الانتخابات ، والعدل ، والمساواة

3 أغسطس 2021
الانتخابات ، والعدل ، والمساواة

 

العميد المتقاعد زهدي جانبك

مقارنة بين المحافظات الاردنية في مجال الصحة ، والتعليم ، والتمثيل السياسي. وبما ان دائرة الاحصاءات العامة بدأت بنشر المعلومات الاحصائية عن سنة 2020 ، فقد رأيت ان استعين اليوم بلغة الأرقام (الرسمية) لإثبات الخلل وعدم المساواة بين المواطنين.

 

بعد تشكيل اللجنة الملكية لإصلاح المنظومة السياسية، بدأنا جميعا بمخاطبة اللجنة لاستمالتها الى صفنا واتخاذ موقف يتبنى وجهة نظرنا، “وكل واحد فينا أصبح يدير النار على قُرْصِهِ”.

وكان “وما زال” القرص الذي اتمنى ان تصله نار اللجنة الملكية للإصلاح، هو قرص المساواة في التمثيل النيابي بين المواطنين. باعتبارها، اي المساواة احد الاعمدة الرئيسية لإيجاد البيئة المناسبة لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، التي أكد الملك على ايجادها.

وقد كانت معظم ردود الأفعال التي وصلتني ردا على مطالبتي بالمساواة في التمثيل النيابي تتركز على أن المساواة التي اطالب بها غير ممكنة قبل الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، وأن هذا التشوه في نسبة التمثيل النيابي مقصود بحد ذاته للحد من زيادة التمثيل للمواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني، بل ان البعض ذهب إلى القول بوجوب تأجيل المساواة بين المواطنين الى ان يتم تحديد الهوية الوطنية، وكأننا بعد مائة عام على تأسيس الدولة، لا زلنا نبحث في الهوية الوطنية المبنية على أصول المواطن الاردني ونميز بين المواطنين في نسبة تمثيلهم في المجلس بناء على أصولهم.

وكان البعض يعمد الى التلميح، أو التصريح الى موضوع الكوتا الشركسية لتذكيري باصولي الشركسية (ولست بحاجة إلى تذكير بما أفخر به)، آملين ان تكون هذه وسيلة لإيقافي عن المطالبة بالمساواة بين المواطنين ، معتبرين ان الكوتا الشركسية هي خروج على مبدأ المساواة بين المواطنين.

وقد أوضحت غير مرة، وفي اكثر من مناسبة، ان الأردن لا يعمل على تطبيق مبدأ الكوتات المعمول به دوليا للتميز الايجابي لصالح فئة من المجتمع لانه (اي الأردن) لا يضع حدا أدنى لأصحاب الكوتات، وإنما يحدد الحد الأعلى لنوابهم ويمنعهم من تجاوز هذا العدد (البدوية 12 مقعد ، والمسيحية 9 مقاعد والشركسية 3 مقاعد) وهذا يعني أن المطبق لدينا هو نظام المحاصصة وليس الكوتات. وابديت رفضي لهذا المبدأ جملة وتفصيلا، حتى يبقى التركيز على ضرورة تطبيق المساواة في التمثيل النيابي بين كافة المواطنين.

ثم خرج علينا من يدعي بأن المساواة تتضارب مع العدالة، وأن الأمر لا يتوقف على العامل الديموغرافي، وإنما يجب الاخذ بعين الاعتبار بعوامل أخرى منها البعد الجغرافي وما يحتويه من معيار مساحة المحافظات وما يتعلق بها من المؤشرات التنموية. وهي حجة يقصد بها التغطية على عدم المساواة والتمييز الصارخ في نسبة التمثيل النيابي بين المناطق ذات الأغلبية من المواطنين ذوي الأصول الفلسطينية والمناطق ذات الأغلبية من المواطنين الشرق اردنيين….وجهل أصحاب هذا الرأي ان هذا التمييز يمس شريحة كبيرة من المواطنين ذوي الأصول الشرق أردنية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أبناء الدائرة الانتخابية الخامسة في العاصمة الذين يتعرضون لظلم واضح في نسبة التمثيل في مجلس النواب.

وحتى لا أطيل عليكم، أدعوكم لمرافقتي لنرى

الأرقام تتحدث:

محافظة العاصمة عمان:

يبلغ عدد سكانها 4536500 نسمه وتشكل 42% من سكان المملكة. بمساحة تبلغ 7579 كم مربع 8.5% من مساحة الأردن.

