قرأت مقالا للدكتور المحترم ذوقان عبيدات معنون تحت ” عريب الرنتاوي ” ، و للحق وجدت دكتورنا المحترم قد ابتعد عن الموضوعية و أوغل في تصنيفات ليس لها علاقة بواقع القضية التي اختار أن يتناولها، فأصبحت محبة عريب و التماهي مع ما يكتب و يقرر هي الحد الفاصل بين العقل السليم و العقل المختل، و هذا قياس لا يستقيم بأي حال من الأحوال، و أن الاستشهاد بوصف العقول التي لا تنساق للأفكار الشاذة بعقل(( داحس و الغبراء)) و لو كان يدرك صاحب التسمية ماهية داحس و الغبراء لما نسبها الى العقل المختل أُحادي الإتجاه، ولكن يبدو أن ثقافة البعض مُستقاة من المسلسلات و الكتب التجارية الشعبية أو من تمنيات و أحلام بالفرادة و التميز و أنهم أهواد أو صوالح أقوامهم .
لا أحد محور للكون و لأجله تطلع و تغرب الشمس و الشعوب تختلف و تتكامل و الفكرة الشاذة من الطبيعي أن تُلاقى بنقد و هجوم أحيانا، و هذا ديدن الدنيا منذ خلقها الله و من حق الناس أن تنتفض على ما لا يلائمها و ليس بالضرورة أن كل شاذ أو مخالف على حق و أن الناس تستهدفه، لماذا تصوروننا كأننا استثناء بالتاريخ و بين الكائنات، و تلبِسون أهل الفقر الفكري و الشذوذ البين و الشبهات ثوب القداسة و النبوة ، أي تشغيب بهذه النظرة الأُحادية الفرعونية (ما أُريكم إلا ما أرى ) ؟؟؟ لماذا تنسبون التأخر و التخلف تارة للعادات و التقاليد و أُخرى للدين و تتناسون الفساد و الاستبداد و هو ليس حكرًا على دينٍ أو بيئة؟؟ لماذا تلومون على الناس غضبهم على أمر ما و تنسبوه الى الاضطرابات النفسية بينما آراءكم رسالات سماوية غافل من لا يؤمن بها أو يعتنقها و يبشر بها ؟ لماذا تتدثرون بكل ما يخالف مألوف الناس و تلقون عليه محبة منكم و سلام .
فليدافع عن عريب من اراد فهذا حقه، و حقكم أن تسوقوا آلاف المبررات لإثبات طهارته و وطنيته و حسن نواياه و لكن ليس من حق أحد أن يصف مخالفه بأنه بعقل ناقص أو مختل أو يرميه بالداعشية و يلوي ذراع الوقائع ليلبسها لكل مُخالف، ناهض حتر قتلته افكاره سواء اختلفنا معها أو اتفقنا ( شخصيا أختلف معه) و مارتن لوثر قتلته أفكاره و ألاف النماذج في دول تعتبرونها منارات الحرية و الرقي قُتل فيها الكثيرون ، و لم يُرمى فيها المجمتع بالداعشية أو التخلف و قامت ملايين الحملات في الغرب على كاتب او فنان او صحفي لرأي او لأي أمر آخر ولم يوصف الغرب الذي تذوبون غراما فيه بالتخلف أو العقل المضطرب ،أما قصة أسامة العجارمة التي تسوقونها مثلا فتلك قصة جميعنا يعلم انه تم النفخ فيها لأهداف لا تخفى على أهل النباهة، أما مُقاطعة المنتجات لدولة رعت إساءآت لقيمنا فتلك وسيلة مقاومة شرعية للدفاع عن قيمنا خصوصا ان الدكتور من داعمي المقاومة و من القائلين بأحقيتها بتقديمها على ما عاداها (مع عدم اعترافي بها حسب معاييركم ) ، و تغير مواقف الناس و إعادة التموضع تلك ثابتة في أي أمر و لا يُدان المجتمع و يُقرَّع إذا اتجه رأيه العام باتجاه ثم تغير و هذا أيضا ليس حكرًا على مُجتمعنا الاردني الذي اشبعتموه تخطيئا و اختلالا .
مشكلتنا الكبرى هي بالفساد و الاستبداد و ليس بالمناهج على أهميتها ، مشكلتنا بالفقر و البطالة و ليست ببيان يدين عريب أو غيره.
هبوا يا اهل الفرادة أن منهاجا كما تريدون وتطمحون في ظل فقر و فساد و استبداد و تبعية كيف ستكون المُخرجات ، بناء الإنسان يبدأ بكرامة معدته و ستر جسده ثم بذهنه و للتدليل على ذلك نحيلكم فقط الى الأطباء و المهندسين و الأكاديميين الذين تركوا كل ذلك و التحقوا بتنظيمات إرهابية سواء في عالمنا الإسلامي أو غيره و منهم من تربى تربية علمانية مُترفة و دُرِّس على مناهج غربية، ثم لا ننسى أن مع ثورة التكنولوجيا و غلَبة الإنترنت لم يعد للمناهج ذلك الأثر الذي كان و لو جئتم بمنهاج خارق و لو استنسختم من اينشتاين مئة الف معلم .