بقلم : د. سعيد محمد ابو رحمه
أعلن ولي العهد الأردني، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، عن عودة خدمة العلم في المملكة، في خطوة استراتيجية تعكس رؤية متقدمة لإعادة تمكين الشباب الأردني وتعزيز الانتماء الوطني، في ظل متغيرات داخلية وإقليمية حساسة.
تأتي عودة خدمة العلم في وقت يشهد فيه الأردن والمنطقة تقلبات سياسية واقتصادية وأمنية، بدءاً من الأزمات الإقليمية كالحرب في غزة، ومروراً بتحديات اقتصادية خانقة (مثل ارتفاع نسب البطالة بين الشباب الأردني)، وصولاً إلى تصاعد الحاجة لبناء منظومة وطنية متماسكة.
الإعلان من قِبل ولي العهد يؤكد أن المشروع ليس قراراً عابراً بل توجهاً استراتيجياً تتبناه مؤسسة الحكم العليا لإعادة تشكيل العلاقة بين الدولة والشباب.
كذلك تعزز خدمة العلم قيم الانضباط، والمسؤولية، والانتماء، وتخلق نوعاً من المصالحة بين فئات من الشباب والدولة، بعد سنوات من التهميش أو الإحباط الناتج عن غياب فرص العمل أو التفاعل الإيجابي مع مؤسسات الدولة.
في ظل التحديات الأمنية غير التقليدية (الإرهاب، الشائعات، التهديدات السيبرانية)، فإن تدريب الشباب على مفاهيم الأمن المجتمعي يعزز من قدرة الدولة على الصمود والاستجابة.
إن المشروع المطور لا يقتصر على التدريب العسكري، بل يتضمن شقاً مهنياً بالتعاون مع وزارة العمل ومؤسسات التدريب المهني. وهذا يعيد توجيه خدمة العلم لتصبح أداة لحلّ مشكلة البطالة المتزايدة، لا عبئاً اقتصادياً إضافياً.
يُتوقع أن تساهم الخدمة في إنتاج قوة عاملة مؤهلة تستطيع سدّ فجوات حقيقية في السوق المحلي في قطاعات مثل البناء، الزراعة، الطاقة، والخدمات.
تجمع خدمة العلم شباباً من خلفيات مختلفة – جغرافياً، اجتماعياً واقتصادياً – في بيئة واحدة، وهو ما يخلق نسيجاً مجتمعياً أكثر تماسكاً ويقلل من الانقسامات والفجوات بين المحافظات أو الطبقات الاجتماعية.
عودة خدمة العلم ليست رجوعاً إلى الوراء، بل خطوة إلى الأمام نحو بناء نموذج أردني جديد يعيد الاعتبار لقيم الانتماء والعمل والمواطنة الفاعلة. هي رسالة واضحة من قيادة تؤمن أن نهضة الدولة تبدأ من تمكين شبابها، وتحويل التحديات إلى فرص داخل معسكرات التدريب وخارجها.