بسام الياسين
جلس ابو شكري في ” قرنة ” مظلمة من بيته المستأجر.اخذ يفكر بمستقبل صغاره.اين يذهب بهم بعد هذا العمر؟!. المُؤجر الجشع لا ينفك عن تهديده بالجرجره للمحكمة، ان لم يخلِ المأجور. الايجارات تضاعفت والقانون المعدل بصالحه. الراتب يتآكل كقطعة جبن محاطة بجيش من الفئران .صحن الحمص وبضع حبات فلافل ـ طعام العامة ـ بحاجة الى ميزانية. ابو شكري يعيش بين مزدوجين ” ضيق العيش وقلة المعاش “.باختصار هو في حالة احتضار .
عاد بالذاكرة للوراء. عندما ذهب لاستلام وظيفته، في وزارة متخمة بالموظفين ضاقت بنزلائها من ـ حمولة زائدة ـ،ما دفع المدير، لاصدار طلب شراء مستعجل، ل جديد للوافد الجديد، الحامل توصية من الوزير. تاخر وصول الكرسي، عدة اسابيع بسبب الروتين،ما اضطره للتسكع بين اروقة الوزارة.
استل سيجارة من علبة الدخان التي تتمرجل عليها الحكومات برفع سعرها،كلما زادت نفقاتها،وكأن الفقراء محرمٌ عليهم تعاطي اي متعة و لو كانت مسمومة، لكنه حمد الله انه لا يحتسي الخمرة الخاضعة للارتفاع ايضاً ،كلما دق الكوز بالجرة.اشعل سيحارته كانه يضغط على زناد بندقية، يصوبها على راسه. راح يسحب انفاساً عميقة، وينفثها في الهواء كاحلامه المتطايرة.
جلس في مكتبه دائم الاضاءة بسبب عتمته، فيما تفوح منه رائحة الملفات القديمة، مع ان الحكومة الكترونية. قبالته،عجوز، لم يبق على تقاعده اسابيع.بدل ان يكون وقوراً كما الكبار،فانه يستمتع بالتسفل اللفظي،ويطلق النكات البذيئة،كحالة تعويضية عن عجزه الذي لا يستحي ان يشكو منه لكل عابر سبيل بحثاً عن ـ وصفة سحرية ـ ليعود الشيخ الى صباه، مع انه احوج ما يكون الى سرير في العناية المشددة.
درامال مكتبية سوداء، تهون امام موقع طاولته، في مواجهة حمام الوزارة .فعلاوة عن رائحة الامونيا القادمة من مباول الرجال الجدارية،،تهب عليه بين الفينة و الاخرى، موجة من غاز الميثان الخانقة لندرة الماء،ناهيك ان الموظفين لا يحلو لهم غلق سحابات بنطاليهم الا امامه كأنه ” نكرة ”لا شيء يدعو للحياء منه.
قفزت امامه صورة ” احد اقرانه “ في المدرسة. كان محدود الذكاء،عُرِفَ بدلعه.اليوم بحركة من اصبعه يحرك الوزارة،و اشارة يحلق شارب ” اتخن زلمه”حيث،لكل شارب رجل مقصه ولكل حاجب امرأة ملقطه.تمتم ” ملعون ابوك يازمن .انهى دوامه وعاد لبيته مرهقاً من كابوس المكتب، مع انه لم يقم باي مجهود،رمى نفسه على الكنبة،و اخذ يدندن { عدت يا يوم مولدي …عدت ايها الشقي }،وفيما هو منسجم بالغناء،سحت دمعة ساخنة،استقرت على زاوية فمه.لعقها بطرف لسانه،الا انه بصقها لملوحتها.
لم ينهض الا على وقع ” خبطات ” قوية على الباب.ركض وكأن كارثة بانتظاره..فتحه، واذا بمرشح دائرته وبمعيته انصاره.رحب بهم،وباطنه “يلعن الطريق الي جابهم “.حشروا انفسهم في غرفة الضيافة حتى اضطر بعضهم للبقاء واقفاً،لان المساحة ضيقة والاثاث فقير.
بدء المستنوب ـ الدغري ـ حديثه:ـ لن اقول لك عندي خزائن الارض، افتحها للبؤساء امثالك، ،ولا املك ” قرون استشعار” تكشف ابار الغاز في بلادنا او القدرة على تحلية ماء العقبة.الكل يعرف لا ماء للزراعة،ولا تجارة تجلب العملة الصعبة،ولا مصانع تمتص البطالة.لكن برنامجي لو طُبق سيعم الخير .فبدلاً من زراعة البندورة ” الخمسة كيلو بدينار” و اعواد الملوخية حمل حمار بدينار، نزرع البانجو ” السيجارة” تساوي قنطار خضار.
