في تموز الماضي صدرت الارادة الملكية باجراء الانتخابات النيابية للمجلس التاسع عشر، وعلى الفور اجتمع مجلس مفوضي لبهيئة المستقلة للانتخابات وقررت ان يوم الثلاثاء العاشر من تشرين الثاني هو اليوم الذي سيقترع فيه الاردنيون على مجلسهم الجديد.
بمجرد إقرار قانون الانتخاب بدأت آثاره تظهر جليًا؛ فالصوت الوحيد للناخب ذهب للمرشح العشائري دون غيره، وذلك بناءً على أولوية (الأقربون أولى بالمعروف) الأمر الذي أفقد التيارات الحزبية الحضور المتوقع، وامتلأ البرلمان بالشخصيات الاجتماعية التقليدية ورجال الأعمال على حساب الحضور الحزبي. بهذا تم تقزيم العمل الحزبي في الحدود الأدنى.
على المدى المتوسط:
بعد أن تم إفراغ البرلمان من الحضور الحزبي لصالح القوى الاجتماعية التقليدية، فقد وجد رجال الأعمال الفرصة مواتية للاستثمار في حاجة الناس و فقرهم؛ فقد تم ممارسة ظاهرة (شراء الأصوات) تحت وطأة الوضع الاقتصادي المتراجع، كذلك تم استغلال فرصة (القائمة الوطنية النسبية المفتوحة) لترشيح أعضاء وهميين بغية تحصيل أصوات ناخبي المحافظات لرئيس القائمة وإنجاحه، وتم أيضا استغلال ثغرة (الدوائر الوهمية) لطرح مرشحين وهميين بغية التخريب على بعض المرشحين في دائرة ما مستهدفة في نفس المحافظة، بهذا تمت الصفقة الرابحة لرجال الأعمال.
على المدى البعيد:
بعد ما تم من إقصاء للحضور الحزبي واستبداله برجال الأعمال والقوى الاجتماعية التقليدية، فقد كان أن بدأت الصراعات الداخلية تظهر في كل عشيرة حول انتهاء فرصة المرشح القديم و أحقية آخرين جدد في دورهم بالترشح، ويدعم ذلك صراعات زعامة قديمة، ورغبة في الظهور العام، ونكايات عائلية تقليدية. في البداية استطاعت انتخابات العشيرة الداخلية حل الأزمة و إجبار الجميع على قبول المرشح الأقوى داخليًا كما تُظهر الصناديق ذلك، لكنه وفي دورات لاحقة بدأ التملص من تعهدات الإجماع العشائري، و صار هنالك عدة مرشحين في ذات الفخذ من القبيلة في آن واحد، الأمر الذي تطور لصراعات عميقة و دموية أحيانًا، مما سبب لاحقًا تشظي القبيلة على أسس انتخابية و تجزأتها لعدة كتل متناحرة في كل دورة انتخابية. بهذا تم إضعاف التماسك القبلي و قوته الاجتماعية و السياسية.
خلاصة القول، أن استمرار العمل بقانون الصوت الواحد في انتخاب أعضاء مجلس النواب سيكون كارثيًا؛ حيث سيتم تعزيز حالة الجمود السياسي الحزبي و التشظي العشائري و هيمنة رجال الأعمال.
تتألف المقاعد البالغ عددها 130 مقعدًا في مجلس النواب من 115 عضوًا يتم انتخابهم عن طريق التمثيل النسبي في قائمة مفتوحة من 23 دائرة انتخابية تتراوح بين ثلاثة وتسعة مقاعد في الحجم و 15 مقعدًا مخصصة للنساء.
تم تخصيص تسعة من مقاعد التمثيل النسبي البالغ عددها 115 مقعدًا للمسيحيين، وثلاثة مقاعد أخرى مخصصة للشركس والشيشان.
