وطنا اليوم:في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة بالتمهيد لرفع أسعار الكهرباء تحت مسمى “معالجة تشوهات التعرفة، أبدى مواطنون امتعاضهم من السياسة المعتادة للحكومات المتعاقبة باستهداف جيب المواطن كأسهل طريق لمعالجة اختلالاتها المالية.
ويرى مواطنون أن أي رفع لأسعار التعرفة لن يتوقف عند حدود فاتورة الكهرباء، بل سيتفاقم وصولا إلى جميع نواحي الحياة من خدمات وسلع.
وكان البنك الدولي أعلن في تقرير أصدره قبل نحو أسبوعين أن الحكومة وبموجب التزامها ببرنامج صندوق النقد الدولي “التزمت بخطة مدتها 3 سنوات ابتداء من العام 2021 لتعديل تعرفة الكهرباء لإيصال الدعم لمستحقيه وخفض التكلفة العالية على شركات الكهرباء”.
في هذا الخصوص، يقول كريم محمد (موظف قطاع خاص) إن الكهرباء ليست ترفا أو سلعة يمكن الاستغناء عنها وأن الأجدى بالحكومة تعويض خساراتها المالية من خلال سلع كمالية أخرى مثل الدخان والمشروبات الكحولية بدلا من خدمات وسلع تلمس قوت المواطن مباشرة.
ويشير إلى أن رفع أسعار الكهرباء لن يقف عند قيم الفواتير بحد ذاتها بل سيلحق كل شيء دون استثناء، وأن الأسعار أصلا مرتفعة في ظل ثبات الدخل خصوصا ما ألقت به إجراءات الحكومة في ظل “كورونا” على الدخول.
ويقول “إنه لم يعد بقدرتنا تحمل أي ارتفاعات، خصوصا وأن نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص رواتبهم مخصومة أصلا”.
وزير التخطيط الدكتور ناصر الشريدة، قال خلال مؤتمر صحفي نهاية الأسبوع الماضي، إن هناك عدة مقترحات في مجال الطاقة منها إعادة النظر في التعرفة القائمة وإعادة توجيه الدعم لمستحقيه، وتقوم الحكومة بدراسة السيناريوهات كافة، مؤكدا في ذلك الوقت أن “الهدف ليس زيادة (أسعار) الكهرباء وإنما إزالة التشوهات القائمة بالتعرفة وإعادة توجيه الدعم لمستحقيه”، مشددا على أن “أي إجراء من هذا القبيل لن يتأثر منه محدودي الدخل والفقراء”.
محمد عادل (موظف قطاع خاص) كان له رأي بأن المواطنين يتحملون أساسا أسعار كهرباء عالية، وأن أي زيادة جديدة لن يكون بالمقدور تحملها.
وتساءل “لماذا يكون جيب ودخل المواطن هو الطريقة الأسهل في كل مرة لتحل الحكومة مشاكلها الناتجة أصلا عن أخطاء سياساتها وقراراتها؟”.
ويرى سمير محمد (متقاعد من القطاع العام) أن راتبه التقاعدي بالكاد يغطي نفقات منزله حاليا ما بين إيجار وبدلات فواتير كهرباء ومياه وهواتف وإنترنت عدا عن متطلبات الطعام والشراب وغيره.
ويشير إلى أن أحد ابنائه فقد عمله بعد تسريحه من الشركة التي كان يعمل بها بسبب ظروف “كورونا” ما منعه من المساهمة في مصاريف المنزل، وأنه بات هو نفسه، أي ابنه، بحاجة لمصروف، فكيف سيكون الحال إذا زادت الأسعار والتكاليف أكثر؟
وكان عضو لجنة الطاقة النيابية، النائب ضرار الحراسيس، أكد أن اللجنة لن تقبل برفع أسعار الكهرباء أو إعادة توزيع الشرائح حسب ما تروج له الحكومة، مشيرا إلى أن أسعار الكهرباء في الأردن من الأعلى في العالم. وأضاف أن اللجنة لن تقبل بتوزيع الشرائح السابقة، وستصر على إبقاء شريحة الـ300 كيلو واط معفاة من فرق أسعار الوقود، مشيرا إلى أن غالبية الاستهلاك تكون في شريحة (301 – 600) كيلو واط، وهي التي تحاول الحكومة غض البصر عنها.
البنك الدولي بين في تقريره الأخير أن قطاع الكهرباء في الأردن يشكل مفارقة من ناحية الإصلاحات إذ حقق في السابق نجاحات في اجتذاب استثمارات جديدة من القطاع الخاص ثم تبع ذلك اختلالات اقتصادية كلية تتعلق بالاستدامة المالية وتراكم الدين.
وبين أنه نتيجة لخمسة وعشرين عاما من الإصلاحات يوجد في الأردن اليوم هيكلية غير مترابطة تضم مشتريا واحدا من سوق الكهرباء مع هيئة تنظيمية مستقلة ومشاركة القطاع الخاص في توليد وتوزيع الكهرباء وتركيبات هائلة لاستيعاب مصادر الطاقة المتجددة.
وقال: “قطاع الطاقة يشكل اليوم نحو 20 % من الدين العام بسبب مستويات الدين المترتبة على شركة الكهرباء الوطنية، حيث وصل تراكم ديون شركة الكهرباء الوطنية 7.18مليار دولار بفعل إقامة الأردن لاستثمارات كبيرة في قدرات التوليد الجديدة ابتداء من العام 2007 بغرض تلبية الطلب المتنامي وتعزيز أمن الطاقة الوطني”.