راما الجبالي _ وطنا اليوم
افتتح جلالة الملك الحسين رحمه الله مصفاة البترول الاردنية عام 1961 كشركة مساهمة عامة محدودة ذات امتياز .
فقد تشكلت الرؤى والتطلعات لدى وزارة الإقتصاد الوطني لتشييد مصفاة البترول منذ أكثر من نصف قرن ،ذلك لأن انشاؤها عمل على وقف الإعتماد الكامل على استيراد المشتقات النفطية ذات الكلفة العالية مما وفر مبالغ كبيرة من العملة الصعبة على الإقتصاد الوطني ، وأتاح فرصة عمل لآلاف الاردنين وفتح الباب أمام صناعات أخرى جديدة ، كما ساهم في دعم قطاعات إقتصادية هامة كالكهرباء والنقل والصناعة والإنشاءات .
وواصلت مصفاة البترول جهودها الذاتية لتطوير الأجهزة الفنية والهندسية ؛ لرفع الطاقة الإنتاجية لتصل 14 ألف طن في اليوم في 1998.
وبعلاقة طردية ، فكلما زاد الإنتاج والتخزين ازدادت نسبة الغازات السامة المنبعثة، فيزداد التلوث بشكل هائل في محيط المصفاة الذي يعد منطقة سكنية .
فتقع مصفاة البترول في لواء الهاشمية أحد ألوية الزرقاء الرئيسية ، المأهولة بالسكان ، فوصل عدد سكان اللواء 80 الف شخص بإحصائيات 2015 .
ومن منظور وزارة البيئة فتقع المصفاة ضمن ما بات يعرف رسميًا بإسم المثلث الساخن بيئياً : محطة الحسين الحرارية لإنتاج الكهرباء من الشرق ، المصفاة من الغرب ومحطة خرب السمرا لتنقية المياه العادمة . إلا أن المصفاة تعد الأكثر تلويثاً .
بتصريحٍ لمدير مديرية التفتيش وتفعيل القانون في وزارة البيئة المهندس عدنان الزواهرة قال إن سبب التلوث الرئيسي في المصفاة هو تأخر تركيب وحدة لإستخلاص الكبريت .وان السبيل الوحيد لتخفيف التلوث هو تركيب هذه الوحدة .
وقال عقلة الزيود بتصريح لمنصة أريج الإعلامية وهو رئيس سابق لبلدية الهاشمية أن المطالبات لتركيب وحدة استخلاص الكبريت بدأت منذ أكثر من 15 عام حيث كانت كلفتها لا تتجاوز الإثنين مليون دينار ، اما اليوم فكلفتها تصل الى 15 مليون دينار .
كل هذا التأخير بتركيب الوحدة جعل نسبة المصابين بمرض الإنسداد الرئوي في الزرقاء أعلى من العاصمة والسلط .
فيعد غاز ثاني أكسيد الكبريت أحد أبرز نتائج إحتراق مادة البترول ويؤدي بحسب منظمة الصحة العالمية الى أمراض في الجهاز التنفسي وقد تتطور الى أمراض في القلب وجلطات ووفاة في بعض الأحيان .
ويصف محمد السرابطة أحد سكان لواء الهاشمية الوضع البيئي بالحرب الكيماوية ، فالسكان معرضون بإستمرار لمخاطر التلوث البيئي والصحي نتيجة انبعاث غازات سامة .
وأضاف ، تم رفع قضية على مصفاة البترول في عام2011 ، بسبب ما وصفه بمغامرة بحياة المواطنين بهدف تحقيق أرباح مادية .وأشار السرابطة أن جمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة هي صاحبة القضية وبأخر تصريح لمديرها الدكتور أيوب ابو دية قال إن القضية تسير ضمن الإجراءات السليمة . ولم نستطع التوصل في هذا التقرير لنتيجة القضية .
ومن جهة اخرى قال الأستاذ رضا الزيود الرئيس السابق لبلدية الهاشمية أنه في عام 2015 قامت البلدية برفع قضية على المصفاة ؛لأخذ مستحقات مالية من المصفاة ولكن انتهت القضية لصالح مصفاة البترول وقامت البلدية بدفع مبلغ 30 ألف دينار للمصفاة .
وأوضح الزيود ، أن البلدية تقدم 130 دينار سنوي للبلدية يتم إقتطاع 20 الف دينار منها ضريبة مسقفات ، وبالحقيقة يجب ان تقدم المصفاة للبلدية سنوياً 10 مليون دينار.
وتابع أنه لا توجد حلول جذرية للمشاكل البيئية التي يعاني منها اللواء ، بالمقابل هناك حلول منها زراعة حدائق ، وتشغيل ابناء اللواء بالمصفاة ، تقديم المبلغ الكافي للبلدية لتمكنها من القيام بمهامها بشكل كامل مما يقلل من مشاكل اللواء .
فالمشاكل التي تسببها المصفاة تتحمل البلدية إصلاح جزء كبير منها وكل ذلك من ميزانية البلدية مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأعتبر الزيود المصفاة صديقة للواء ، وان وجودها سبق وجود معظم السكان ، وانهى حواره املاً بتحسين ادائها .
ويُذكر أن وزارة البيئة نسقت مع وزارة الطاقة ؛ لتقديم مخاطبة لرئاسة الوزراء عام 2008 ؛لإلزام المصفاة بتركيب وحدة لإستخلاص الكبريت ولكن تأخر دخول شريك إستراتيجي مع المصفاة حال دون تركيبها .
ونظراً لأنها المصدر البترولي الوحيد بالأردن اكتفت رئاسة الوزراء بإلزام المصفاة بتركيب الوحدة . كما ان المصفاة تقوم بعملية توسعة مدتها 15 عام فمن الممكن أن تشمل عملية التوسيع هذه تركيب وحدة لإستخلاص الكبريت .
نهاية تجادل مصفاة البترول بأنها ليست المصدر الوحيد لهذا التلوث في اللواء ، فكما ذكرنا يقع مثلث الخط البيئي الساخن بالهاشمية ، كما أن 2% من صناعة الأردن ترتكز باللواء . ولحل هذه المعضلة يجب أن تكون الجهود جميع الشركات والمصانع مشتركة .