عدد النواب 33 نائب يشكلون 25% فقط من مجلس النواب. وكل نائب يمثل 54646 مواطن. وهي (اي محافظة العاصمة) الأسوأ من حيث التمثيل السياسي. وقبل ان نستريل في الخطاب، دعونا نراجع مستوى الخدمات التعليمية والصحية في العاصمة ونقارنها بتلك الخدمات المتوفرة للمواطن في دائرة الطفيلة، وهي الأكثر تميزا على مستوى التمثيل السياسي.

 

الخدمات التعليمية:

يوجد بها مدرسة لكل 330 طالب وهي بالمركز العاشر بين المحافظات بهذا المعيار،

ويوجد بها معلم لكل 16 طالب (المركز 9 بين المحافظات).

الخدمات الصحية:

مستشفى لكل 75608 نسمة /المركز 2.

سرير لكل 546 نسمة / المركز 1.

مركز طبي لكل 51551 نسمة /المركز 12 وهو الاسوأ.

مركز امومة لكل 56006 نسمة / المركز 12 وهو الأسوأ .

عيادة أسنان لكل 63006 نسمة/المركز 12 وهو الأسوأ.

صيداية لكل 2360 نسمة / المركز 2.

و للمقارنة، أورد تاليا أرقام المحافظة المتميزة بأفضل نسبة تمثيل سياسي وهي:

محافظة الطفيلة:

يبلغ عدد سكانها 109000 نسمه وتشكل 1% من سكان المملكة فقط ويأتي ترتيبها 12 من حيث عدد السكان (اي انها الأقل سمانا من بين المحافظات). بمساحة تبلغ 2209 كم مربع 2.5% من مساحة الأردن وتأتي في المرتبة 7 من حيث المساحة.

عدد النواب 5 يشكلون 4% من مجلس النواب. وكل نائب يمثل 12749 مواطن فقط. وهي النسبة الافضل من حيث التمثيل السياسي.

 

الخدمات التعليمية:

يوجد بها مدرسة لكل 200 طالب فقط وهي بالمركز الثاني بين المحافظات بهذا المعيار، ويوجد بها معلم لكل 11 طالب (المركز 2 بين المحافظات).

الخدمات الصحية:

مستشفى لكل 109000 نسمة /المركز 8.

سرير لكل 879 نسمة / المركز 6.

مركز طبي لكل 6411 نسمة /المركز الاول.

مركز امومة لكل 5736 نسمة / المركز الاول.

عيادة أسنان لكل 7266 نسمة/المركز الاول.

صيدلية لكل 4192 نسمة / المركز 9.

 

ومن منطلق الشفافية، وحتى لا يقال ان هذه مصادفه، اقارن تاليا بين ثاني أسوأ محافظة وثاني افضل محافظة من حيث التمثيل السياسي، لتبيان ان مزاعم اتساع الجغرافية ونقص الخدمات لا وجود لها على ارض الواقع، اللهم الا في اذهان من لا يزالون يعيشون في عصر الديناصورات ولا يريدون الانتقال إلى عهد المئوية الثانية للدولة الأردنية.

محافظة الزرقاء:

يبلغ عدد سكانها 1545100 نسمه وتشكل 14.3% من سكان المملكة ويأتي ترتيبها 3 من حيث عدد السكان. بمساحة تبلغ 4761 كم مربع 5.4% من مساحة الأردن وتأتي في المرتبة 5 من حيث المساحة.

عدد النواب 13 يشكلون 10% من مجلس النواب. وكل نائب يمثل 50843 مواطن. وهي ثاني الاسوأ من حيث التمثيل السياسي وتاتي بالمرتبة 11.

 

الخدمات التعليمية:

يوجد بها مدرسة لكل 353 طالب فقط وهي بالمركز الأسوأ 12 بين المحافظات بهذا المعيار، ويوجد بها معلم لكل 19 طالب، وهي بالمركز الأسوأ 12 بين المحافظات بهذا المعيار أيضا .

الخدمات الصحية:

مستشفى لكل 193137 نسمة /المركز 12 أيضا وهو المركز الاخير.

سرير لكل 1289 نسمة / المركز 11 وهو المركز ما قبل الاخير.

