أسرار “باسم عوض الله” في وثائق ويكليكس

8 أبريل 2021
أسرار “باسم عوض الله” في وثائق ويكليكس

وطنا اليوم – خاص- تبدأ وطنا اليوم بنشر سلسلة حلقات تتعلق بالوزير ورئيس الديوان الملكي السابق، باسم عوض الله، الذي أثار جدلا كبيرا عندما اعتقل مؤخراً.

حيث أن حالة الجدل التي تحيط بشخص عوض الله ليست جديدة، بل تعود كما رصدت وطنا اليوم لأكثر من عقدين من الزمن عندما انخرط في العمل السياسي.

حيث عمل عوض الله بعد تخرجه في مجال الاستثمارات المصرفية في المملكة المتحدة حتى عام 1991، لكن مدخله إلى عالم السياسية في الأردن كان في عام 1992، عندما تولى منصب السكرتير الاقتصادي لرئيس الوزراء الأردني حتى عام 1996. ثم عُين بعد ذلك مستشارا اقتصاديا لرئيس الوزراء، بين عامي 1996 و1999.

وخلال تلك المرحلة تشعبت فيها علاقات عوض الله في القصر والحكومة. إذ انتقل للعمل في الديوان الملكي كمدير للدائرة الاقتصادية بين عامي 1999 و2001.

وشغل كذلك عدة حقائب وزارية، وزارة التخطيط بين عامي 2001 و2003، ثم وزيرا للتخطيط والتعاون الدولي بين عامي 2003 و2005، ثم عُيّن وزيرا للمالية في نيسان عام 2005.

وكان عوض الله وراء الكثير من برامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد، وأدار السياسات الاقتصادية في المملكة لسنوات، ما جعله هدفا للكثير من الانتقادات، خاصة في ما يتعلق بسياسات الخصخصة.

وانتقل مرة أخرى للديوان الملكي، حيث شغل منصب مدير مكتب الملك عبدالله بين عامي 2006 و2007، ثم رئيسا للديوان الملكي عام 2007.

واستقال عوض الله من منصبه الأخير بعد أقل من سنة، في 30 سبتمبر 2008 لأسباب غير معروفة.

عوض الله في وثائق ويكليكس 

وتكشف وثائق ويكيليكس أن عوض الله تحول في هذه الفترة من شاب ذو مستقبل واعد، يجري إعداده لرئاسة الوزراء، إلى عبء على المؤسسة السياسية والملكية بسبب الجدل الذي أحاط بشخصه وسياساته.

وذكرت وثيقة رصدتها وطنا اليوم  ترجع إلى مارس 2007 أن عوض الله من بين الرموز الفلسطينية التي أصبح لها دور كبير في السياسة الأردنية وإدارة البلاد، وهو ما أثار حفيظةبعض القوى السياسية.

ووصفت الوثيقة عوض الله بأنه محل هجوم كبير من “مناهضي الفلسطينيين ومناهضي الإصلاح”، وقالت إن الهجوم على عوض الله “أصبح يستهدف شخصه أكثر من سياساته”.

واتهمت النائبة البرلمانية آنذاك، ناريمان الروسن، عوض الله صراحة بالتورط مع شركة “داوود وشركاه” المملوكة لأحد أقاربه. وكانت الشركة متهمة بالإتجار في البشر، إذ أُدينت باستقطاب العمالة النيبالية للعمل في الأدرن، ثم تهريبها إلى العراق للعمل في قاعدة “عين الأسد” التابعة للقوات الأمريكية.

ودعت الروسن الحكومة لفتح تحقيق في المسألة والكشف عن الحقائق. وبرزت تساؤلات عن مصدر ثروة عوض الله التي بلغت آنذاك 11 مليون دينار أردني، في حين أنه بدأ عمله كموظف في رئاسة الوزراء براتب 600 دينار.

لكن السفير الأمريكي في الأردن بيكروفت ذكر في الوثيقة أن عوض الله أوضح له أن كل استثماراته خارج الأردن، وأنه باع حصته في شركة يملكها أخوه في عام 1998.

