وطنا اليوم:قالت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، إن وزارة الطاقة والثروة المعدنية، ما تزال منذ فترة طويلة تصر على إصدار أرقام ومعلومات غير مثبتة علمية وتذكرها على أنها حقائق، موضحة أن “بيان الوزارة الأخير حول محمية ضانا أورد عددا من المغالطات تتعلق بالأرقام والدراسات التي تتحدث عن خامات النحاس المزعوم في المحمية”.
وأضافت في بيان، الأحد، أنه “منذ صدور قرار رئاسة الوزراء القاضي بالسير بإجراءات اقتطاع جزء من محمية ضانا لغايات تعدين النحاس، لم يتواصل أحد من صناع القرار مع الجمعية للحوار والنقاش حول هذه القضية المهمة، واقتصر الحوار حول ما ينشر ويبث في وسائل الإعلام المختلفة فقط”.
وزارة الطاقة والثروة المعدنية، قالت في بيان الخميس، إن دراسات أجرتها سلطة المصادر الطبيعية سابقا قدرت كميات النحاس في منطقة فينان بحوالي 20 مليون طن وفي منطقة خربة النحاس بحوالي 25 مليون طن.
وأضافت، أن موضوع استغلال النحاس في محمية ضانا وبناء على دراسات كان قائما قبل إعلان المحمية بشكل رسمي، وبعد إعلان المنطقة محمية طبيعية طالبت العديد من الحكومات والإدارات السابقة باقتطاع المناطق المؤملة بخام النحاس من المحمية لتسهيل العمل فيها.
الوزارة، توقعت أن تبلغ كلفة الاستثمار في المنطقة بنحو 200 مليون دينار، وأن توفر فرصا للعمل خاصة لأهالي المناطق المحيطة بها تقدر بحوالي 1000 وظيفة مباشرة ونحو 2500 وظيفة غير مباشرة.
“خطة لتطوير السياحة”
الجمعية، أكدت أنها “جملة معلومات حول محمية ضانا لتصبح الصورة مكتملة بشكل أكبر للرأي العام الأردني وصناع القرار، انطلاقا من مسؤوليتها في إظهار الحقيقة كاملة”.
وأكدت أنها “لم ولن تقف في وجه أي استثمار من شأنه تحسين واقع الأردنيين المعيشي، وعملت منذ عقود وطوال فترة إدارة الجمعية لمحمية ضانا على تحسين الواقع المعيشي للمجتمع المحلي وجعلت من تمكينه أسمى أهدافها”.
“اليوم أصبحت ضانا نموذجا فريدا في دعم وتمكين المجتمعات المحلية، حيث يستفيد بشكل مباشر وغير مباشر ما يقارب من 600 أسرة من أبناء المجتمع المحلي في ضانا ومحيطها، وقيمة منفعة المجتمع المحلي السنوية المتأتية من محمية ضانا بلغت 2.370 مليون دينار أردني، إضافة إلى وجود خطة لتطوير السياحة في المحمية لتحقيق أكبر فائدة ممكنة تصب بشكل مباشر في مصلحة المجتمع المحلي”، بحسب البيان.
وأبدت الجمعية استغرابها “إصرار وزارة الطاقة بالحديث عن وجود خامات نحاس وبكميات تجارية وتعتبره حديثا يجانب الواقع، إلا أن الوزارة تناست أهمية محمية ضانا التاريخية والطبيعية والاقتصادية والعالمية حيث تعتبر المحمية أول محمية طبيعية في الأردن يدرج اسمها في المحميات الإنسان والمحيط الحيوي الخاصة بمظلة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) وبذلك تكتسب المحمية بعدا عالميا له مكانته على الخارطة الدولية كما أنها أحد الوجوه المشرقة للوطن وقصة نجاح حصلت على عدد من الجوائز المرموقة على المستويين الإقليمي والعالمي لتفردها بطبيعة ساحرة”.
وأضافت: “تحمل محمية ضانا أهمية خاصة حيث تم اختيارها مؤخرا من قبل مجلة (تايم) الأميركية العريقة، ضمن أفضل الوجهات العالمية التي تستحق الزيارة في عام 2021”.
“أولوية قصوى لملف البيئة”
“كنا في الجمعية نأمل وننتظر من الحكومة وصناع القرار أن يتم منح ملف البيئة أولوية قصوى خاصة في إطار الاقتصاد الأخضر والمستدام والتوسع في القرارات التي تصب في تعزيز وتقوية هذا النوع من الاقتصاد الذي يشكل قيمة مضافة ويتماها مع توجه مختلف دول العالم، في هذه المرحلة تحديدا، إلا أننا تستغرب هذا القرار وما تبعه من إصرار من قبل وزارة الطاقة على المضي قدما في محاولة اقتطاع جزء من محمية ضانا ومحاولة تبريره بكل الطرق، كما أن إصدار قرار بالسير بإجراءات الاقتطاع دون مناقشته مع الجمعية يتنافى مع مبادئ الإصلاح والمبادئ العامة في الإدارة الحكيمة”، بحسب البيان.
