وطنا اليوم _
كتب : المحامي حسين أحمد عطا الله الضمور
من المؤسف حقًّا أن تمرّ الأيام وتتبدّل الأرقام على صفحات التقويم، بينما يبقى المشهد ذاته…
الوجوه تتغيّر، والأسماء تتبدّل، لكن الفكر الذي يوجّه، والأسلوب الذي يُدار به الشأن العام، يظلان كما هما، كأننا نعيش في حلقة مغلقة لا مخرج منها.
نستقبل كل عام بشعارات جديدة، ووعود متجددة، لكن ما يلبث بريقها أن يخفت أمام واقعٍ جامدٍ لا يعرف سوى التكرار.
كأننا نُبدّل الغلاف فقط، فيما المضمون باهت منذ عقود، لا يزهر ولا ينضج.
الثبات قيمة عظيمة حين يكون على المبدأ، لكنه يصبح قيدًا خانقًا حين يُستخدم غطاءً للجمود.
إن الثبات على الخطأ ليس وفاءً، بل إصرارٌ على الخسارة.
وحين لا يتغيّر في حياتنا سوى التاريخ، فذلك يعني أن العقول توقّفت عن التفكير، وأن النفوس رضيت بالمألوف حتى وإن كان مؤلمًا.
التغيير لا يُطلب في الشعارات ولا في الخطابات، بل في السلوك، في طريقة إدارة الأمور، في شجاعة الاعتراف بأن ما كان لا يصلح أن يبقى.
نحتاج إلى تحريك الماء الراكد، إلى أن نكسر حاجز الخوف من “الاختلاف”، فالثبات الذي لا يرافقه تجديد… ليس استقرارًا، بل موتٌ بطيء في هيئة هدوء.
لعلّ أخطر ما في المشهد أن يتعوّد الناس على الركود حتى يرونه أمانًا، وأن يُقنعهم البعض بأن التغيير فوضى، وأن البقاء كما نحن فضيلة.
لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن التاريخ وحده لا يصنع الفرق، إنما تصنعه الإرادة، والفكر، والنية الصادقة في الإصلاح.
فمن المؤسف حقًّا… أن لا يتغيّر في أيامنا إلا التاريخ، وأن يبقى الباقي في ثباتٍ مقزّز، يطرد الأمل ويخنق الطموح.






