وطنا اليوم – طرق صناع الأردن، سنديان الإنتاج باكرا، فبعد اعوام قليلة من تأسيس الإمارة، كانت “أدخنة” المعامل والمصانع رغم تواضعها تتصاعد، منذرة بولادة صناعة وطنية من رحم التحديات، والسنوات العجاف التي كانت تعيشها البلاد.
ومخرت الصناعة الأردنية عباب الصعاب متسلحة بسواعد تؤمن بان التحديات تصنع الفرص، ما جعلها تشكل ربع الناتج المحلي الاجمالي وترفد المملكة بما قيمته 9 مليارات دولار سنويا من العملات الأجنبية، وتشغل 20 بالمئة من اجمالي القوى العاملة يعملون في 18 ألف منشأة تنتشر في ربوع المملكة.
والمنتج الصناعي الأردني اليوم من الادوية والالبسة والاغذية والمعدات الهندسية والمجوهرات والبلاستيك والاثاث ومستحضرات التجميل والكيماويات، يتموضع في أمكنة مرموقة على الأرفف او في صالات متاجر عالمية بالولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وافريقيا وكندا وصولا لبلاد السامبا، إضافة إلى الدول العربية.
واكد رئيس جمعية المصدرين الاردنيين المهندس عمر ابو وشاح، الذي يعتبر شاهد عصر على تطور الصناعة الأردنية، ان الاقتصاد الوطني كان في بداياته يعتمد على الزراعة والثروة الحيوانية وحرف محدودة وبدائية، فيما الصناعة كانت محدودة وتقتصر على قطاعات غذائية بسيطة وصناعات اخرى، الا ان الصناع حفروا بالصخر ليكون لدى البلاد صناعة وطنية بامتياز.
وقال ان الصناعة في بدايات قيام المملكة لم تكن جزءا اساسيا من الاقتصاد الوطني ولكن مع مرور الوقت اشتد عودها وأخذت عجلة انتاجها تدور “وبدأنا نسمع هديرا للمصانع”، وفي نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات من القرن الماضي بدأت تتشكل هوية الصناعة الأردنية مع تأسيس المدن الصناعية المتعددة وتوطين الصناعات.
واضاف ابو وشاح في حديث لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، ان الصناعة الأردنية خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي لم تكن فقط لغاية تلبية احتياجات السوق المحلية انما كان هناك صناعات تمتلك طاقات تصديرية حيث ساعد ذلك بشكل كبير على تطورها ونموها مع الانفتاح على السوق العراقية في تلك الحقبة.
واوضح ان تطور الصناعة في الاردن وطفرتها في المئوية الاولى كان خلال آخر 40 عاما كما يقول شريط الذكريات المحفور في ذاكرة الصناعيين، اي منذ بداية ثمانينات القرن الماضي لناحية تطورها من زراعية ريفية رعوية الى صناعية تجارية وخدمية.
وينتج الاردن اليوم 1200 سلعة من إجمالي 5200 سلعة منتجة ومتداولة حول العالم، أي ما يعادل نحو 30 بالمئة من إجمالي السلع المنتجة عالميا، فيما تحتل المملكة المرتبة 93 بين الدول المنتجة والمصدَرة للسلع.
واشار ابو وشاح الذي يشغل كذلك منصب نائب رئيس مجلس ادارة شركة (بترا) للصناعات الهندسية، الى إن جودة منتجات الصناعة الاردنية تنافس اليوم دول العالم واستطاعت ان تجد لها مكانا مرموقا باسواق العالم، مؤكدا “صناعتنا مستقبل اقتصاد بلدنا واجيالنا”.
وبين ان الاقتصاد الوطني في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني بات وجه الأردن الحضاري سواء من ناحية الصناعة والتجارة والخدمات والتعليم والصحة والبنية التحتية والانفتاح على العالم الخارجي.
وقال “من ينكر الانجازات والتطور الذي حققه الاردن خلال المئوية الاولى من عمر الدولة في مختلف المجالات يعتبر جاحدا”، مؤكد ان الاردن بفضل الجهود التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني اصبح له مكانة مرموقة على خارطة الاقتصاد العالمي.
وبين ان منتجات الصناعة الاردنية باتت تصل اليوم لنحو 140 دولة حول العالم وبجودة عالية واسعار منافسة بفضل توقيع اتفاقيات ثنائية وجماعية للتجارة الحرة، وفي مقدمتها الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وتحرير التجارة مع الولايات المتحدة وكندا، بالاضافة للشراكة الأوروبية المتوسطية واتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى.
ولفت الى ان الصادرات الصناعية الأردنية التي تشكل اليوم 90 بالمئة من الصادرات الكلية للمملكة لم تكن تتجاوز قيمتها 500 مليون دينار خلال أواخر القرن الماضي فيما وصلت حاليا لأكثر من 5 مليارات دينار، وباتت الصناعة تشكل ربع الناتج المحلي الاجمالي.
واكد ابو وشاح ان الصناعة تعتبر مستقبل الاقتصاد الوطني وهي الحل لتوفير المزيد من فرص العمل والتوسع بالانتاج وزيادة الصادرات ورفد احتياطي المملكة من العملات الاجنبية والاعتماد على الذات.
واشار الى وجود فرص حقيقية وكبيرة امام القطاع الصناعي من خلال انتاج سلع ذات جودة عالية ومنافسة بالاسواق التصديرية، مطالبا بضرورة اعادة النظر بأثمان الطاقة واجور الشحن لتخفيف كلف التشغيل وتوسيع حصة المنتج الأردني بالسوق المحلية.
وشدد على أهمية البناء على هذه الانجازات والعمل بجدية لمواجهة التحديات وجذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل، باعتبار ذلك مسؤولية وطنية يجب أن يتحملها القطاعين العام والخاص لتجاوز التحديات والصعوبات التي تعترض قطاع الأعمال والانتاج بالمملكة.
وقال ابو وشاح ان الجمعية التي تأسست عام 1988، اخذت على عاتقها توفير الدعم المناسب للصناعيين لتصدير منتجاتهم وتقديم الخدمات المناسبة لهم للمساهمة في تنمية صادرات المملكة الصناعية وتوفير المناخ الملائم لتبادل خبرات رجال الاعمال بمجالات التصدير، بالإضافة لترويج المنتجات الأردنية بمختلف الاسواق العالمية والمشاركة بالمعارض الدولية.
— (بترا)