ذاكرة الأردنيين تستحضر أول شتوة : تغرق الشوارع وتكشف زيف الاستعدادات

29 سبتمبر 2021
ذاكرة الأردنيين تستحضر أول شتوة : تغرق الشوارع وتكشف زيف الاستعدادات

وطنا اليوم:ما إن تبدأ مقدمات فصل الشتاء بالظهور، وتبدأ معه أولى تباشير المنخفضات، حتى تشرع الذاكرة الجمعية للأردنيين باسترجاع قصص الحوادث التي نجمت عن التغيرات الطبيعية، المقرونة بالأخطاء البشرية أو ضعف البنية التحتية.
يحدث ذلك لأن بعض فصول الشتاء في أعوام سابقة لم يكن مرورها سهلا على الناس، إذ ما زالوا يتذكرون فاجعة “البحر الميت” بضحاياها الأطفال، وحادثة غرق عمان المباغتة وما خلفته من خسائر مادية جسيمة.
ففي أواخر تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2018 كانت مجموعة من طلبة مدرسة فكتوريا الخاصة متجهين في رحلة مدرسية إلى وادي ماعين القريب من البحر الميت، ليتفاجأوا – طلبة ومعلمين وأدلاء سياحيين- بهطل كثيف للأمطار، ثم ليدهمهم سيل جارف من المياه تسبب بوفاة نحو 21 من الطلبة والمرافقين، حيث استنفرت معها أجهزة الدولة، وفتح أكثر من تحقيق في الحادثة، وشكل فريق وزاري للتعامل مع حالات الطوارئ، تلاها صدور قرار قضائي بحبس مالكي شركة السياحة ومدير المدرسة.
أيضا، ما زال سكان عمان يتذكرون ما ألحقته الفيضانات، ذات شتاء غامر، من أضرار بالغة قدرت بالملايين بمحلات تجارية وسط البلد، ناهيك عن تعطل حركة المرور بسبب تجمع برك المياه في بعض المناطق الرئيسة في عمان، في حادثة عرفت باسم “غرق عمان”، حيث أظهرت حوادث الفيضانات هشاشة البنية التحتية في كثير من المناطق في المملكة بدلالة تكرر المشهد أكثر من مرة.
وهذه الذاكرة التي تستحضر “الفاجعة” و”الغرق”، يسيطر عليها قلق السؤال حول ماذا فعلت أمانة عمان لتجنب تكرار هذه الحوادث، التي سلم منها شتاء العام 2020 ؟
فقبل دخول كل شتاء تؤكد الأمانة أخذها للاحتياطات لمواجهة الكوارث المحتملة، وتعلن عن تنفيذ عدة مشاريع وإجراءات لحماية مجاري تصريف الأمطار.
وفي هذا العام تقول أمانة عمان إنها باشرت بتحضيرات لمواجهة كوارث محتملة لفصل الشتاء اعتبارا من شهر نيسان (إبريل) الماضي، فيما أكد المدير التنفيذي للطرق في الأمانة رائد حدادين، ان مديريات مناطق ودوائر الأمانة تعمل ضمن طاقتها لاستقبال فصل الشتاء والمنخفضات الاعتيادية، بتنظيف وصيانة مناهل تصريف مياه الأمطار عند مداخل ومخارج العبارات الصندوقية والقنوات المتصلة المتعلقة بالجسور والانفاق، وشبكات الطرق في مختلف مناطق العاصمة، إضافة إلى انشاء الجدران والسلاسل الحجرية.
وأوضح حدادين أن الأمانة نفذت مشاريع استراتيجية كبرى في مناطق وسط البلد ووادي الطي ووداي القمر ومحيط الدوار السابع وحي الباير، والتي شهدت خلال المواسم الماضية ارتفاعات في مناسيب المياه، كما عملت خلال فصل الصيف على تغليف مناهل تصريف مياه الأمطار التي تم تنظيفها بأكياس بلاستيكية فارغة لمنع دخول المخلفات والأتربة التي تنجرف نحوها بفعل العوامل الطبيعية.
وأضاف أن الأمانة نفذت 50 % من مشروع العبارات الصندوقية في منطقة وسط البلد، مبينا ان مشاريع الصيانة شملت كذلك جميع مناطق العاصمة.
وقال إنّ استعدادات الأمانة لفصل الشتاء بدأت منذ شهر نيسان (إبريل) الماضي، من تنظيف وتفقد مجرى السيول والمناهل وخطوط تصريف مياه الأمطار.
وأضاف أن استعدادات الأمانة لفصل الشتاء دائما تبدأ عند انتهاء الموسم المطري، حيث عملت كوادر الأمانة على التأكد من المواقع الساخنة التي رُصدت العام الماضي لإيجاد حلول مناسبة لها قبل بدء الموسم المطري الجديد، موضحا أن العاصمة مساحتها 800 كلم مربع، ولا يمكن حل كل المشاكل الموجودة فيها في سنة واحدة.
ولفت حدادين إلى أنه منذ نيسان حتى اليوم توجد 6 فرق تعمل على التنظيف، حيث لدى الأمانة في كل منطقة نحو 3 فرق بدأت بتنظيف المناهل.
وبيّن أن بعض المناهل قامت الكوادر بتنظيفها 3 أو 4 مرات تحديدا داخل الأنفاق، بسبب أعقاب السجائر التي يتم رميها من السيارات وتتجمع في المناهل.
وتابع: “قمنا بتنظيف جميع الأنفاق ودراستها وعُززت بعضها التي رصدنا فيها مشاكل العام الماضي وحُلت بشكل هندسي”، مبينا أنه تم عمل تجارب في المواقع التي شهدت متاعب في السنوات السابقة.
وأضاف أن الأمانة شكلت فرقا للطوارئ، وتتعامل مع 3 مستويات من الطوارئ الخفيفة والمتوسطة المقرونة بشدة مطرية، والطوارئ القصوى أو الثقيلة المقرونة بالثلوج والانجمادات.
ولفت الى أن لدى الأمانة 22 غرفة طوارئ منتشرة في مناطق عمّان، بالإضافة إلى 6 مقارّ طوارئ منتشرة للفرق العاملة على الشوارع، حيث تتعامل كل فرقة مع المجريات ضمن برنامج محدد.
بدوره، قال خبير الطرق المهندس وفائي امسيس إن الإجراءات التي قامت بها أمانة عمان من تنظيف للعبارات والمناهل إضافة الى التأكد من أن الغاطسات (العبارات داخل الانفاق) تعمل جيدا لمنع تجمعات المياه داخل الأنفاق هي إجراءات احترازية، ويتوجب اجراء كشوفات ميدانية ودورية للتأكد من سلامة هذه العبارات لمنع تكرار الفيضانات وما ينتج عنها من حوادث قد تؤدي الى اضرار بالممتلكات العامة والخاصة ناهيك عن الأضرار البشرية.
وقال ان هذه الإجراءات يجب ان تقوم بها جميع البلديات ايضا، لمنع وقوع اي حودث بسبب الفيضانات، كذلك وزارة الاشغال العامة على الشوارع التابعة لها.
وبين أمسيس أن الشوارع مسؤولية وزارة الأشغال وكذلك أمانة عمان والبلديات في المحافظات التابعة لوزارة الإدارة المحلية، وأن أي أضرار بشرية او بالممتلكات تتحمل مسؤوليتها تلك الجهات.
ونوه إلى ان هناك الكثير من القضايا في المحاكم بسبب الكوارث التي لحقت بالمواطنين وممتلكاتهم نتيجة الفيضانات وحوادث الشتاء.