عودة الهيبة لرقابة الدولة… مطلب وطني لا يحتمل التأجيل

20 ثانية ago
عودة الهيبة لرقابة الدولة… مطلب وطني لا يحتمل التأجيل

وطنا اليوم _

بقلم: سليمان عطالله الضمور / رئيس تجمع أبناء محافظة الكرك

لم تكن وزارة الصناعة والتجارة، ولا المديرية العامة للتموين، ولا أجهزة مراقبة الأسعار وضبط الجودة وحماية المستهلك مجرد مؤسسات روتينية في سابق السنين؛ بل كانت سياجاً حقيقياً يحمي المواطن ويضبط إيقاع السوق بصرامة وعدالة.

كان المستهلك يشعر يومها بأن الدولة تقف على بوابة رزقه، تسند حاجته، وتراقب من يعبث بقوت بيته. فلم يكن هناك من يتجرأ على مخالفة إلا ونال عقوبة رادعة، توقفه عند حدّه وتعيد التوازن للسوق.

ولكن…

ما إن تراخت المسؤولية وتراجعت الحصانة الرقابية، حتى انفلتت الأسعار، وانكشفت شراكات مبطَّنة بين بعض النافذين وبعض التجار، شراكات لم ترحم الوطن ولا المواطن، ولم تحمل من المسؤولية إلا اسمها.

ترِكَت الأسواق لمصيرها، وغابت الإدارات المعنية، وتحوّل المشهد من اقتصاد يُدار بعقل الدولة إلى ساحة مفتوحة لجشع المصالح الخاصة.

فأصبح المجتمع يترنّح بين طبقتين:

طبقة تتضخم ثرواتها بلا حدود، وطبقة تئنّ تحت ثقل الجوع والفقر، فيما الطبقة الوسطى تلاشت بينهما حتى أصبحت أثراً بعد عين.

لقد تكوّن هذا الاختلال الاجتماعي والاقتصادي عبر عقود من التخلي الحكومي عن حماية المستهلك وترك الساحة مفتوحة أمام تاجرٍ شريك وموظفٍ فاسد وصاحب قرار يمنح الضوء الأخضر لمن يعبث بقوت الناس.

ومع تضاعف الضرائب وتنوعها وتثاقلها على المواطن، لم يطرأ أي إصلاح اقتصادي يعيد العدالة أو يعالج التهاب الأسعار، فبقي المستهلك في صراع يومي مع الحياة، يعدّ الأيام وكأنها عدٌّ تنازلي نحو فقدان القدرة على التعافي.

ومن هذا المنطلق…

نطالب الحكومة بإعادة وزارة التموين وتفعيلها بقوتها وصلاحياتها القديمة، لتستعيد دورها الحاسم في ضبط الأسعار، ورفع جودة السلع، وحماية المواطن من فوضى السوق، كما كانت في الزمن الذي شعر فيه الناس بالعدالة والطمأنينة.

كما نطالب بفتح باب التنافس بين المستوردين الشرفاء، بعيداً عن الاحتكار والتحالفات الخفية، ليعود المواطن قادراً على شراء حاجاته بأسعار عادلة وفي متناول الجميع.

إن حماية المستهلك ليست ترفاً، وليست خياراً سياسياً، بل حقٌ أصيل وأولوية وطنية لا يجوز التفريط بها، لأنها حجر الأساس في استقرار أي مجتمع واقتصاد.