مروان العمد
هي صناديق الاقتراع للانتخابات الأميركية تفتتح وحسب التوقيت في الولايات المختلفة، وما هي الا ساعات حتى تتضح ملامح ما سوف يحصل خلال الأيام القادمة في الشارع الأمريكي والى اين تسير اميركا نتيجة اول انتخابات تجري تحت هذه الظروف وفي ظل هذا التحشيد ما بين الحزب الجمهوري ومرشحه دونالد ترامب وانصارهم من جهة، وما بين الحزب الديمقراطي ومرشحه جو بايدن وانصارهم من جهة أخرى في معركة تكسير العظم وفي ظل انقسام حاد ساد المجتمع الأمريكي.
وكنت قد كتبت مقالات عن الأوراق التي لعب بها ترامب في سبيل إعادة انتخابه واشرت الى انه قد يكون لديه ورقة أخرى قد تغير جميع التوقعات والحسابات وكنت اقصد ما اشيع عن ان ترامب يملك ما يثبت ان من تم قتله في الباكستان ليس اسامه ابن لادن وانما شخص آخر شبيه به وان ابن لادن تم اخلائه الى مكان آمن.
قد تكون هذه قصة خيالية ولكني وبنفس يوم العملية كتبت مقالاً اشرت فيه الى احتمال حصول هذا السيناريو.
وقد تكون هذه الرواية قد حيكت لإثارة الشكوك بالحزب الديمقراطي او قد تكون صحيحة ولكنها تمثل من الخطورة على الولايات المتحدة ومدى الوثوق بها مستقبلاً اكبر من المصلحة التي سوف يحققها ترامب من نشرها، او قد لا يكون لها أساس من الصحة.
وقد قلت في مقالتي السابقة ان سيناريو ليلة الانتخابات سيكون بإعلان الرئيس ترامب نجاحه على ضوء فرز أصوات من ادلوا بأصواتهم مباشرة في صناديق الاقتراع ودون انتظار فرز أصوات من ادلوا بأصواتهم بواسطة البريد وهذا ما اعلن ترامب انه سوف يفعله حيث انه لا يعترف بالتصويت البريدي ويصفه بأنه اكبر عملية تزوير بالتاريخ.
وكان قد دعا أنصاره للتصويت المباشر سواء اكان التصويت مبكرا او في يوم الاقتراع. فيما كان بايدن قد دعا أنصاره للتصويت عن طريق البريد. لذا فأنه من الطبيعي ان يكون فرز الأصوات المباشرة ليلية الانتخابات لمصلحة ترامب بينما التي عن طريق البريد ستكون لمصلحة بايدن. واذا عرفنا ان عدد من صوتوا مبكراً تجاوز 92 مليون شخص اكثر من ثلثيهم عن طريق البريد وان هذا العدد يمثل حوالي 60% من الناخبين المتوقع مشاركتهم بالانتخاب حسب المعدلات العادية ( وان كان البعض يعتقد ان عدد الناخبين في هذا العام سوف يصل الى ارقام قياسية غير مسبوقة) فأن هذا سوف يعني ان الأصوات الحقيقية التي لصالح بايدن لن تعرف الا بعد فرز جميع الأصوات عن طريق البريد.
ولذا فأنه من المتوقع انه وفور اعلان ترامب فوزه فسوف ينزل أنصاره الى الشارع وهم يحتفلون بانتصاره وخاصة من عصابة Proud Boys الفاشية التي تمثل اليمين المتطرف والدفاع عن القيم الغربية والمتعصبة للجنس الأبيض والمؤيدة لتوجهات ترامب والذي دافع عنها في مناظرته مع بايدن، بالإضافة الى حركة باتريوت براير والتي تدعي انها تتصدى للعنف الذي يمارس ضد انصار ترامب وتشارك بإعمال العنف ضد اليسار والمتظاهرين المناهضين للرئيس ترامب. وحركة كيو انون والتي تعرف باسم ترامب ضحية المؤامرات، وهي حركة فاشية تتشكل من مناصري ترامب والتي تزعم انه ضحية لمؤامرة من الدولة العميقة وانها تريد إعادة السلطة للشعب. علماً ان انصار ترامب قد نزلوا للشارع منذ يوم امس وقاموا بتسير ما اسموه قطار ترامب ليطوف جميع انحاء الولايات الامريكية.
وبنفس الوقت فأنه من المتوقع ان تخرج مجموعات من انصار بايدن الى الشوارع احتجاجاً لإعلان ترامب فوزه، وقد تخرج معهم عناصر من جماعة Antifa وهي حركة محتجين يسارية مناهضة للفاشية ومعارضة للرأسمالية واليمين المتطرف والعنصرية البيضاء ويعتنق بعض اعضائها الافكار الشيوعية والاشتراكية. وتمارس هذه المجموعة تدمير الممتلكات او الضرب والتحرش بمعارضيهم ويتميزون بالملابس السوداء وباخفاء وجوههم، والذين زاد نفوذهم بعد اعلان فوز ترامب. كما كان لهم دوراً في الاحتجاجات التي أعقبت مقتل جورج فلويد، والتي هدد ترامب بتصنيفها كحركة إرهابية، علما بأنها تحظى بشعبية كبيرة لدى الشعب الأمريكي. بالإضافة الى مجموعة Black Bloc وهي منظمة ثورية تستخدم العنف ومهاجمة المحال والافراد ويرتدي افرادها الملابس السوداء والاوشحة والنظارات والاقنعة وخوذات الدراجات النارية، بالإضافة الى جماعة Black Lives Matter ) حياة السود مهمة، وبالإضافة الى الكثير من التنظيمات والمجموعات المتطرفة والتي هي في اغلبيتها تشكيلات مسلحة وتشبه المليشيات.
ومن المتوقع ان يبادر ترامب فور انتهاء التصويت ان يقدم اعتراضات قانونية على صحة ونزاهة التصويت البريدي ويمكن ان يطول امد هذا النزاع القانوني مما سوف يؤخر اعلان نتائجه واعتمادها فترة طويلة من الوقت ويمكن ان يصل هذا النزاع الى المحكمة العليا الامريكية والتي يتمتع بها الجمهوريين بأغلبية سته اعضاء مقابل ثلاثة للحزب الديمقراطي.
وفي حال انتهاء هذا الصراع القانوني لصالح ترامب فأن انصار الحزب الديمقراطين والتنظيمات والتشكيلات المعارضة لترامب لن يرتضوا بذلك وخاصة اذا كانت مبنية على الغاء أصواتهم عن طريق البريد. واذا انتهى هذا الصراع القانوني لصالح بايدن واعتماد التصويت البريدي فأن ترامب وانصاره والتنظيمات والتشكيلات التي تدعمه لن يسلموا بذلك وستكون عندها احتمالية كبيرة بحصول عمليات عنف قد تكون على المحال او على الأشخاص وقد يتطور الامر الى اشتباكات مسلحة وخاصة ان محال بيع الأسلحة في اميركا قد شهدت خلال هذا العام اقبالاً كبيراً على شراء الأسلحة والتي بلغت اكثر من ضعف المعدل السنوي . ولا زالت هذه المحال حتى الآن تشهد اقبالاً كبيراً على شراء الأسلحة. فهل ستتغير لغة الحوار في اميركا اعتباراً من اقفال صناديق الاقتراع ؟ وهل هي مقدمة على مرحلة جديدة قد تشهد انقساماً وصراعاً داخلياً ؟.
لا يمكن إعطاء إجابة دقيقة على الا بعد انتهاء الانتخابات ومشاهدة ما يحصل. وان غداً لناظره لقريب.