الجمعية، أبدت في بيانها استغرابها للاستمرار في طرح موضوع النحاس، وسعي وزارة الطاقة الترويج لأرقام بعيدة كل البعد عن أرض الواقع، وتخالف الحقائق الموثقة.
وأضافت “هنا نضع أمام الرأي العام حقيقة أن سلطة المصادر الطبيعية وشركات أجنبية ومحلية درست هذا الموضوع لأكثر من 30 سنة ولم تثبت جدواه الاقتصادية، واعترفت سلطة المصادر الطبيعية بذلك صراحة، إذ تنازلت في عام 1996 عن مركزها التعديني في منطقة فينان لصالح إدارة محمية ضانا، لتقوم بتطويره كمركز سياحي في وادي عربة كبديل أكثر جدوى اقتصادية وأكثر استدامة من التنقيب عن النحاس”.
وتابعت أن بيان “الوزارة ذكر أن الدراسات الأولية غير المكتملة أثبتت وجود كميات تقدر بـ 45 مليون طن تقريبا من النحاس في منطقتين في محمية ضانا، إلا أن أي دراسة استطلاعية أو دراسة جدوى اقتصادية لم تثبت القيمة والجدوى الاقتصادية من عملية التعدين رغم تعدد الدراسات والمحاولات وإنما جميعها أرقاما توقعية”.
“لتعدين النحاس كلف باهضة”
“نود أن نذكر وزارة الطاقة والثروة المعدنية، بأن الحكومة ومن خلال الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في عام 1994 وقعت اتفاقية كجزء من مشروع مع مرفق البيئة العالمي على منع التنقيب في محمية ضانا حفاظا على بيئتها الطبيعية، وجددت الحكومة الأردنية هذا التعهد في عدة مناسبات، كما ووضعت الحكومة الأردنية محمية ضانا في الإستراتيجية الوطنية لحماية التنوع الحيوي كإحدى أهم المحميات الطبيعية، ووقعت الحكومة اتفاقية حماية المنطقة من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي أعطى قيمة إضافية لمحمية ضانا”، بحسب البيان.
وأضافت: “بحسب كل الدراسات التي اطلعت عليها الجمعية، فإن لتعدين النحاس كلف باهضة على صحة الإنسان كما أنه كلفة عالية على الطبيعة، إضافة إلى انعكاسه المباشر على الصورة الدولية الناصعة للأردن، حيث إنه استثمارا تعدينا في منطقة محمية انضمت لشبكة محميات المحيط الحيوي والتي تأتي تحت مظلة يونسكو، يشكل مؤشرا سلبيا وقاتما”.
وأكدت الجمعية أن “التزام الأردن في تنفيذ الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة والتي تتعلق بحماية الطبيعة شكل مؤشرا إيجابيا لكافة الجهات الدولية”، مشددة على ضرورة حماية ضانا والاستثمار الآمن والمستدام والرفيق بالبيئة الذي يصب في مصلحة المجتمع المحلي أولا ويشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ثانيا هو أفضل الخيارات في نموذج محمية ضانا.
وتابعت: “على عكس ما يقول البيان بأن الشركة واجهت مصاعب وتحديات في دخول منطقة الأبحاث والدراسات، فقد حصلت الشركة على امتياز إجراء الدراسات لمدة عام ووافقت الجمعية على إجراء الدراسات في منطقة مساحتها 60 كم وهو ما يؤكد انفتاح الجمعية، كما تم التمديد للشركة المذكورة لمدة عامين إضافيين ما يعني أنها عملت لمدة 3 أعوام بكل أريحية في محمية ضانا”.
الجمعية، اكدت أنها “أظهرت إيجابية مطلقة وتعاونا إلى أبعد حد مع مختلف الجهات التي تواصلت معها لغايات إجراء الدراسات، ومن ضمنها الشركة المذكورة، حيث تسلمت الجمعية العديد من كتب الشكر من هذه الجهات ومنها الجمعية العلمية الملكية على التسهيلات التي قدمتها الجمعية لتسهيل مهمة هذه الجهات المختلفة لإجراء الدراسات المختلفة.