لكن هذه لم تكن الأزمة الوحيدة التي أحاطت بعوض الله في هذا الوقت، إذ كشفت الوثيقة وجود شائعة عن توقيعه “وثيقة تفاهم” مع كبير المفاوضين الفلسطينيين الراحل صائب عريقات ليست بالضرورة في صالح الأردن.

لكن وزير الخارجية الأردني آنذاك، صلاح البشير نفى وجود مثل هذه الوثيقة، وقال إن القضية الفلسطينية لن تُحل على حساب الأردن.

وكشفت وثيقة لاحقة على لسان رئيس الوزراء آنذاك، عبدالكريم الكباريتي إنه يجب النظر لعوض الله، ليس مجرد غطاء أمني”.

لكن واقعة بعيدة تماما عن السياسة أنهت مستقبل عوض الله السياسي في الأردن، إذ اتُهم في أغسطس 2009 بضرب زوجته ضربا مبرحا أدى إلى إيداعها المستشفى. وانفصل الزوجان لاحقا في سبتمبر من العام نفسه بعد زواج دام أربعة أشهر فقط.

ولم تكن هذه هي الزيجة الأولى لعوض الله، إذ عقد قرانه في في مارس 2008 على ريما صيام، وهي من أصول فلسطينية كانت تعمل في شركة أرامكو السعودية. لكن الزواج لم يكلل بالنجاح.

وذكرت وثيقة ويكيليكس، الصادرة عن السفير الأمريكي بيكروفت في 2 سبتمبر 2009، كما رصدت وطنا اليوم بإن واقعة الضرب والانفصال هذه قوضت فرصة عوض الله للعودة للعمل السياسي وترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، وإن تأثيرها يمتد ليطال التيار الإصلاحي الذي ينتمي إليه عوض الله بأسره.

وطالما قدم عوض الله نفسه كوجه للإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن، وكانت له مواقف معارضة للتيار الإسلامي، ومناهضة لتدخلات إيران ومحاولتها بسط نفوذها في المنطقة، خاصة على دول الخليج. وكان يرى أن التيارات الإسلامية وإيران يستغلان القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية.

ربما أدرك عوض الله آنذاك تلاشي آماله في العمل السياسي المباشر في الأردن، فانتقل إلى دبي حيث عُيّن عضوا في مجلس إدارة “كلية دبي للإدارة الحكومية” عام 2008.

كما أسس في دبي شركته “طموح” التي يرأس إدارتها حتى الآن.

وساعدت شبكة العلاقات الكبيرة التي تمتع بها عوض الله في خلق فرص جديدة له في عالم الأعمال والاقتصاد، إذ عُيّن عضوا في مجلس إدارة مجموعة البركة المصرفية في البحرين عام 2010.

كما أنه شريك لعدد من المستثمرين السعوديين في البنك الوطني العربي، وهو نائب رئيس مجلس إدارة البنك العربي في الأردن.

وشغل كذلك عددا من المناصب الشرفية، من بينها مقعد الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود للزمالة الزائرة في مركز الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد عام 2010، وكذلك أمينا عاما للغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة في العام نفسه.

وفي العام التالي، 2011، أصبح عضوا في مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. ثم عضوا لمجلس أمناء جامعة القدس في 2014.

وتشير التقارير إلى أن عوض الله عمل مستشارا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في السنوات الأخيرة، وأنه كان العقل المدبر وراء عمليات الخصخصة التي طالت شركة أرامكو في الفترة الأخيرة.

وكانت هذه الصلات وراء التكهنات بوجود دور للسعودية في الأزمة الأخيرة، وبأن عوض الله يحمل جواز سفر سعودي. وذكرت تقارير إعلامية أن الوفد السعودي الذي زار عمّان في السادس من أبريل الجاري طلب من السلطات الأردنية تسليم عوض الله ليعود مع الوفد على نفس الطائرة إلى السعودية.