وطنا اليوم:شهد الأردن خلال الأعوام الماضية، ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة صيفا، وتأخر موسم الشتاء مع تراجع نسبة الأمطار، ما أدى إلى اختلال واضح في الدورات الزراعية، وتغير مواقيتها السنوية.
اعتاد الأردنيون أن يبدأ موسم قطاف الزيتون في بلادهم، خلال النصف الأول من تشرين الثاني، إلا أن التوقيت اختلف هذا العام، بسبب التغيرات المناخية التي مرت بها المملكة أخيرا.
وبدأ موسم قطاف الزيتون مبكرا مع فتح المعاصر أبوابها، أرجعه كثيرون إلى بدء تساقط الثمار على الأرض نتيجة نضجها؛ جراء موجات الحر التي تعرض لها الأردن خلال الأشهر الماضية.
بينما يتسلق ابنه علاء شجرة الزيتون، ويقف هو على سلم يتكئ به على أغصانها، يقول جهاد المومني: “الناس تؤخر قطف الزيتون عادةً، على أمل تساقط الأمطار ليغسل غبار الشجر”.
وأضاف المومني، صاحب شركة للمواد التموينية وهو ممسك بحفنة من الزيتون: “أردنا التأخير، لكن الزيتون نضج قبل موسمه بسبب ارتفاع الحرارة”.
من جانبه، قال المزارع علي راضي إن “الزيتون عطشان، والحرارة عالية خلال السنة، وهو ما أدى إلى نضجه باكرا”.
وتطرق إلى ما سمّاه “منع التصدير”، إذ أوضح أن ذلك من أسباب تراجع المزارعين عما يعرف بـ “التضمين” (حصة محددة مقابل قطاف الزيتون)، وانخفاض سعر صفيحة الزيت (16 لترا) إلى 50 دينارا بعدما كانت العام الماضي بـ 75 دينارا.
وأوضح المزارع محمود هاني أن “المعاصر فتحت قبل موعدها بسبب ضغط المزارعين”، مشيرا إلى أنه “لا يوجد نسب سيل مرتفعة للزيت، فالموسم الاعتيادي يبدأ الشهر المقبل، لكن الحرارة حولت لون الزيتون للأسود، واعتقد المزارعون أنه جاهز للقطف”.
من جهته، قال لورنس المجالي، الناطق باسم وزارة الزراعة “لدينا قناعة بأن منطقة حوض البحر المتوسط مهمة من حيث التغير المناخي، ومن بينها الأردن، وهي الأكثر تأثرا بتلك التغيرات، بناء على ما صدر من دراسات وأبحاث بهذا الشأن”.
وأوضح أن “شجرة الزيتون هي الأكثر انتشارا في المملكة، ولاحظنا في السنوات الأخيرة ارتفاعا في درجات الحرارة، وتكرر موجات الحر الطويلة، ما ترك أثرا واضحا على هذه الشجرة من حيث الإنتاج ومراحل الإزهار وتكون الثمرة وتطورها وصولا إلى النضج”.
وأضاف: “أزهار الزيتون بالعادة تحتاج إلى برودة حتى تتكون فيها البراعم الزهرية، وارتفاع الحرارة يحول دون تشكيلها وعقدها عما كان سابقا”.
ولفت إلى أن “الموسم الحالي يُعد من المواسم المثمرة بغزارة، إلا أنه ونتيجة التغيرات المناخية من تباين في درجات الحرارة وانخفاض الموسم المطري، كان هناك تأثير واضح على تشكيل أزهار الزيتون هذا العام، ما سيكون له انعكاس نسبي على مستوى الإنتاج”.
وبيّن أن “موجات الحرارة خلال الأشهر القليلة الماضية، سرعت في تلوين ثمار الزيتون وتساقط جزء منها، ما دفع المزارعين إلى الاستعجال في قطاف الثمار، رغم عدم اكتمال الزيت في داخلها”.
وأكمل المجالي: “بشكل عام، وبحسب غالبية المناطق المزروعة بالزيتون في المملكة، فإن التوقيت الأنسب للقطف هو ما بين الأول من تشرين الثاني، وكانون الأول، عندما يكون الزيت أعلى وأجود ما يكون”.
وأشار إلى أنه في “العام الماضي، كان إنتاج الزيت 24 ألف طن، ومتوقع أن يتراجع هذا العام بمقدار 3 آلاف طن على الأقل بحسب التقديرات، رغم أنه من المفترض أن تزيد الكمية بسبب ظاهرة تبادل الحمل”.
وفيما يتعلق بالأسعار، أكد أن “الوزارة لا تتدخل في تحديد سقوف سعرية، والأمر متروك إلى نسبة العرض والطلب والمنافسة بين المنتجين”.
وردا على ما أورده بعض المزارعين من منع للتصدير، نفى المجالي الأمر قائلا إن “الأبواب مفتوحة لذلك، وقد عمم وزير الزراعة مؤخرا بدعم المزارعين والمنتجين الراغبين في تصدير زيت الزيتون إلى الخارج”.
ويُنتج الأردن زيت الزيتون بمواصفات تضاهي الأصناف العالمية، ما وضعه على الخريطة العالمية للزيتون وزيته، وبات يستقطب استثمارات دولية لهذا القطاع، وينقل التجارب العلمية إلى المملكة بهدف تعزيز التجارب المحلية من خلال معارض الزيتون السنوية التي تنظمها وزارة الزراعة.