بقلم : ردينة قرالة
كانت قد هربت من ملجأ زجت
اليه عنوة بثياب مرقعة وحذاء لا يستر الا وجه قدميها ،اما من الأسفل فقد كان الشوك والاسفلت والحصى هو نعل الحذاء …سارت وسارت وهي تلتفت للوراء تارة وعينها على قادم الطريق ماذا يكون…كان الجوع قد اخذ منها مأخذا عظيما؛ ومع كل هذا كان الظلم الذي تعرضت له أشد من وخزات الجوع التي لم تعد تفتك بمعدتها فحسب بل ان احشاءها الداخلية كلها قد تآمرت عليها وكادت ترجعها ادراجها ؛ لولا أنها تذكرت أن الموت أرحم مما كانت تعيشه!!
ظلت تحث الخطى وتأمل نفسها أن الحرية تستحق هذه المغامرة وأن الكرامة باهضة الثمن!!
خرجت من ذلك الميتم قبل شروق الشمس وهاهي الشمس توشك أن تغيب ولا شيء سوى أن الطريق تأخذها للمجهول….والجوع يقاتلها كأشرس عدو قد يواجهه شجاع؛ ومع ذلك ضلت تزحف حتى بان لها شعاع أمل أعاد لها ما فقدت من طاقة ورغبة في المسير!!
انها الغابة …الغابة التي طالما حلمت أن تكون مسكنها…فسكنى مع الحيوانات أرحم من بعض البشر!!
وحينما دخلت بوابة الغابة شعرت أن طيور عملاقة تحملها وتطير فيها لتريحها من عناء الرحلة!!
استقبلتها الشجرة الام وجعلت من ساقها سريرا وثيرا ومن اغصانها ووريقات اشجارها وسادة تعادل وسادة الاحلام؛ ولشدة الانهاك والتعب نامت كمن لم ينم سابقا!!
وحينما رأت العصافير ثوبها الممزق وحذاءها المهتريء ذهبت الى دودة القز واخبرنها بحالة الضيفة الجديدة التي حلت على الغابة كلاجيء من ظلم البشر!!
ابتسمت دودة القز وامرت صديقاتها بنسج اجمل ثوب قد ترتديه فتاة…فكان ذلك الامر بسرعة تعادل سرعة الضوء….ثم جمعت السناجب بعض الجذوع القديمة وبدأت تقرضها لتصمم لتلك الفتاة أجمل حذاء وكانت حشوته ما تبقى من حرير ذلك الثوب الانيق.. والذي كان لونه يشبه لون الغابة في الربيع…لتكون رسالة لتلك الفتاة 《ابتدأ ربيعك من هذه اللحظة》
اجتمعت الحيوانات فعدلن من هيئة تلك الفتاة وجمعن لها من طيبات الغابة ووضعنه امامها حتى اذا ما استيقظت وجدت كل شيء معد!!
وتستيقظ الفتاة …وتدور حول نفسها تبحث عنها…تنادي فتكتشف ان الصوت يخرج من حنجرتها…تنظر حولها…ما كل هذا الجمال…من صنع كل هذا…هل هذه أنا؟!!
تناديها الشجرة الام بصوت حان نعم يا ابنتي انت تلك الفتاة ولكن لان الله لم يزرع في نفوسنا الا الحب والحنان كنت لك اما وكانت الغابة لك سكنا وسكان الغابة أهلا!!
فأهلا بك بيننا تصلحين ولا تفسدين…تعيشين بحب لا ينازعه كره او بغض…وتتقبلين قوانين الغابة وتحافظين على دستورها!!
ابتسمت الفتاة وقالت: يا مرحبا ب #عدل طال شوقي اليه؛ #وحرية كنت ادفع الغالي والثمين لأنالها؛ #ومساواة كنت أظن أنها ماتت واندثرت!!