وطنا اليوم:أكد 30 % من مكرري الجرائم أنهم فضلوا العودة للسجون “بحثا عن لقمة العيش والعلاج المجاني والمأوى، فيما أكد 50.4 % منهم أن “عدم توفر فرص عمل لهم خارج السجون كان أحد أسباب عودتهم إلى عالم الجريمة”.
جاء ذلك وفق دراسة أجرتها وزارة العدل على قرابة 700 نزيل ونزيلة في خمسة مراكز للإصلاح والتأهيل، لكشف أسباب تكرار الجرائم، ونشرت مؤخرا.
وحصر 36.4 % من مكرري الجرائم سبب التكرار إلى “عدم توفر مكان للإقامة أو مأوى لهم خارج مركز الإصلاح”.
كما اكد 35.4 % أن “عدم وجود أسرة أو أقارب أو أصدقاء للنزيل خارج المركز يعتبر دافعا للعود الجرمي، فيما عزا ما نسبته 24.9 % منهم السبب إلى ما يدره النشاط الإجرامي عليهم كمصدر للدخل وإن كان غير مشروع.
واتهم ما نسبته 31.3 % من النزلاء الذي أجريت عليهم الدراسة، وسائل الإعلام المختلفة أنها “تساعد في تعلم تخطيط وتنفيذ الجريمة دون ترك أدلة، وهي من العوامل المهمة في العود الجرمي”.
وجاءت هذه الدراسة تماشيا مع التوجيهات الملكية الواردة في الورقة النقاشية السادسة حول تطوير القضاء، حيث تم تشكيل لجنة من قبل وزارة العدل وتضم وزارة التنمية الاجتماعية والأمن العام والنيابة العامة والقضاء، وخبراء في علم الاجتماع ومكافحة الجريمة، اضافة الى منظمة الاصلاح الجنائي.
أما على صعيد عدم توفر فرص عمل للنزلاء بعد خروجهم من مراكز الاصلاح، كشفت الدراسة أن ما نسبته 50.4 % من النزلاء أكدوا أن “عدم توفر فرص عمل لهم هو أحد أسباب العود الجرمي”.
وعلى صعيد علاقات النزلاء بأرباب السوابق وعلاقاتهم بالعودة الجرمية، أكدوا أن “استمرار علاقات النزيل مع زملائه خارج مركز الإصلاح والتأهيل يعتبر دافعا له للعودة إلى ارتكاب الجريمة، والتي شكلت ما نسبته 36.4 % من المبحوثين الذي خضعوا للدراسة، إضافة الى أن 20.8 % من النزلاء قالوا إن علاقة النزيل الإيجابية مع زملائه داخل مراكز الإصلاح والتأهيل تعتبر دافعا للعود الجرمي.
وبحسب خبير علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي الذي كان من بين فريق الخبراء الذين أعدوا الدراسة، فإن هذه الفئة تعتبر “أخطر فئة في مراكز الاصلاح نظرا للعلاقة الوطيدة التي تجمعهم والمبنية على ارتكاب الجريمة واعتبارها مصدر رزق لهم”.
وأضاف المبحوثون في استبانة قاموا بتعبئتها أن “السوابق الإجرامية هي سبب لعدم حصولهم على فرصة عمل، والتي تشكل ما نسبته 47.1 %، كما ان عدم تقبل المجتمع لهم شكل ما نسبته 46.3 % من المبحوثين”، وأن “نظرة المجتمع السلبية تجاه النزيل بعد خروجه من مراكز الإصلاح والتأهيل شكلت ما نسبته 43.8 % من المبحوثين”، وأن “غياب الرادع المجتمعي والوازع الديني سبب للعود الجرمي وشكل ما نسبته 51.6 %”.
واعتبر ما نسبته 58.1 % من المبحوثين أن “العمل في مجال النفع العام (العقوبات البديلة) بدل السجن يساعد على عدم العود لارتكاب الجريمة”.
واكدوا أن “الثقة بالأجهزة الأمنية تساهم في تحقيق أهداف الأمن في منع الجريمة، وبنسبة 49.1 % منهم”، كما قالوا إن “تطابق الجرائم المتكررة من حيث الموقع والنوع يساعد على العود الجرمي، وشكل ذلك ما نسبته 25.7 %”.
وقال نزلاء من المبحوثين إن “محاربة مروجي المخدرات وتشديد العقوبة عليهم يساعد في الحد من الجريمة والعود الجرمي، بنسبة 48.9 %، وان توفير أندية شبابية لملء أوقات الفراغ يساعد على الحد من الجريمة والعود الجرمي بنسبة
51.9 % من المبحوثين”.
وفيما يتعلق بالتشريعات ودورها في الحد من ارتكاب الجريمة والعود الجرمي، أكد ما نسبته 29.7 % من المبحوثين أن التشريعات والقوانين تساعد على ذلك، كما ان تغليظ العقوبات في التشريعات والقوانين يساهم أيضا وبنسبة 29.1 % من المبحوثين.
كما وجدت الدراسة ان (19.2%) من نزلاء مراكز الاصلاح والتأهيل هم أصلا كانوا في مراكز الأحداث.
وعلى صعيد الوضع الصحي للنزلاء، كشفت الدراسة أن 40.4 % منهم لديهم أمراض جسدية وأخرى نفسية، منهم 27.4 % لديهم أمراض جسدية، و13 % لديهم أمراض نفسية، فيما كانت أغلب الأمراض الجسدية الشائعة بينهم: (ضغط الدم، والسكري، والقلب، والدسك)، أما الأمراض النفسية فهي عصبية: (كالاكتئاب، والوسواس القهري، والصرع) وغيرها.
وعلق الخزاعي على ذلك بأن عددا كبيرا منهم “يفتعلون الجرائم بحثا عن مجانية العلاج، بدلالة أن بعضهم ليسوا من أرباب السوابق، فهم لم يكرروا ارتكاب الجريمة ولم يعودوا الى مركز الاصلاح بعد انتهاء العلاج”.
وعلى صعيد الدخل الشهري للنزيل فإن ما نسبته 21.2 % من النزلاء الذين كانوا يعملون قبل دخولهم مراكز الإصلاح كان دخلهم الشهري يتراوح بين (300 – 400) دينار، أما نسبة الذين كان دخلهم أقل من 300 دينار شهريا فبلغت 21.9 %، ونسبة 9.1 % دخلهم الشهري أكثر من 1000 دينار.
وقال أحد ابرز الخبراء الذين أعد الدراسة، إن الدراسة وضعت توصيات عديدة منها متابعة النزلاء (الرعاية اللاحقة) بعد قضاء عقوبتهم والافراج عنهم، حتى يكونوا بعيدين عن هذه العوامل التي تدفع بعودتهم الى مراكز الاصلاح.
وأشار أن هناك دعوات لتضافر جهود حكومية ومؤسسات مجتمع مدني لتقديم الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية للنزلاء، لمنعهم من العودة الى مراكز الاصلاح، واجراء دراسات على اوضاعهم الاقتصادية لتمكينهم من عدم العود الجرمي، اضافة الى دعوات للتوسع باستخدام العقوبات البديلة غير السالبة للحرية، وتوعية النزلاء بأهمية الحرية كونهم اصبحوا غير مدركين لها.