عشبة الكيف هذه، تنتشر في المغرب العربي،تحديداً في الارياف ومناطق الجبال.المزارعون المنسيون من الدولة، يدّعون انهم يزرعونها ويسوقونها، لكنهم لا يتعاطونها لانها تدر عليهم ارباحاً مجزية وتخلصهم من فقرهم لكنهم لا يتعاطونها مخافة الله.منطق تبريري قبلته ام رفضته.هو الواقع المعاش هناك للخلاص من ضيق معيشتهم.
الملياردير المصري ساويرس اقترح على حكومته لسداد ديونها ،السماح بتعاطي البانجو وفرض رسوم جمركية لاسناد الخزينة المنهارة كما تفعل امريكا.تصور المعلم المصري { ياسر رشاد } الحاصل على لقب، افضل معلم في مصر لعام 2015 بعد خدمة 30 سنة؟.كانت جائزته الفضيحة ” شهادة استثمار ” بـ (30 ) جنيها ـ اي ثلاثة دولارات ـ بينما رقاصة تحصل على ثلاثة ملايين في السنة.
“العشبة ” لا ثير غضب الناس، كما ” فضيحة الكازينو “،ولا سخطهم على زراعة البلاد بالعنب كما طالب احدهم لتصدير النبيذ وجلب العملة الصعبة، لاننا ستزرع بين الخضار للتمويه.بعدها،سنصرف كوب حليب مجاني لكل مواطن :ـ ” من ضرع البقرة الى فم الاسرة “،ونحوّل مسابح الاغنياء الى برك لتربية الاسماك وبيعها بالتكلفة:ـ “من البركة الى المقلاة “.
فما رأيك بالفكرة الجهنمية التي تحلمشكلاتنا .تنحنح ابو شكري وقال :ـ ارجوك، لا تُسوّق علينا دجلك. الانسان كائن اخلاقي. اما جنوحك للبراغماتية النفعية، فتلك كارثة. انت مستعد لتدمير امة للوصول الى القبة. وعروف عنك انك تفضل مصالحك على وطنك واهلك.
قبل ان يكمل ابو شكري،حديثه التوبيخي للدغري،اندفع، فتى للغرفة ،صارخاً بانفاس متقطعة ” يابا…يابا ”…رد عليه ابو شكري بلهفة :ـ خير يا شكري . قال الفتى :ـ اولاد الحاره نفّسوا سيارة ” الدغري” اللي قاعد قبالك ” برغي ” لانه اكذب من مسيلمة الكذاب .
جلس ابو شكري في ” قرنة ” مظلمة من بيته المستأجر.اخذ يفكر بمستقبل صغاره.اين يذهب بهم بعد هذا العمر؟!. المُؤجر الجشع لا ينفك عن تهديده بالجرجره للمحكمة، ان لم يخلِ المأجور. الايجارات تضاعفت والقانون المعدل بصالحه. الراتب يتآكل كقطعة جبن محاطة بجيش من الفئران .صحن الحمص وبضع حبات فلافل ـ طعام العامة ـ بحاجة الى ميزانية. ابو شكري يعيش بين مزدوجين ” ضيق العيش وقلة المعاش “.باختصار هو في حالة احتضار .
عاد بالذاكرة للوراء. عندما ذهب لاستلام وظيفته، في وزارة متخمة بالموظفين ضاقت بنزلائها من ـ حمولة زائدة ـ،ما دفع المدير، لاصدار طلب شراء مستعجل، ل جديد للوافد الجديد، الحامل توصية من الوزير. تاخر وصول الكرسي، عدة اسابيع بسبب الروتين،ما اضطره للتسكع بين اروقة الوزارة.
استل سيجارة من علبة الدخان التي تتمرجل عليها الحكومات برفع سعرها،كلما زادت نفقاتها،وكأن الفقراء محرمٌ عليهم تعاطي اي متعة و لو كانت مسمومة، لكنه حمد الله انه لا يحتسي الخمرة الخاضعة للارتفاع ايضاً ،كلما دق الكوز بالجرة.اشعل سيحارته كانه يضغط على زناد بندقية، يصوبها على راسه. راح يسحب انفاساً عميقة، وينفثها في الهواء كاحلامه المتطايرة.
جلس في مكتبه دائم الاضاءة بسبب عتمته، فيما تفوح منه رائحة الملفات القديمة، مع ان الحكومة الكترونية. قبالته،عجوز، لم يبق على تقاعده اسابيع.بدل ان يكون وقوراً كما الكبار،فانه يستمتع بالتسفل اللفظي،ويطلق النكات البذيئة،كحالة تعويضية عن عجزه الذي لا يستحي ان يشكو منه لكل عابر سبيل بحثاً عن ـ وصفة سحرية ـ ليعود الشيخ الى صباه، مع انه احوج ما يكون الى سرير في العناية المشددة.