وأضافت أن “دراسة تقييم الأثر البيئي الأولية أكدت على ضرورة المحافظة على الحياة البرية والموائل الطبيعية والحياة الفريدة في ضانا، واعتماد طريقة تقسيم المحمية إلى مناطق حيث بعض هذه المناطق يمنع القيام بأي نوع من الإجراءات أو الدراسات أو العمليات فيها، وطالبت الدراسة بضرورة القيام بإجراءات احترازية وضعت لغايات الحفاظ على خصوصية المحمية إلا أن الشركة لم تلتزم خلال فترة إجراء الدراسات بأي من هذه الإجراءات وتم مخاطبة كافة الجهات الرسمية لإبلاغهم بهذه المخالفات المرتكبة، من قبل الشركة وتحتفظ الجمعية بكافة الوثائق والسجلات والمخاطبات والأدلة التي تشير إلى أن الشركة لم تلتزم بأي من الإجراءات التي ذكرتها دراسة تقييم الأثر البيئي”.
“لا يمكن استبدالها بقطعة أخرى”
وتابعت: “تضع المحمية الجميع أمام حقيقة بأن القائمين على الشركة أخبروا مدير المحمية وكادرها بأن النتائج لم تكن مبشرة، وأن هذه الدراسات أثبتت عدم جدوى تعدين النحاس وأن هذا هو سبب انسحاب الشركة وإخلاءها للمواقع”.
وأضافت الجمعية “في سابقة غريبة، تعرض الوزارة على الجمعية اقتطاع جزء من محمية ضانا وتعويض المحمية بقطعة أخرى وبنفس التنوع الحيوي، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في محمية بيئية، حيث يتمتع كل جزء من المحمية بسمات فريدة لا يمكن استبدالها بقطعة أخرى كما هو الحال في المشاريع التجارية، وأن المحميات تمتاز بطابع شمولي تكاملي وأن اقتطاع أي جزء منها سيفقد الهدف من وجود المحمية، كما أن التعدين على حدود المحمية لو تم اقتطاع جزء منها سيؤثر بشكل كبير على عمل المحمية وهو الأمر الذي أيضا سيؤثر على المحمية وجوديا”.
الجمعية، بينت أنها “اطلعت على عديد من الدراسات لعل أبرزها تلك الدراسات التي قامت بها جهات محايدة كمعهد الآثار البريطاني وجامعة آل البيت بأن متبقيات التعدين منذ آلاف السنوات قد تسربت للتربة ونباتات المنطقة ومنها للأغنام لتصل للإنسان، إذ أثبتت هذه الدراسات أن الملوثات ما زالت على عمق ما يقارب 15 سم تحت سطح التربة وأن أي نشاط تعديني في المنطقة سينشر هذه الملوثات في محيطها، إضافة إلى الملوثات الجديدة التي ستطرأ عن التعدين الجديد مما قد يؤدى إلى تلويث مناطق كبيرة جدا وجعلها غير صالحة للعيش الإنساني”.
وقالت إن “محمية ضانا حافظت على الإنسان أولا وعملت على تثبيته بأرضه وكرست مفهوم تنمية المجتمعات المحلية بطريقة مستدامة، إلا أن أي نشاط تعديني سيعمل على استنزاف الموارد الطبيعة من خلال بناء بنية تحتية كبيرة كالشوارع وسكن للعمل، كما أن صناعة تعدين النحاس من الصناعات المستنزفة للمياه التي غير متوفرة في منطقة وادي عربة وغير مستدامة، إضافة لآثارها الوخيمة على تدمير المواقع التاريخية والأثرية والتي من الممكن أن تستغل كمناطق للسياحة البيئية يستفيد منها السكان المحليين للمنطقة، كمنطقة خربة النحاس وخربة فينان وغيرها من المناطق”.
واختتمت الجمعية بيانها في التأكيد على أن “الجميع شركاء في هذا الوطن، وأن الجمعية تجدد انفتاحها على كافة الجهات لإجراء مزيد من الدراسات ضمن الاشتراطات التي وضعتها دراسة تقييم الأثر البيئي الأولية، وتشير إلى أن أحدا لا يمكن له الإدعاء حرصه على تحسين واقع حياة المجتمعات المحلية بشكل حصري، فالنموذج الذي تدير به الجمعية الملكية لحماية الطبيعة كافة المحميات هو نموذج فريد في تشغيل أبناء هذه المجتمعات المحلية في المحميات المحيطة بها والعمل على تدريبهم وتطوير منتجهم الثقافي والطبيعي بما يسهم في أيجاد دخل مضاف لهذه الأسر”.
ودعت الجمعية وزارة الطاقة للاطلاع على تجربة الجمعية الناجحة في إدارة هذه المحميات التي أصبحت اليوم قصة نجاح إقليمية عالمية تسعى الدول إلى استنساخها من خلال تأسيس و إدارة الجمعية لمجموعة من المحميات خارج حدود الوطن.