مركز طبي لكل 40660 نسمة /المركز 11 ما قبل الاخير.

مركز امومة لكل 44145 نسمة / المركز 11.

عيادة أسنان لكل 49841 نسمة/المركز 11.

صيدلية لكل 3380 نسمة / المركز 6.

 

محافظة معان :

يبلغ عدد سكانها 179300 نسمه وتشكل 1.7% من سكان المملكة ويأتي ترتيبها 11 من حيث عدد السكان. بمساحة تبلغ 32832 كم مربع 37% من مساحة الأردن وتأتي في المرتبة 1 من حيث المساحة.

عدد النواب 9 يشكلون 7% من مجلس النواب. وكل نائب يمثل 14748 مواطن. وهي ثاني الافضل من حيث التمثيل السياسي وتاتي بالمرتبة 2 بين المحافظات.

 

الخدمات التعليمية: يوجد بها مدرسة لكل 179 طالب فقط وهي بالمركز الاول بين المحافظات بهذا المعيار، ويوجد بها معلم لكل 10 طلاب، وهي الأفضل بين المحافظات المركز الاول بهذا المعيار أيضا .

الخدمات الصحية:

مستشفى لكل 89650 نسمة /المركز 6 .

سرير لكل 826 نسمة / المركز 5.

مركز طبي لكل 6896 نسمة /المركز 2.

مركز امومة لكل 7470 نسمة / المركز 2.

عيادة أسنان لكل 8965 نسمة/المركز 3.

صيدلية لكل 5783 نسمة / المركز 11.

 

هذه هي الأرقام تتحدث ياسادة، فلا مزاعم اتساع المساحة، ولا مزاعم نقص الخدمات تفسر لنا لماذا يتمتع المواطن الاردني بنسبة تمثيل سياسي افضل بأربعة أضعاف في معان و الطفيلة من نسبة التمثيل السياسي التي يحظى بها المواطن الاردني في العاصمة عمان؟؟؟ ومدينة الجيش الزرقاء، وهذه الأخيرة تحظى بأقل مستوى خدمات تعليمية وصحية على مستوى المملكة.

كيف سيشارك المواطن الاردني في عمان والزرقاء في الإنتخابات وهو يتعمق الشعور لديه انه مواطن من الدرجة ثانية.

والمتابع للشأن الانتخابي يلاحظ بوضوح ان هذا الشعور بالتمييز انعكس سلبا على نسبة المشاركة في الإنتخابات حيث لم تتجاوز ال 20% في كل من عمان والزرقاء ، بينما بلغت نسبة المشاركة 50% في كل من الطفيلة ومعان.

وقد آن الأوان ان يتم إصلاح هذا الخلل على يد لجنة الإصلاح دون الاستماع لحجج من يقولون اننا يجب أن نبقى مجمدين الى ان يتم حل القضية الفلسطينية… ولا يجوز أن يبقى نصف المجتمع الأردني يشكو من ضعف تمثيله في مجلس النواب نتيجة غياب المساواة والعدالة.

 

وللمزيد من الايضاح حول العدالة والمساواة، اخترت لكم:

Equity: is justice according to natural law or right.

specifically : freedom from bias or favoritism.

المساواة: هي الخلو من التحيُّز وعدم المحاباة وهي التسوية بين الأشياء المتماثلة والأشياء المختلفة،

أما العدل: فهو المساواة بين المتماثلات والتفريق بين المختلفات.

إذا تشابهت حقوق الطرفين المتنازعين فيجب المساواة بالإنصاف بينهما.

عرّفت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المساواة بأنّها منح أفراد المجتمع فرصاً متكافئةً لتمكينهم من تحقيق الاستفادة القصوى من مواهبهم وحياتهم، بحيث يحصل الجميع على ذات الفرص والمعاملة والدعم، ويتساوى الجميع بغض النظر عن أعراقهم، وأنسابهم، واعتقاداتهم، وحالتهم الجسدية كالإعاقة.

والمساواة تعني التمتع بجميع الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية دون التمييز بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة.

ويُعرّف العدل بأنّه الامتثال لسيادة القانون وإنهاء التعسّف، وتحقيق المساواة في المجتمع عن طريق ردّ الحقوق وإتاحة الحريات والفرص لجميع أفراد المجتمع.