أيها الشيوخ والواعظون… الشعب تُنشرون ذنوبه في السوق ..وذنوب الدولة في الصندوق!

48 ثانية ago
أيها الشيوخ والواعظون… الشعب تُنشرون ذنوبه في السوق ..وذنوب الدولة في الصندوق!

بقلم الدكتور ابراهيم النقرش

في زمنٍ امتلأ بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية، ومع اشتداد حاجة المواطن إلى من يأخذ بيده ويذكّره بالعدل والرحمة والحق، يبرز سؤال كبير لا بدّ أن يُطرح: أين دور المشايخ والوعّاظ والمؤسسات الدينية في القيام بواجبهم الشرعي والوطني بالنصح والتناصح للدوله بتلازميه تخادميه بجرأة الحق وطهره ؟
ولماذا بات خطابهم يدور في حلقة مغلقة، لا يخرج عن أحكام الطهارة والحيض والنفاس ومبطلات الصوم…، بينما واقع الناس يموج بقضايا أخطر وأعمق؟
لقد تحوّل الوعظ – عند الكثيرين – إلى وظيفة شكلية، تُكرَّر فيها الموضوعات ذاتها حتى ملّ الناس سماعها. دينٌ كاملٌ شاملٌ للحياة كلّها يُختزل إلى موضوعات فقهية أساسية لا خلاف على أهميتها، لكنها ليست كل الدين ولا روح رسالته.
المفارقة التي يراها الناس بوضوح هي أن الوعّاظ لا يترددون في الحديث عن أخطاء المواطنين الصغيرة، لكنهم يصمتون ويصمون أمام الأخطاء الكبرى التي تمسّ المجتمع كله.
ينشرون «ذنوب الشعب في السوق»، ويُخفون «ذنوب الدولة في الصندوق». لماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لأن الخوف على المناصب والامتيازات والمكاسب الشخصية غلّف بعض العقول، وجعلها عاجزة عن قول كلمة الحق للمسؤول أو صانع القرار.
الدين لا يخص المواطن وحده، بل يخص الحاكم والمحكوم معاً.
والواعظ الحقيقي هو من ينصح الناس كافة، ويذكّر الدولة بواجبها الشرعي والإنساني، كما كان يفعل العلماء الكبار: العز بن عبدالسلام الذي وقف أمام العبد وربه وقال كلمته دون خوف، فصار “سلطان العلماء”.
خطاب الوعظ اليوم يعاني من التكلس والجمود يكرر الموضوعات ذاتها كأن الدين آلة ميكانيكية تعمل بالزر نفسه..
لكن الدين في حقيقته ديناميكي، شامل، قادر على التعامل مع كل قضايا المجتمع,من العدالة الاجتماعية، للفقر، للبطالة، لسوء الإدارة، للظلم، لاستغلال الناس، وللإسراف والفساد.
الدين ليس طقوساً معزولة عن المجتمع، بل هو روح تحيي القلوب، وإطار يضبط السلوك، ومعيار يُصلح السياسات قبل أن يحاسب الأفراد.
الناس يرون بأعينهم أن المنابر على اختلافها مُنهمكة في الحديث عن سلوك المواطن، بينما تتجاهل قضايا حقيقية تؤلمهم يومياً:
ارتفاع الأسعار, الفساد والمحسوبيه, الملاهي الليليه والخمارات, القرارات التي تمس لقمة العيش وتراجع العداله
كيف يفهم المواطن خطاباً يطالبه بالصبر وتقوى الله والزهد والتقشف… بينما من يتحدث عن ذلك يعيش في بحبوحة وامتيازات ورواتب مريحة وكروش وسيارات فارهه؟
هذا التناقض يضعف تأثير الوعظ ويخلق فجوة بين الناس والمؤسسات الدينية .. ويجعلهم يرددون قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )
نؤكد لكم أن نظامنا الهاشمي لم يكن يوماً عائقاً أمام كلمة الحق أو الإصلاح, الهاشميون هم أهل الدين وورثة رسالته، دعاته وحماته منذ نشأة الدولة وحتى اليوم
النظام الهاشمي يفتح الباب للجميع ليقوم بدوره دون تردّد، ويوفّر الغطاء لمن يدعو للحق، ويحثّ كل جهة – رسمية أو دينية – على خدمة الوطن بصدق وأمانة. فما الذي يمنع بعض المشايخ من أداء واجبهم؟

ولماذا يختبئون خلف الصمت، بينما الدين يأمرهم أن يكونوا صوتاً للحق لا صدى للسلطة؟
الدين ليس خطبة جمعة محفوظة، ولا كلمات ميكانيكية تُلقى كل أسبوع.
الدين حياة، وعمل، وموقف، وشجاعة، واصطفاف إلى جانب الحق والمظلوم.
الدين ليس قوالب جاهزة بل رسالة تحرّك المجتمع نحو الفضيلة، وتحرّك الدولة نحو العدالة.
لقد ملّ الناس من خطاب مكرر لا يمسّ قضاياهم ولا يلامس همومهم، ولا يقدّم لهم حلاً ولا يخفف عنهم عبئاً,
لا تميتوا الدين علينا.
أحيوا دوره الحقيقي: الإصلاح، التوجيه، المناصحة، قول كلمة الحق، وتحريك ضمير المجتمع والدولة معاً.

إن دوركم أكبر بكثير من سرد القصص ومسائل الطهارة والحيض…. ومبطلات الصوم والصلاه.
قوموا بواجبكم تجاه الناس… وتجاه الدولة أيضاً.

فالدولة الهاشمية تشجّعكم على أداء واجبكم ولا تمنعكم، فكونوا كما أراد الله لكم:
شهداء على الحق… وألسنة للعدل… وقلوباً لا تخشى إلا الله
أيها الشيوخ والوعّاظ… أدّوا واجبكم كما أراده الله، وكما يدعو إليه نظامنا الهاشمي الذي يُؤمن بأن الدين قوة بناء لا قوة خوف، وأن العالم الحق هو الذي يُقيم الحجة على الجميع، لا على الضعيف وحده