمل للنواب بعد مغادرة الطراونة للمجلس.
الطامعون بوراثة كرسي الطراونة على رأس سلطة التشريع يتزاحمون الان وعلى راسهم النائب أحمد الصفدي، وثمة من يؤشر على رئيس اللجنة القانونية عبد المنعم العودات بصفته وريثا محتملا وشرعيا خصوصا وان إخلاء طراونة لموقعه ساهم في وجود متزاحمين على مقعده المهم من النواب الذين يتوسمون مبكرا بانفسهم الاحقية والامكانية.
تغييرات جذرية أفرزتها انتخابات مجلس النواب التاسع عشر، كشفت عن قدرة عميقة للدولة في هندسة الاجراءات والتوقيت والعمل بايجابية بعيدا عن التدخل بالانتخابات أو المس بنزاهتها، واكدت ثقة المواطنين بالمؤسسة العسكرية والتي توجت بفوز 20 شخصا كانوا يتولون مواقع قيادية فيها، ( يعول المجالي عليهم ) مثلما كشفت المخرجات عن نظرة الناس للنواب الخدميين وما يطلبونه من النائب المحتمل من جهة وتغيير الوجوه التي فشلت في كسب ثقتهم وتأييدهم من جهة اخرى، وكل هذا سينعكس على انتخابات رئاسة المجلس التي ستكون هذه المرة هادئة الى حد نسبي.
خريطة المجلس التي تشير الى تغيير جذري في شكل المجلس النيابي، حيث عاد الى المجلس التاسع عشر من سابقيه نحو 30 نائبا بنسبة 22 %، اي خمس المجلس، (يمكن ان يعول على ذلك الدغمي)، فيما حصة الاحزاب والتيارات السياسية لم تكن وازنة، الا ان فوز 10 من اعضاء كتلة الاصلاح النيابية وحلفاؤها، اضافة الى 8 مترشحين ينتمون الى حزب الوسط الاسلامي.
حسابات الفوز والخسارة في معركة الرئاسة مختلفة الى حد ما، وبمفهوم الحسابات النيابية فإن القيسي الذي ينطلق من خلفية قيادية في المجلس السابق، وصاحب الخبرة بالقرب من الرئاسة، يبدو الأقرب كثيرا للفوز بالرئاسة، فيما فرصة الدغمي مرتفعة وفق المعطيات، بيد ان ترشح النائب المجالي، لم يأت من فراغ وإنما جاء وفق تفكير ومن منطلق ان الميدان يتسع للجميع.