الحصان بين السرج والرسن

20 أغسطس 2021
الحصان بين السرج والرسن

بقلم : الدكتور حازم قشوع

يعتبر السرج ضابطة قيادة وأداة توجيه والية حركة، فان يشد على ظهر الحصان كان عنوان انطلاقه، وان أخذ شكل الصقر كان غازيا، وإن شكل بشكل الحمام كان مرسلا، وإن جر عربة نقل ناقلا وكان حصانا حاملا، وما بين هذه الهيئة وتلك السمة كانت تقرأ هيئة الحصان من طريقة سرجه كونها السمة الدالة على مسيرة سيره واحيانا عنوان اتجاهه؛ فالسرج كما القانون يضبط الايقاع ويوجه البوصلة حتى يتسنى للفارس قيادة حصانه وتوجيه بوصلة مسيره،فان الرحلة مدرسة فيها احداث تقف على أسئلة وايامها إجابات.
ولان الحصان يعني الحصن او التحصين فلقد شكل مغزاه تلك القلعة المتحركة كونه يرمز للمناعة ويستخدم وسيلة موصلة لتحقيق الاهداف، لذا شكل الحصان رمزية للقيادة وعنوانا لتحقيق الاهداف واخذ الربط بين السرج والحصان يقوم على روابط ضمنية كما يعمل ضمن نسق واحد مكتمل فلا ركوب دون سرج ولا مسير دون حصان، فان الحكم على الحصان لا يكون من سرجه فان السرج يولده الانطباع والحصان هو مكمن الحقيقة.
وأما الرسن بدلالة الانقياد فهو يشكل عامود القيادة ومحور التوجيه؛ فالحصان القريب على صاحبه لا يحتاج لرباط ليقف؛ لانه يقف على  قيمه ومبادئه  القائمة على الوفاء والاخلاص، اما الحصان البعيد عن هوى فارسه فهو بحاجة الى رباط يجعله أمينا في مكانه، والحصان الذي يقف في مكانه دون رباط يطعم السكر دائما مع كل انجاز يحققه ويحمم بعد كل مسير ينال منه، وأما والاخر فيطعم التبن ولا يغتسل حتى يتاقلم على هوى صاحبه، فان الانضباط الذاتي فضيلة يدرك قوامها اصحاب الحنكة ويقرها اهل الحكمة..
ولان تأويل الحصان يحمل دلالة  الخير ومغزى السرج يعزى لعلامة بركة ومضمون الرسن يناط لمكامن القدرة شكلت هذه المعادلة بكل تفصيلاتها معاني للرفعة والعزة والاستقرار، فاذا ما احسن التعامل مع تشكيلها بطريقة صحيحة حققت نتائجها نتائج مفيدة ومقررات عميقة وجعلت من الواقعية تبدو واقعا، واذا لم يتم اختيار عناصرها بطريقة صحيحة وتم لملمة مركباتها بطريقة دقيقة فسيصبح الناتج نتاجا، فان تغيير هيئة الحصان تصبح واجبة حتى ترسل علامات القبول وتؤكد على الثابت المامول الذي يقود للخير ويسير للخير ويعمل من اجل الخير، لذا كان الحصان بهيئة معقود بنواصيه الخير.
فمن يرتفع درجة لأعلى لا يرفع حتى يعلو،  لكن حتى يرى اكثر ويكون اقرب للحقائق ويتخلص من المقررات الانطباعية التي كان يراها دون رؤية وكان يصدر احكاما فيها دون دقة وكان الحكم فيها يصدر على السرج لا على الحصان، لكن الفارس عندما يمتطي جواده يكون اسلم على التقييم والتقرير وكذلك هو الاقدر على رؤيته الطريق والاعلم ببوصلة الاتجاه واليه التوجه وهي ما تشكل مصدر الثقة وعنوان المصداقية