هل دمج الشباب بالأحزاب شرط للإصلاح السياسي؟

17 أغسطس 2021
هل دمج الشباب بالأحزاب شرط للإصلاح السياسي؟

د.علي عبدالسلام المحارمة

أتيحت لي الفرصة قبل يومين وبدعوة كريمة من الفاضلة عبلة صبرة المحارمة بالمشاركة في جانب من جلسة حوارية لعدد من شباب سحاب في مقر جمعية نشميات سحاب بحضور عضوة اللجنة الملكية الشابة المبدعة لينا العالول؛ وعلى هامش هذا الحوار تبادر لذهني سؤال كبير:
هل نحن فعلاً بحاجة للأحزاب كي نطلق عملية إصلاح للمنظومة التشريعية في المجال السياسي؟ وتفرع من هذا السؤال تساؤلات أخرى:
هل نحن مضطرون لإرغام الشباب على الانخراط في هذه الأحزاب؟
وهل نحن مطالبون بتسجيل الشعب الأردني كله في هذه الأحزاب؟
وهل عدد الأحزاب في الأردن منسجم مع حجم تأثيرها ووجودها على خارطة صنع القرار والتأثير بمساراته؟
وهل من واجبنا أن نلقن الشباب أولوياتهم ونرغمهم على تبني قضية الأحزاب رغم عدم قناعتهم بها؟
وما هي نسبة المواطنين المنتسبين للأحزاب في النظم السياسية الناجحة؟ بمعنى هل يُشترط أن يكون غالبية الشعب حزبياً كي تنجح العملية السياسية؟ أم أن الميول الفكرية والذهنية ليس بالضرورة أن تتجسّد بانتماء حزبي؟
إن من شأن الإجابة على هذه التساؤلات أن توضح لنا جدوى الجهد الذي تبذله اللجنة الملكية والعديد من الجهات الأخرى من أجل بث الروح والدماء المتجددة في حياة حزبية تم تبني فرضية مسبقة نحوها: بأنه لا اصلاح من دون أحزاب.
وربما يبدو من السذاجة القول بأن الشباب اليوم ليسوا بحاجة أحزاب بقدر ما هم بحاجة لحواضن تتبنى طاقاتهم وتسعى لتحقيق احلامهم وأطلاق ابداعاتهم ووضعهم على سكة الإنجاز.
واعتقد أن كل شاب في هذا الوطن لديه الكثير من الأحلام والمشاريع والأفكار، وكلها حبيسة في غيابة الواقع بانتظار من يعتقها ويضعها على مسار الإنجاز.
الموازنات التي سوف تخصص سواء لدعم الأحزاب أو لدعم برلمانات شبابية يجني ثمارها فئة قليلة، أو أية مبالغ إضافية طائلة تنفق في مسارات رومانسية غير واقعية يجب أن يتم انفاقها من أجل خلق حواضن حقيقية سلسة تتبنى مشاريع الشباب وأحلامهم البسيطة.
وفي الحقيقة، لسنا بحاجة لمزيد من الأحزاب والحزبيين بقدر ما نحن بحاجة لخلق حالة جادة للتصالح مع واقع الشباب الذي تشوبه الكثير من المعضلات، وأبرزها وليس جميعها: البطالة والفقر والمخدرات.
وبالنتيجة، ليس من واجبنا أن خلق حياة حزبية على حساب شباب محبط يتوق لبارقة أمل…
ورغم ذلك كله، فالشباب الذي يؤمن بالحياة الحزبية والكفاح السياسي والذي لديه الأفكار والطاقات للعمل في المجال السياسي ليسوا بحاجة لأية تشريعات أو إصلاحات تساند توجهاتهم، فأبواب الأحزاب مشرعة لهم، ولن تثنيهم القوانين الحالية عن فعل ذلك، ولكن بشرط أن تكون توجهاتهم هذه عفوية تلقائية غير محاطة ببريق وعود زائفة، ولا محكومة بالإملاء والإغراء…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*رئيس جمعية الصهيل للتنمية السياسية.