هل ضحكت يوما مثلي على من يضع نظارته السوداء على عينيه حيث لا شمس؟؟

2 ديسمبر 2020
هل ضحكت يوما مثلي على من يضع نظارته السوداء على عينيه حيث لا شمس؟؟

بقلم الدكتورة مرام ابو النادي

لم أعرف أنني سأكون منهم؛ أقصد  هؤلاء الذين سيفضلّون إخفاء عينيهم بنظارة سوداء في الأماكن التي لا شمس فيها ! لم أعلم أن ضحكي عليهم في مرحلة الطفولة، المراهقة، و الشباب هو نتيجة منطقية بسيطة ترتبط بمرحلة عمرية تقوم على  مقدمات ترابطية مفادها : إن النظارة السوداء و تسمى النظارة الشمسية فإن وضعها على العينين يستلزم مثيرا قويا هو أشعة الشمس فوق البنفسجية التي ستؤذي العين .

لم أكن أستهزىء بهم لكن تفكيري المنطقي البسيط حينذاك كان يرفض أن أتقبلهم بأماكنهم المعتمة التي لا شمس فيها وهم بنظاراتهم السوداء التي يضعونها (كبرستيج) أو بالتظاهر على أنهم شخصيات مهمة كتلك التي تتخفى منعا لكشف ذاتها عن العامة.

لم أعرف أنهم قد يكونون من المكفوفين، فيضعونها كيلا يعطوا المتطفلين دافعا للتحديق بعيونهم التي لا يسيطرون على حركاتها.. أو قد يكونون ممن تعرضوا لعملية في عيونهم وكان لزاما عليهم أن يحموها من الضوء أو حتى الهواء ومن التلوث فيه، أو لمرض في العيون أرادوا أن يخفوه كبحا للأسئلة الفضولية.

لم أعلم أنهم كانوا يضعون نظاراتهم السوداء ليخفوا عيونهم التي أرهقت و ذبلت لأن ماءها قد شارف على النضوب فدموع بعضهم ما تزال مدرارة؛ لكن ابتساماتهم تشق شفاههم بحركة بسيطة؛ لتوهم الآخرين أنهم متفاءلون فالفم يجيد التمثيل حتى بالابتسامة؛ لكن العين تفضح لن تصون سرك ولن تخبئ فرحك  ولن تخفي حزنك فقرائنها و إماراتها معبرة من دمعة الحزن أو الفرح أو انكسارة العين على وجع لا يلئم … أو نظرة الأمل ذات الشموخ

النظارة السوداء غطاء جميل يحمي عيون صاحبها .. لم أتخيل يوما أنني سأستعين بها بعيدا عن الشمس لأخفف من صداع العين الذي يلاحقني في فترات التغير في الفصول فيجعلني عاجزة عن فتحها في الغرفة حتى ذات الضوء الضعيف.

ما يسرّي عن نفسي أن المبدع له عالمه الخاص .. و أجمل صورة له: أنه يرى بنظارة خاصة لا يرى بها الآخرون … لعل كل من ضحكنا عليهم بنظاراتهم السوداء التي تعتلي عيونهم في الأماكن البعيدة عن الشمس كانوا في زواياهم المعتمة الخاصة بهم و كانوا ينسجون إبداعاتهم و نحن لا نعلم عنهم شيئا.

  • استاذة علم المعرفة جامعة البترا