تُمنح 15 مقعدًا للنساء اللاتي حصلن على أكبر عدد من الأصوات (لكنها فشلت في انتخابها على قائمتها) في كل من المحافظات الاثنتي عشرة ومقاطعات البادية الثلاث.
وقد قسمت المملكة الى 23 دائرة انتخابية، العاصمة عمان 5 دوائرن اربد 4 دوائر، الزرقاء دائرتان، و3 دوائر للبدو، وباق المحافظات دائرة لكل محافظة.
وصلت أعداد الناخبين النهائية في دوائر محافظة العاصمة عمّان على النحو التالي: الدائرة الأولى وصل عدد الناخبين فيها إلى 322.052 ناخباً وناخبة، 157.345 ذكور و 164.707 إناث، الدائرة الثانية في العاصمة عمّان إلى 443.281 ناخبا وناخبة، الدائرة الثالثة إلى 266.126 ناخبا وناخبة، الدائرة الرابعة إلى 283.367، وفي الدائرة الخامسة 414.680 ناخبا وناخبة.
محافظة البلقاء وصلت أعداد الناخبين النهائية إلى 335.921، ووصلت أعداد المرشحين إلى 163 و18 قائمة و10 مقاعد، وفي محافظة الكرك وصلت أعداد الناخبين إلى 188.801، ووصل عدد المرشحين إلى 177 و20 قائمة وعشرة مقاعد.
وفي محافظة الزرقاء وصل أعداد الناخبين إلى 506.604، وفي الدائرة الثانية، 149.690 ناخب وناخبة
وعن محافظة مادبا وصلت أعداد الناخبين إلى 119.404، وفي البادية الشمالية أعداد الناخبين فيها وصلت إلى 98.026 ، أما البادية الوسطى فأعداد الناخبين فيها 64.666 ، فيما وصلت أعداد الناخبين في البادية الجنوبية إلى 73.868 .
ووصلت أعداد الناخبين في محافظة عجلون إلى 114.980 وفي محافظة معان وصلت أعداد الناخبين إلى 59.359، وفي محافظة العقبة وصلت أعداد الناخبين إلى 63.891 وفي محافظة الطفيلة أعداد الناخبين فيها 63.067 .
وعن محافظات الشمال وصلت أعداد الناخبين في جرش إلى 122.493 وفي المفرق أعداد الناخبين فيها 109.688، وفي اربد وصل عدد الناخبين في الدائرة الاولى 362.347، وفي الثانية 164.410، والثالثة 128.219، والرابعة 186.766.
وبمقارنة أعداد المواطنين الذين يحق لهم الاقتراع وذلك بالاستناد على ما ورد في الجداول النهائية لعام 2016 وما ورد في الجداول الأولية لعام 2020 تبين أن عدد المؤهلين للاقتراع في عام 2016 وصل إلى 4.130.145ناخبة وناخب، فيما وصل عدد المؤهلين للانتخاب حسب الجداول الأولية المعروضة اليوم إلى 4.655.411 ناخبة وناخب، أي بزيادة مقدارها 525.266 ناخبة وناخب، وعلى صعيد الدوائر الانتخابية لوحظ أن جميع الدوائر شهدت زيادة في أعداد الناخبين بنسب متفاوتة.
وتبين أن الدائرة الأولى بالزرقاء الأعلى زيادة بين الدوائر الانتخابية حيث وصل عدد المؤهلين للاقتراع في الجداول الأولية إلى 511,273بينما كان عدد المؤهلين للانتخاب 449,753في جداول عام 2016أي بزيادة وصلت إلى 61,520ألف ناخبة وناخب، تلتها دائرة عمان الثانية حيث وصل مقدار الزيادة في تعداد الناخبين إلى 47,542ناخبة وناخب، تلاها دائرة عمان الخامسة بزيادة وصلت إلى 41,087ناخبة وناخب، أما أقل الدوائر زيادة في تعداد المؤهلين للاقتراع كانت دائرة معان بزيادة وصلت إلى 6,019ناخبة وناخب.
