وطنا اليوم:بات جمع الخردوات ومخلفات النفايات في السنتين الاخيرتين مصدر رزق، لأكثر من 800 طفل وأسرهم في محافظة اربد، يعملون على جمعها من الشوارع ومكبات النفايات والحاويات في ظل تعليق الدوام المدرسي، في محافظة يقدر عدد الأطفال العاملين فيها بأكثر من 8 آلاف طفل، وفق تقديرات جمعية حماية الأسرة والطفولة في إربد.
وقال رئيس الجمعية كاظم الكفيري، إن هؤلاء الأطفال العاملين في قطاع الخردة وجمع النفايات يشكلون ما نسبته 8 % من عدد الأطفال العاملين في القطاعات الأخرى، حيث يحقق العمل في القطاع مصدر رزق لهم، في ظل عدم قدرة أسرهم على تلبية احتياجاتهم بسبب.
وأشار الكفيري إلى أن ارتفاع نسب البطالة في المحافظة بسبب جائحة كورونا جاء أيضا بسبب التحول إلى التعلم عن بعد خلال العامين الماضيين، ما دفع بالعديد من الأطفال الى البحث عن أي فرصة عمل من اجل سد احتياجات أسرهم.
وأكد أن العديد من الأطفال يقومون بجميع الخردة والمواد التي تباع من خلال عربات صغيرة، تجوب شوارع مدينة اربد وقراها، فيما آخرون يعملون مقابل أجر لا يتعدى الدينارين في مركبات تجوب الشوارع بحثا عن خردوات من خلال شرائها من المواطنين بأسعار زهيدة.
ولفت إلى أن العديد من الأطفال يضطرون للعمل في هذا القطاع للخروج من الضائقة المالية التي تعاني منها أسرهم بسبب الظروف الاقتصادية، وعدم وجود فرص عمل لأرباب الأسر الذين تعطلوا بسبب جائحة كورونا، إضافة إلى عدم وجود معيل لبعض الأسر التي يضطر أطفالها للعمل.
وأوضح أن عمالة الأطفال تعد من أسوا أشكال العمالة، نظرا للإرهاق الكبير الذي يتعرض له الأطفال، أثناء جمعهم للخردة، حيث يعملون تحت أشعة الشمس الحارة صيفا، وفي أوقات تساقط الأمطار شتاء.
وأشار إلى أن أولئك الأطفال يقضون في جمع الخردة ساعات طويلة تتجاوز 8 ساعات يوميا، يبحثون عن الخردة في الشوارع وفي الحاويات مقابل أثمان بخسة، يتم بيعها للمحال التجارية لا تتعدى الثلاثة دنانير يوميا في أحسن الأحوال نظرا لندرة تلك الخردوات.
وتتمثل الخردوات التي يتم جمعها وفق الكفيري، بالعلب المعدنية وعلب سوائل التنظيف والبلاستك والحديد وغيرها التي يمكن بيعها للتجار، مؤكدا أن أوزان بعض الخردوات لا تتناسب مع جسد الطفل مما قد يعرضه لمشاكل وأمراض صحية، يتطلب علاجها آلاف الدنانير، في ظل عدم وجود أي شكل من أشكال التأمين الصحي مع أسر هؤلاء الأطفال.
وأكد الكفيري، أن العمل بجمع الخردوات ازدهرت في الآونة الأخيرة، في ظل تقلص فرص عمل الأطفال ولجوء العديد من أصحاب العمل الى تشغيل أبنائهم في مختلف القطاعات بدلا من العمال في ظل عدم وجود تعليم وجاهي خلال العام ونصف العام الماضيين.
وأشار إلى أن ما بين الأطفال الذين يقومون بجمع الخردوات أطفال سوريين نظرا للأوضاع التي تعيشها أسرهم، في ظل انقطاع المعونات التي كانت تقدم لهم من المنظمات العالمية، محذرا من أن عمالة الأطفال في هذا المجال ستتفاقم خلال المرحلة المقبلة، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب التي تعيشها الأسر.
وقال الطفل أمجد( 14 عاما)، انه يضطر إلى العمل بجمع الخردة من شوارع المدنية بواسطة عربة من اجل الحصول على دخل يمكنه من شراء احتياجات أسرته المكونة من 4 أفراد لا يعملون، وخصوصا بعد وفاة رب الأسرة، مؤكدا أن العمل في هذا القطاع شاق في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
وأشار إلى انه يبيع كيلو علب المشروبات الروحية بـ10 قروش لأحد المحال التجارية، مؤكدا أن يوميته طيلة 6 ساعات التي يقضيها في جمع الخردوات لا تتعدى الـ4 دنانير. وأكد أن عدم توفر عمل في مجالات أخرى دفعه إلى العمل بشكل مستقل في جمع الخردوات.
