الأردن… سياسة العقل وقوة الردع

ساعتين ago
الأردن… سياسة العقل وقوة الردع

بقلم: المحامي حسين أحمد عطا الله الضمور

من يقرأ تاريخ الأردن السياسي يدرك أنّه لم يكن يومًا لاعبًا هامشيًا في محيطه، بل كان ركنًا من أركان التوازن الإقليمي، وواحة استقرار في قلب عاصف. فالأردن صاغ حضوره عبر أدوات الحكمة، وأثبت أنّ السياسة ليست شعارات جوفاء، بل هي فنّ إدارة التناقضات بحسابٍ دقيق ورؤيةٍ بعيدة المدى.

لقد اختار الأردن أن يكون بلد السياسة العقلانية، التي لا تنجرّ وراء الاستفزازات، ولا تفرّط بحقوقها في الوقت نفسه. ومن هنا، فإنّ أي معتدٍ يظن أنّه قادر على فرض إرادته على الأردن – لا قدّر الله – سيكتشف أنّه يواجه معادلة صلبة: عقلٌ سياسي قادر على امتصاص الصدمات، وقوة عسكرية وشعبية جاهزة لردّ العدوان.

السياسة في الأردن ليست ضعفًا، بل هي امتلاك لأدوات الردع دون الحاجة إلى ضجيج. وهي أيضًا قراءة واعية لموازين القوى، تجعلنا نعرف متى نصبر، ومتى نواجه، وكيف نمنع الخصوم من تحويل خلافاتهم إلى ساحةٍ على حسابنا. وهذا ما جعل الأردن دولة قادرة على النجاة من عواصف أنهكت غيرها، وحافظت على مكانتها رغم ضغوط اقتصادية وسياسية هائلة.

إنّ من يراقب موقع الأردن الجيوسياسي يدرك أنّه قلب المنطقة، وأنّ الحفاظ على استقراره ضرورة إقليمية ودولية. ولهذا، فإنّ من يفكّر في استهدافه يغامر بخسارة لا تتعلق فقط بالصدام مع الأردنيين، بل بصدام مع معادلات إقليمية أوسع، حيث يشكّل الأردن نقطة توازن بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب.

الأردن لا يهدّد، لكنه لا يتهاون. لا يبحث عن صراع، لكنه جاهز له إن فرض عليه. وهذه هي القوة الحقيقية: أن تكون عاقلًا في السياسة، وحازمًا في الردّ، وصامدًا أمام كلّ من يجرّب اختبار صبرك.