الحرب الإسرائيلية الإيرانية: تصعيد محكوم بالحسابات أم فوضى على شفير الانفجار؟

4 ساعات ago
الحرب الإسرائيلية الإيرانية: تصعيد محكوم بالحسابات أم فوضى على شفير الانفجار؟

بقلم: المهندس خالد بدوان السماعنة 

في الساعات الأولى من فجر الخميس 13 يونيو، دوّت الانفجارات في محيط نطنز وأصفهان وكرمانشاه. كانت طائرات حربية إسرائيلية قد عبرت الأجواء العراقية في “عملية الأسد النائل”، في واحدة من أكبر الضربات الجوية في تاريخ الصراع الحديث الإسرائيلي مع إيران، استهدفت فيها الطائرات الإسرائيلية أكثر من 100 موقع نووي وعسكري في قلب إيران.

ردّ طهران لم يتأخر كثيرًا. ففي خلال 48 ساعة، كانت مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة تمطر العمق الإسرائيلي، في مشهد بدا وكأنه اقتباس من صراع نووي محكوم بمؤقت.

الكلفة البشرية… والأثر النفسي ،،،

رغم تعتيم إعلامي رسمي من قبل الطرفين، إلا أن الأرقام تشير إلى مقتل 610 على الأقل، معظمهم في منشآت ومناطق مدنية قريبة من الأهداف، إلى جانب 28 إسرائيليًا في الهجمات المضادة، إضافة إلى آلاف المصابين. لكن ما لا تُظهره الأرقام هو الزلزال النفسي الذي ضرب المجتمعين: ملايين من الإيرانيين غادروا طهران إلى الأرياف، وفي تل أبيب أُعيد فتح الملاجئ وكذا في مدن النقب.

إصابة البرنامج النووي… هل حققت إسرائيل هدفها؟ ،،،

مصادر استخبارات غربية أكدت أن منشآت مثل فوردو ونطنز تعرضت لـ”ضرر هيكلي” يضع البرنامج النووي في “حالة شلل جزئي”. لكن خبراء حذروا من المبالغة في تقييم النجاح؛ فإيران تمتلك قدرة فنية على إعادة تشغيل البنية التحتية بسرعة نسبية.

وبينما تصرّ إسرائيل على أنها “كسرت ظهر المشروع النووي”، يرى مراقبون أن طهران لا تزال قادرة على إعادة تشغيل الطرد المركزي في غضون أشهر، لا سنوات.

أبعاد إقليمية ودولية ،،،

تدخلت الولايات المتحدة، كالعادة، كـ”رجل إطفاء” و”شريك في الوقت ذاته”، إذ نفّذت ضربات تكتيكية محدودة داخل إيران بالتنسيق مع حلفائها، ثم بدأت مباحثات سرية للتهدئة.

الملفت أن دولًا كالصين وروسيا امتنعت عن إدانة إسرائيل صراحة، بينما التزمت دول الخليج موقفًا رماديًا بين القلق من التصعيد والرغبة في رؤية تحجيم النفوذ الإيراني.

أما في الداخل الإيراني، فالوضع بات أكثر توترًا. إذ جرت حملة اعتقالات غير مسبوقة شملت مسؤولين سابقين وأساتذة جامعات وناشطين، وقطعت الحكومة الإنترنت عن معظم المدن الكبرى، في إشارة إلى أن النظام يخشى من هزات داخلية أكثر من الضربات الجوية.

هل نحن أمام حرب شاملة؟ ،،،

رغم كثافة الضربات المتبادلة، فإن كثيرًا من الخبراء يجمعون على أن ما جرى هو “حرب محسوبة”. فالطرفان تعمّدا عدم تجاوز خطوط حمراء تؤدي إلى انهيار شامل، مثل استهداف القيادة أو المنشآت المدنية الكبرى.

وقف إطلاق النار الذي أُعلن قبل يومين، جاء بوساطة أمريكية وألمانية، لكنه لا يعني أن التصعيد انتهى. ما زال الشرق الأوسط يجلس على برميل بارود، والكل ينتظر الذي سيشعل عود الثقاب القادم.

خاتمة: صراع أكثر من نووي ،،،

الحرب الأخيرة ليست فقط حول اليورانيوم المخصّب، بل هي في عمقها صراع على النفوذ والهيبة والردع. إيران تريد أن تُثبت أنها لن تُذعن حتى في أقصى درجات الضغط. وإسرائيل تسعى لتأكيد أنها لن تقبل بأي تهديد نووي، حتى وإن كلّفها ذلك الدخول في حرب مفتوحة.

ما بعد يونيو 2025 لن يكون كما قبله، والمنطقة أمام مشهد جديد يكتبه الدخان والمفاوضات والسلاح… والبوصلة فيه لم تعد واضحة تمامًا.