المعاهدة الامريكية- الاردنية في الميزان

21 مارس 2021
المعاهدة الامريكية- الاردنية في الميزان

بقلم:د. عادل يعقوب الشمايله

ثار لغط كثير ولا يزال حول المعاهدة التي من المُقررِ أن تنظم التواجد الامريكي “القديم” في الاردن كما يعلم الجميع. واصبحت ميداناً جديدا لاستعراض العنتريات الوطنية من قبل افراد وجهات، البعض منهم ومنها يرتبط بأوثق العرى مع قوى اجنبية وتيارات خارجية لم ولا تنوي الخير للاردن، ولم تقدم خيرا للاردن في أي يوم من الايام. وبعضهم، وبعضها مُستغفلٌ بجهله أو بعاطفته. بعضها لا ينبس باعتراض على تواجد القوات الامريكية في قطر والصومال وتركيا.
-تتواجد القوات الامريكية بترحيب بالغ وغاية الامتنان والحرص على بقائها في معظم دول العالم، ومن بينها دول عظمى أو كانت عظمى. فهي متواجدة في معظم الدول الاوروبية وخاصة المانيا وتركيا. ومتواجدة في اليابان وفي كوريا الجنوبية وتايوان، إضافة الى دول الخليج ودول افريقية وامريكية جنوبية.
هذا اولا.
ثانيا. امريكا هي اكبر دولة مانحة ماليا وعسكريا للاردن. هي من تزود الجيش الاردني وقوى الامن الداخلي بالسلاح والذخيرة وقطع الغيار. وهي من تدربهم على استخدامها وعلى استراتيجيات الحروب وفنونها، واخلاقياتها. وبالتالي هي اكبر موظف للشباب الاردني.
لذلك لا توجد اسرار عسكرية اردنية معرضة للخطر.
امريكا ومعها دول الاتحاد الاوروبي، هي التي تبني المدارس والعيادات ودور القضاء. وتدرب القضاة، وتبحث عن المياه وتساعد في صيانة مصادرها وشبكة توزيعها. بسبب همالة الحكومات الاردنية المتعاقبة، اصبحت امريكا، حكومة ومنظمات، وحلفائها الاوروبيين، هم من يدير ويمول الوزارات والمشاريع التي تقام على الاراضي الاردنية ومن يخلق فرص عمل للاردنيين في هذه المشاريع.
وامريكا هي من يكفل الحكومة الاردنية لتمكينها من الحصول على القروض بفوائد قليلة، بعد ان تجاوز الدين العام حاجز الامان للمقرضين الخارجيين.
وامريكا هي من يضغط على دول البترول لتقدم مساعدات مالية للاردن ولتفتح المجال للعمالة الاردنية.
لذلك تستحق امريكا الشكر، لا السباب.
ثالثا: امريكا دولة لها مصالح. ولكنها ليست دولة استعمارية على الاطلاق. امريكا هي من كنست الاستعمار البريطاني من مصر وعدن والخليج وليبيا رغم انف تشرشل ومن جاء بعده. وهي من دعمت الاردن لاخراج كلوب افندي وبقية الضباط الانجليز. وهي من كنست الاستعمار الفرنسي والايطالي من الاراضي العربية، ليس فقط من اجل عيون العرب، ولكن تطبيقا لمبادئها. وهي ترفض الاستعمار اينما كان. لأنها تأسست بموجب ثورة على الاستعمار البريطاني الذي ذاقت منه الأمرين. وها نحن نراقب ونشاهد كيف يتبارى الرؤساء الامريكيين من الحِزبينِ أثناء الانتخابات على التعهد بسحب أو تقليص القوات الامريكية من الاماكن التي تتواجد فيها. امريكا دولة مصابة بسرطان الانعزالية وليس التوسع والتدخل. أَلمْ تتوسل كافة القوى العربية والاسلامية لامريكا لارسال قواتها لإنقاذ الشعب السوري من أبناءه واشقائه؟
-الالاف من الاردنيين يذهبون للدراسة والتدريب في الجامعات والمعاهد الامريكية وبتمويل امريكي، ليعودوا الى وطنهم باحدث العلوم والنظريات التي تُطورُ امريكا، ولكنها توئد في بلادنا.
-هناك عشرات الالاف من الاردنيين يعيشون في امريكا، يتاجرون ويستثمرون ويعملون وبعضهم احتل أو يحتل مواقع متقدمة وحساسة في الادارة الامريكية.
-تستطيع القوات الامريكية المتواجدة في السعودية واسرائيل والعراق وسوريا وتركيا ان تحقق المصالح الامريكية وأن تستغني عن التواجد على الاراضي الاردنية دون أن يُخلَّ ذلك بفاعليتها واستراتيجيتها. بمعنى أنَّ تواجدها في الاردن هو مجرد زيادة خير، وهو لملئ الفراغ. وكما هو معروف أن الطبيعة ترفض الفراغ. ومنطقتنا العربية من المحيط الى الخليج منطقة فراغ رغم كل العنتريات الاعلامية الموجهة للاستهلاك المحلي.
ما تقدم ذكره، لا يعني أنني اوافق على معاهدة مع امريكا أو غيرها، تجلب الشرور لبلادنا. ليس هناك ما يمنع من تدقيق الاتفاقية وتنقيتها من الشوائب ، وان تنتهي مدة بقاء القوات الامريكية عندما تملي المصلحة الوطنية ذلك دون الاضرار بمصالح صديق قدم لنا الكثير.
وأخيرا، علينا أن لا نصدق ببراءة وسذاجة ما تزوره في عقولنا وقلوبنا كتب بعض العرب تأليفا او ترجمة محرفة، تجعلنا في حالة صدام مع العالم بدل أن نكون في حالة عشق مع الانسانية التي خلقها الله الذي قضى بأن نكون شعوبا وقبائل متآلفة ومتعاونة على الخير ، لا متعدية ولا متربصة ولا مُفَرِطةً في الآن ذاته.
كما ارجو أن تتأكدوا أن الامريكان لم يطلبوا مني أن اكون عميلا لهم اثناء دراستي الماجستير والدكتوراه في احدى جامعاتهم وعلى نفقتهم من برنامج المعونات الفنية عندما كنت اعمل في دائرة الموازنة العامة. ولم يدخلوني في الماسونية. والا لكنت وزيرا عتيقا ورئيسا للوزراء.