د. عادل يَعقوب الشمايله
المُشتركاتُ بينَ جَماعةِ الإخوانِ المُسلمينَ والشِّيعةِ كثيرةٌ، وهي في تزايدٍ مستمرّ.
ومِن أحدثِ هذهِ المشتركاتِ شِعارُ “العَودةِ إلى الشَّرعيَّةِ”.
منذُ ألفٍ وأربعمائةِ عامٍ، لم يتوقفِ الشيعةُ عنِ المحاججةِ بأحقيةِ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ بالخلافةِ، وإدانةِ الخلفاءِ الراشدينَ الثلاثةِ ثمَّ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ بتهمةِ اغتصابِ الخلافةِ منهُ. كما أنهم يرونَ أنّ معاويةَ وابنَهُ يزيدَ وسائرَ خلفاءِ بني أميةَ لا حقَّ لهم في تولي السلطةِ، لأنها – في نظرِهم – حقٌّ خالصٌ للحسنِ ثمَّ الحسينِ ابنيْ عليٍّ، ثمَّ لذريةِ عليٍّ من بعدِهما.
ورغمَ حقيقةِ أنّ عليًّا قد قُتِلَ ودُفِنَ، وكذلك الحسنُ والحسينُ، وأنهُ لم يَبقَ من ذريّتِهم من يُطالبُ بالحكمِ أو يتولاّهُ، فإنَّ الشيعةَ ما زالوا مصرّينَ على أنَّ الحكمَ مستقرٌّ لآلِ عليٍّ، ثمَّ اخترعوا لاحقًا منصبَ “ولايةِ الفقيهِ” نائبًا عنهم.
أمّا جماعة الإخوانُ المسلمون فإنهم من جهتِهم لم يتوقفوا منذُ عامِ 2013 عن المطالبةِ بـ “العَودةِ للشّرعيّةِ”؛ أي عودةِ محمدٍ مرسي لإكمالِ مدتِهِ ثمَّ الترشحِ من جديدٍ. ومع علمِهم بأنَّ مرسي قد ماتَ، وأنهُ لا يستطيعُ إكمالَ مدةِ السنواتِ الأربعِ، فإنهم لا يقتنعونَ بذلكَ.
ومنَ الثابتِ أنَّ الشعبَ المصريَّ انتخبَ محمدًا مرسي رئيسًا للجمهوريةِ. ومن الثابتِ أيضًا أنهُ لم يترشحْ بصفةِ “إخوانيٍّ” بل بصفةِ رئيسِ حزبٍ سياسيٍّ هو حزبُ الحريةِ والعدالةِ. أي إنَّ الشعبَ المصريَّ لم ينتخبْ جماعةَ الإخوانِ ولا مكتبَ المرشدِ لحكمِ مصرَ. وبناءً عليهِ، فإنَّ جماعةَ الإخوانِ لا ترثُ شرعيةَ الحكمِ من محمدٍ مرسي بعدَ وفاتِهِ.
ومن الثابتِ كذلكَ أنَّ مرسي قد حصلَ على ٢٤.٣٪ في الجولةِ الأولى، ثمَّ حصلَ على ٥١.٥٪ في الجولةِ الثانيةِ لأنَّ الناخبينَ كانوا ضدَّ عودةِ نظامِ مبارك في صورةِ أحمدَ شفيقَ، وليسَ حبًّا في مرسي.
إذًا، فإنَّ استمرارَ رفعِ شعارِ “العَودةِ للشّرعيّةِ” لا يستندُ إلى شرعيةٍ قانونيةٍ أو دستوريةٍ، كما لا يستندُ إلى شرعيةٍ شعبيةٍ، لأنَّ غالبيةَ الشعبِ خرجت مطالبةً بخروجِ مرسي من الحكمِ. ولم يترتبْ على عزلهِ احتجاجاتٌ واسعةٌ، باستثناءِ بضعِ مئاتٍ احتلّوا ميدانَ رابعةَ.
زعماءُ الإخوانِ يعرفونَ ما بينتُهُ آنفًا، ويعلمونَ أنْ لا شرعيةَ لشعارِ “العَودةِ للشّرعيّةِ”، ولكنهُ أصبحَ مثلَ الإسمنتِ الذي يجمعُ الحصى حتى لا تتفرقَ.
لقد نجحَ شعارُ “العَودةِ للشّرعيّةِ” في خداعِ آلافٍ من العوامِ للتعاطفِ مع الإخوانِ، وفي الوقت ذاته نجحَ في إزعاجِ من يحكمونَ مصرَ بعدَ مرسي. هذا الازعاج لم يؤثر على مجريات الامور في مصر ولم يقرب الاخوان خطوة واحدة باتجاه العودة لحكم مصر.
من الواضح أنَّ جماعة الاخوان المسلمين لن تتخلى عن السعي للوصول الى السلطةِ وأن يتولوها منفردينَ، لأنهم نشؤوا على ذلكَ منذُ تأسيسِ الحركةِ. هذه الرغبةُ الجامحةُ في الحكم هي التي دفعتْ الشيخَ الشعراوي للانسحابِ من الإخوانِ في أوائلِ الثلاثينياتِ، بعدَ خمسِ سنواتٍ فقط من تأسيسِ الجماعةِ على حد قوله.






