ديمة الفواعير
مع بدء العد التنازلي لعملية الاقتراع في الانتخابات النيابية، ومع الانتشار المحموم للحملات الدعائية والإعلانية للمترشحين في مختلف مناطق البلاد، يتبين لنا وقبل أن يسوِّق كل مترشح نفسه أمام الجمهور وقبل أن يروج كل منهم لبرنامجه الانتخابي، مدى نزاهة كل مترشح، وهذا هو الأهم.
اليوم بدأنا نسمع عن انتشار إشاعة هنا ضد مترشح من مترشح منافس، كما بدأنا نسمع عن تخريب بعض الإعلانات وتمزيق صور بعض المترشحين حتى ولو كانت في حدود ضيقة وبسيطة، هذا الأمر وارد جداً في كل الانتخابات وفي كل دول العالم، لأن المنافسة لا تخلو في نهاية المطاف من كل هذه الانفعالات والغرائز وإرادة الفوز، والمترشح القوي هو من يدعو ويروج لنفسه ولبرنامجه الانتخابي دون الحاجة للاعتداء على غيره من المترشحين الآخرين. فإذا رأيتم مترشحاً يحاول أن يضرب منافسيه من تحت الحزام فهو ليس بالشخص المؤتمن على مستقبلكم ولا على سمعة ومستقبل المجلس.الفائز الحقيقى فى اي منافسة انتخابية هم اهل الدائرة، وذلك عندما تنتهى فترة نيابة من حاز على ثقتهم وتكون كافة الحلول المقترحة قد نجحت فى القضاء على اغلب مشاكل الدائرة، وهذا لا يتحقق ابداً بالمنافسة الإنتخابية التى تمتاز بالشراسة المبالغ فيها، فهى تترك جرحا غائرا فى نفوس المتنافسين، نتيجة للجوءهم لأساليب متدنية فى المنافسة، ستنتهى بفائز واحد فقط ابضاً ولكن بدائرة مشتتة، فيها نسبة من الناخبين يتم اقصاءهم من المساهمة والتعاون مستقبلا مع المرشح الفائز، نتيجة للتسفيه من اختياراتهم وتشويه مصداقية المرشح الذى نجح فى الحصول على ثقتهم، ولكنه لم يوفق فى اقناع الأغلبية من اهل الدائرة.
التنافس الشريف ليس إختيار بل هو توجه انسانى وحضارى طبيعى، يحذو حذوه كل من ارتقى بالممارسة السياسية وتفهم جوهرها ولم يختر ان يقتات على الفتات من منافعها، فالممارسة السليمة تحقق الفائدة وتعظمها لكافة عناصر المنظومة، وليس لشخص واحد قد ينتفع لحظيا ولكن سريعا ما تلفظه الفطرة الإنتخابية السليمة.