درامال مكتبية سوداء، تهون امام موقع طاولته، في مواجهة حمام الوزارة .فعلاوة عن رائحة الامونيا القادمة من مباول الرجال الجدارية،،تهب عليه بين الفينة و الاخرى، موجة من غاز الميثان الخانقة لندرة الماء،ناهيك ان الموظفين لا يحلو لهم غلق سحابات بنطاليهم الا امامه كأنه ” نكرة ”لا شيء يدعو للحياء منه.
قفزت امامه صورة ” احد اقرانه “ في المدرسة. كان محدود الذكاء،عُرِفَ بدلعه.اليوم بحركة من اصبعه يحرك الوزارة،و اشارة يحلق شارب ” اتخن زلمه”حيث،لكل شارب رجل مقصه ولكل حاجب امرأة ملقطه.تمتم ” ملعون ابوك يازمن .انهى دوامه وعاد لبيته مرهقاً من كابوس المكتب، مع انه لم يقم باي مجهود،رمى نفسه على الكنبة،و اخذ يدندن { عدت يا يوم مولدي …عدت ايها الشقي }،وفيما هو منسجم بالغناء،سحت دمعة ساخنة،استقرت على زاوية فمه.لعقها بطرف لسانه،الا انه بصقها لملوحتها.
لم ينهض الا على وقع ” خبطات ” قوية على الباب.ركض وكأن كارثة بانتظاره..فتحه، واذا بمرشح دائرته وبمعيته انصاره.رحب بهم،وباطنه “يلعن الطريق الي جابهم “.حشروا انفسهم في غرفة الضيافة حتى اضطر بعضهم للبقاء واقفاً،لان المساحة ضيقة والاثاث فقير.
بدء المستنوب ـ الدغري ـ حديثه:ـ لن اقول لك عندي خزائن الارض، افتحها للبؤساء امثالك، ،ولا املك ” قرون استشعار” تكشف ابار الغاز في بلادنا او القدرة على تحلية ماء العقبة.الكل يعرف لا ماء للزراعة،ولا تجارة تجلب العملة الصعبة،ولا مصانع تمتص البطالة.لكن برنامجي لو طُبق سيعم الخير .فبدلاً من زراعة البندورة ” الخمسة كيلو بدينار” و اعواد الملوخية حمل حمار بدينار، نزرع البانجو ” السيجارة” تساوي قنطار خضار.
عشبة الكيف هذه، تنتشر في المغرب العربي،تحديداً في الارياف ومناطق الجبال.المزارعون المنسيون من الدولة، يدّعون انهم يزرعونها ويسوقونها، لكنهم لا يتعاطونها لانها تدر عليهم ارباحاً مجزية وتخلصهم من فقرهم لكنهم لا يتعاطونها مخافة الله.منطق تبريري قبلته ام رفضته.هو الواقع المعاش هناك للخلاص من ضيق معيشتهم.
الملياردير المصري ساويرس اقترح على حكومته لسداد ديونها ،السماح بتعاطي البانجو وفرض رسوم جمركية لاسناد الخزينة المنهارة كما تفعل امريكا.تصور المعلم المصري { ياسر رشاد } الحاصل على لقب، افضل معلم في مصر لعام 2015 بعد خدمة 30 سنة؟.كانت جائزته الفضيحة ” شهادة استثمار ” بـ (30 ) جنيها ـ اي ثلاثة دولارات ـ بينما رقاصة تحصل على ثلاثة ملايين في السنة.
“العشبة ” لا ثير غضب الناس، كما ” فضيحة الكازينو “،ولا سخطهم على زراعة البلاد بالعنب كما طالب احدهم لتصدير النبيذ وجلب العملة الصعبة، لاننا ستزرع بين الخضار للتمويه.بعدها،سنصرف كوب حليب مجاني لكل مواطن :ـ ” من ضرع البقرة الى فم الاسرة “،ونحوّل مسابح الاغنياء الى برك لتربية الاسماك وبيعها بالتكلفة:ـ “من البركة الى المقلاة “.
فما رأيك بالفكرة الجهنمية التي تحلمشكلاتنا .تنحنح ابو شكري وقال :ـ ارجوك، لا تُسوّق علينا دجلك. الانسان كائن اخلاقي. اما جنوحك للبراغماتية النفعية، فتلك كارثة. انت مستعد لتدمير امة للوصول الى القبة. وعروف عنك انك تفضل مصالحك على وطنك واهلك.
قبل ان يكمل ابو شكري،حديثه التوبيخي للدغري،اندفع، فتى للغرفة ،صارخاً بانفاس متقطعة ” يابا…يابا ”…رد عليه ابو شكري بلهفة :ـ خير يا شكري . قال الفتى :ـ اولاد الحاره نفّسوا سيارة ” الدغري” اللي قاعد قبالك ” برغي ” لانه اكذب من مسيلمة الكذاب .