مرحلة الترشح
في السادس من تشرين الاول 2020 بدأت عملية الترشح، وفي نهاية اليوم الاخير 8 تشرين الاول بلغ عدد المترشحين الى الانتخابات 1717 مترشح ومترشحة وعدد القوائم 295 قائمة وعلى النحو التالي :
وفي اعتمدت الهيئة المستقلة قوائم المرشحين النهائية / رابط https://www.iec.jo/sites/default/files/2020-11/cand_2020_website_final_31_10_2020.pdf
وبعد ان استكملت الهيئة كافة اجراءاتها بالنسبة لجداول الناخبين واعتمادها واعتماد قوائم المرشحين النهائية انطلقت عملية الانتخاب لتاخذ طابعاً متسارعاً رغم الفتور الذي كان يشوبها، وكانت الهيئة قد منعت المقرات الانتخابية فلجا المرشحون الى الدعاية الانتخابية الاكترونية التي لم تجد نفس الحجم والثقل الذي كان ستلاقيه لو ان الظروف قد سمحت لها بالعمل في الشارع.
المال الفاسد
رغم ان القانون غلظ العقوبات على التعامل مع المال الفاسد في الانتخابات، والمشرع الأردني كان واضحاً في التعامل مع مثل هذه المخالفات وهو التأثير على الناخب، الا ان الجزء الاكبر من العملية الانتخابية اعتمد على بيع وشراء الاصوات، حتى وصل الامر الى ارتفاع سعر الصوت في منتصف العملية الى 150 ديناراً ليعود وينخفض يوم الاقتراع الى 30 ديناراً حيث بدأت علامات العرض والطلب تظهر على ابواب مراكز الاقتراع، وكانت الهيئة تعلن باستمرار عن تحويل متعاملين بالمال الفاسد الى القضاء في محاولة منها الى السيطرة على هذه الظاهرة الا انها وبكل اسف لم تستطيع ذلك، ويعود سبب ذلك الى قلة الوعي في هذا المجال لدى المواطن الذي كان يرى ويسمع ولا يحرك ساكناً.
الهيئة اعلنت انها احالت الى القضاء 235 مخالفة منها 43 جريمة مال اسود، وواقع الحال يقول ان عدد جرائم المال الفاسد قد يصل الى المئات في ظل ما شهدته الايام الاخيرة التي سبقت يوم الاقتراع وفي يوم الاقتراع تحديداً.
يوم الاقتراع ونسب المشاركة
لم يشهد يوم الاقتراع اية خروقات امنية، الامن انتشر بشكل يؤمن للجميع الاقتراع بآريحية، وتعامل مع الجميع بشكل حضاري، وكان مثالاً يحتذي في ادارة العملية الامنية، وتوجيه الناخبين الى مراكز اقتراعهم دون اختناقات او ضغد، واختفت عمليات التجمهر امام مراكز الاقتراع بشكل يثير الاعجاب.
بدا الاقتراع الا ان الغصة كانت بالاقبال على الانتخابات، وبدا واضحاً ان مفعول المقاطعة بدا يؤتي ثمارهن وحاول المرشحين استمالة الناخبين للوصول الى مراكز الاقتراع الا ان كل جهودهم ذهبت سدىن حتى ان بعض مراكز الاقتراع وحتى ساعات الظهر لم تشهد دخول اي ناخب عليها للدلاء بصوته.
انتهى يوم الاقتراع بعد تمديد لم يجدي نفعاً فبقيت النسب على حالهان وكانت الكارثة ان 75% من الناخبين المسجلين لم يقوموا بالتصويت في اشارة الى عدة اسباب كانت كفيلة بالتخفيف من فرحة الاردنيين :
السبب الاول كان وبلا منازع قانون الانتخاب الذي حرم الاردنيين من الاختيار المناسب وجعل في القائمة بطلاً هو الفائز والبقية كومبارس.