وأكد طفل آخر غيث( 15 عاما)، أن الحالة الصعبة التي تعيشها أسرته في منزل مستأجر، دفعته إلى البحث عن أي فرصة عمل من اجل المساهمة في توفير متطلبات أسرته المكونة من 5 أفراد، لافتا إلى أن والده يعمل في مجال الإنشاءات، إلا أن حالة الركود التي تعيشها المحافظة أفقدته أي فرصة للعمل.
ولفت إلى أنه يقوم يوميا في الصباح الباكر بجمع الخردوات من الشوارع وبجانب الحاويات لبيعها لأحد التجار الذي يتعامل بالخردوات وبأسعار متدنية، نظرا لعدم معرفته بالأسعار الحقيقة، إضافة إلى انه في بعض الأحيان يقوم بالعمل مع صاحب بكب يقوم بالتجوال في الشوارع والبلدات لشراء الأشياء المستعملة وخردوات بأجرة يوميه لا تتعدى الـ3 دنانير.
وقال الكفيري انه وفي آخر دراسة تم تنفيذها، أظهرت إن عددا لا بأس فيه من الأطفال يعملون في قطاع جمع الخردة والنفايات بنسبة 8 %، وان معظمهم يقومون فقط بعمليات الجمع وبيع التجار بشكل مباشر وبأسعار متدنية جدا، نظرا لعدم معرفتهم بأسعار الخردة وأيضا للرهبة الاجتماعية والفرق بين جامع النفاية والتاجر.
وأشار إلى التحديات التي تواجه عمل أطفال الخردة والمتمثلة باستغلال الأسعار، عدم وجود أدوات صحية، عرضه للأمراض، عدم وجود مهارات فرز ومهارات تصليح.
وكانت دراسة حول الأطفال العاملين في جمع “الخردة”، أوصت بضرورة إيجاد نص قانوني، يتعامل مع هذه الفئة، ويحدد الجهة المسؤولة عنهم، فضلا عن إيجاد تعريف واضح لهم، بكونهم “يحتاجون للحماية مع توفير آليات واضحة لتقديم الخدمات لهم”.
وبحسب الدراسة، التي صدرت عن منظمة إنقاذ الطفل، ومركز المعلومات والبحوث التابع لمؤسسة الملك حسين، فإن “جمع الخردة تعد واحدة من أسوأ أشكال عمل الأطفال”.
وتعرف منظمة العمل الدولية “أسوأ أشكال عمل الأطفال” بأنه “العمل الذي من المرجح أن يضر بصحة أو سلامة أو أخلاق الأطفال بفعل طبيعته أو بفعل الظروف التي يزاول بها”.
وتركز الدراسة على العوامل التي تدفع بالأطفال للانخراط في هذا النوع من العمل، وآلية عملهم، لكنها لا توفر مسحا شاملا لأعداد الأطفال العاملين في مجال فرز النفايات وإعادة تدويرها. ووفق الدراسة، فإن الأطفال “يعملون في هذا المجال لحاجتهم لمصدر دخل، كون آباء هؤلاء ليسوا قادرين على توفير الدخل لكافة أفراد الأسرة”.
ولمواجهة هذه المشكلة، دعت إلى “توفير استجابة كافية، والتركيز على حماية الأطفال، وتطوير آلية عملية على أرض الواقع، وتحقيق تكامل أفضل فيما بين الخدمات الحكومية وغير الحكومية، عبر توسيع قنوات الإحالة لتشمل المزيد من الخدمات للأطفال الأردنيين”. كما دعت إلى إيجاد نظام لإدارة الحالات والإحالة ودمجه ضمن نطاق عمل الموظفين الحكوميين المسؤولين، وتوفير تمويل كاف لضمان تنفيذ المهام المطلوبة لسحب الأطفال من العمالة الاستغلالية بصورة مستدامة.
واعتبر التقرير أن عمالة الأطفال الاستغلالية “ظاهرة متزايدة القلق في الأردن، حيث تؤثر على حق الطفل في التعليم وتضر بنمو الطفل البدني والعقلي والمعنوي وتطوره الاجتماعي” .
ورأت أن هناك حاجة ماسة لتعزيز الأساس الاقتصادي لأسر الأطفال العاملين عن طريق خدمات سبل العيش، ومعالجة مشكلتي الفقر ونظام التعليم. وعلى الرغم من عدم وجود أرقام فعلية تحصر أعداد الأطفال العاملين في الخردة أو نبش النفايات، لكن دراسة مسحية صادرة عن مركز الدعم الاجتماعي العام 2011، أظهرت أن “نحو 13 % من الأطفال العاملين يمتهنون نبش النفايات”. ورغم أن المادة 31 من قانون الأحداث حدَّدت فئات الأطفال التي تحتاج إلى الرعاية والحماية، وشملت الأطفال الذين يستغلون في أعمال التسول أو أخرى تتصل بالدعارة أو الفسق أو إفساد الخلق، أو خدمة من يقومون بهذه الأعمال أو في أي أعمال غير مشروعة، لكنها لم تشتمل على فئة الأطفال الذين يتم استغلالهم في جمع النفايات.