السبب الثاني وباء كوفيد 19 الذي كان السبب في منع خروج الناس من بيوتهم خوفا من العدوى
السبب الثالث اقدام الحكومة على فرض حظر فور انتهاء عمليات الاقتراع مما جعل الناس يتوجهون الى المخابز والمحال التجارية لتموين عائلاتهم لمدة تزيد على اربعة ايام.
وفيما يلي نسب الاقتراع حسب الدوائر الانتخابية :
نسبة الاقتراع العامة في المملكة بلغت 29.9%، مما يعني ان 70.1% لم يدلوا باصواتهم
قدم وزير الداخلية الأردني استقالته اليوم الخميس على خلفية مخالفات قانونية، وفي حين شدد الملك عبد الله الثاني على تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، أظهرت نتائج الانتخابات خسارة كبيرة للإسلاميين وتراجع مكاسب المرأة.
وقد أعلن رئيس الحكومة بشر الخصاونة استقالة وزير الداخلية توفيق الحلالمة على خلفية ما سماها “مخالفات قانونية” أعقبت الانتخابات البرلمانية.
وكانت فيديوهات أظهرت قيام أنصار نواب فائزين بخرق الحظر الشامل الذي أعقب يوم الاقتراع عبر خروجهم للاحتفال بالشوارع، وإطلاقهم النار في الهواء.
وقدم رئيس الوزراء اعتذاره للشعب عن مشاهد “الانفلات الأمني” التي
قام بها أنصار لمرشحين فائزين بالانتخابات النيابية، مؤكدا أن القانون سيأخذ مجراه بحق كل المخالفين.
وفي السياق ذاته، أكد قائد الجيش اللواء يوسف الحنيطي أن الجيش سيضرب بيد من حديد كل من يتطاول على القانون وهيبة الدولة.
وقال الملك عبد الله الثاني إن المظاهر المؤسفة التي حدثت بعد العملية الانتخابية كانت خرقا واضحا للقانون، وتعديا على سلامة وصحة المجتمع.
وأضاف عبر تغريدة على تويتر أن بلاده دولة قانون. وشدد على أن القانون يطبق على الجميع دون استثناء.
أعلنت الهيئة المستقلة للانتخابات النتائج النهائية لمجلس النواب الـ 19 والتي لم تتجاوز فيها نسب الاقتراع 29.8%، وأظهرت النتائج تراجع عدد مقاعد النساء والإسلاميين، وفوز نحو 100 وجه جديد، مع استمرار سيطرة العشائر ورجال الأعمال على مقاعد البرلمان.
وفي ما بدا إن عدد مقاعد “التحالف الوطني للإصلاح” الذي يقوده حزب جبهة العمل الاسلامي تراجع إلى 8 مقاعد بدلا من 16، الا ان أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة قال لوكالة الأنباء الفرنسية الخميس إن عدد المقاعد التي فاز بها هي 10، هي 8 “ضمن قائمة التحالف الوطني للإصلاح” و”2 ضمن قائمة أخرى محلية تسمى قائمة النشامى”.
المرأة والعسكر ورجال الأعمال
لم تفز أي أمرأة من خارج الكوتا المحددة وهي 15. وبالتالي سيضم مجلس النواب 15 امرأة، مقابل 20 في المجلس السابق، وتنافس في الانتخابات التي جرت الثلاثاء 1674 مرشحا بينهم 360 سيدة، ويضم مجلس النواب 130 مقعدا، وأظهرت النتائج فوز نحو 30 نائبا سابقا ونحو 20 من كبار العسكريين المتقاعدين، مع استمرار نفوذ العشائر ورجال الأعمال.
ويضم المجلس الجديد نحو 100 نائب جديد يدخلون للمرة الأولى”، ويشكل مجلس النواب المنتخب أحد شقي مجلس الأمة الذي يضم مجلس الأعيان المؤلف من 65 عضوا يعينهم الملك.