وطنا اليوم:روى المدير السابق لإدارة الأمن الوقائي، العميد المتقاعد زهدي جانبك قصة “الخاوات” التي كانت تتعرض لها الأندية الليلة عام 2011.
وتالياً القصة التي رواها جانبك على صفحته الشخصية على فيس بوك:
بدون مقدمات، اتصل بي مالك احد المطاعم السياحية (الأندية الليلية) وطلب مقابلتي عام 2011 وكنت وقتها مديرا للشرطة السياحية…
عند حضوره قدم لي دراسة مكتوبة حول النوادي الليلية في عمان أوضح من خلالها ان مقدار ما تدفعه هذه النوادي من خاوات يبلغ ستة او ثمانية ملايين دينار…وكان عدد المؤسسات التي تمارس عمل الأندية الليلية حينها 108 منشآت سياحية (المرخصة منها رسميا ك بار او ملهى ليلي 68 منشأة) … والباقي يمارس عمل النادي الليلي بترخيص مطعم…
الباب (كلمة ترمز إلى مقدار المبلغ المدفوع خاصة للمحافظة على سلامة النادي) كانت تكلفته من ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف شهريا، حسب موقع وعمل النادي الليلي…
حرب النفوذ:
حصرت الدراسة المكتوبة التي قدمها ابو احمد عدد الفتوات (الزعران الكبار) الذين يسيطرون على هذا القطاع ب 8 أشخاص رئيسيين يتقاسمون النفوذ على هذه الأندية… ومعدل دخل كل منهم 80 الف دينار شهريا يأخذونها مقابل ضمان عدم تعرض الأندية الليلية التي تقع تحت حمايتهم إلى اعتداءات…
حرب الليل :
الاعتداءات التي تتعرض لها الأندية الليلية تتراوح بين إطلاق نار على النادي من الخارج… دخول النادي وتكسير محتوياته وإطلاق نار داخله… الاعتداء على بعض العاملات في النادي بسبب هروبهن من نادي إلى آخر… الاعتداء على مدير النادي او مالكه (اعتداء خفيف) …
وكانت جميع هذه الاعتداءات تتم لفرض دفع الخاوة على المالك…
اما الاعتداءات الأخطر والحرب الحقيقية فكانت تلك التي تجري بين الزعران الكبار لفرض سيطرتهم على منطقته او إخراج منافس من المنطقة… وهذه ادت إلى ثلاث جرائم قتل… ومئات حالات الإصابة بعيارات ناريه او جروح بمشرط او شفرة او سكين…
التنظيم والمصاريف :
هذه المبالغ الضخمة كان يتم صرفها لشراء أسلحة نارية وغيرها… شراء سيارات… دفع رواتب الزعران الصغار (اللي بداوموا فعلا على ابواب المحلات)… دفع رواتب لـ عائلات الزعران الذين يتم سجنهم لأنهم اعترفوا لجريمة لم يرتكبوها وإنما قام بها المعلم الكبير تبعه… مصاريف محاماة وكفالات… وفي أحوال قليلة شراء او بناء منزل للمعلم… شراء او انشاء نادي ليلي للمعلم…
وفي بعض الأحوال كان يتم تهديد مالك النادي الليلي وانتزاع النادي منه واجباره على التنازل عنه (بيع شرا صوري)…
بعد الاطلاع على هذه الدراسة، طلبت من هذا الشخص تقديم شكوى شخصية… فرفض لأنه يخاف منهم على حياته وحياة عائلته وسلامة سيارته وبيته (خوفا من الحرق)….
لجأت إلى لجنة السياحة وطلبت إشراك الشرطة السياحية باللجنة الامنية واللجنة المشتركة للتفتيش على المنشآت السياحية ليلا ونهارا… ثم طلبت إلزام الأندية الليلية بتركيب كاميرات مراقبة تغطي المداخل والمخرج وكافة المساحات الداخلية… وتم البدء بتنفيذ ذلك.
نتيجة لذلك حصلنا على ادلة مصورة (فيديو) لأربعة اعتداءات على الأندية الليلية قام بها احد الفتوات مع 17 ازعر من صبيانة.
قمت بتكليف رئيس قسم أمن الفنادق بتحديد هوية كل واحد منهم، ورصدهم، وتحديد ساعة الصفر للقبض عليهم جميعا… وتم ذلك في ليلة اسميناها “ليلة القبض على ال 17″… كانت التعليمات التي أصدرها لفرق المداهمة و إلقاء القبض تنص على استخدام القوة وحماية أفراد الفريق والمحافظة على سلامتهم.. و.. سحب جميع تسجيلات الكاميرات التي توثق عملية إلقاء القبض… وتم ذلك باستثناء موقع واحد (نادي واحد) كان لديه جهاز احتياط يسجل نسخة ثانية…
هذا النادي كان يملكه و/او يديره احد اقطاب المواقع الاعلامية… وفي ليلة المداهمة كان يسهر في النادي قريب لاحد المسؤولين… فلجأوا اليه لإيصال فيديو عملية المداهمة للنادي إلى مدير الأمن العام حينها لتقديم شكوى ضدي…
تم استدعائي من قبل مدير الأمن العام…فأخذت معي اشرطة الفيديو التي توثق عمليات الاعتداء التي قام بها الزعران على الأندية الليلية… سألني الباشا: لماذا يقوم ضباط الشرطة السياحية بمهاجمة مطعم سياحي بهذا الشكل… قلت : هي ليست مطعم واحد… بل خمسة أندية ليلية التي هاجمناها للقبض على زعران… واعطيته فيديو الاعتداء على الأندية ولدى مشاهدته قال: هذول الزعران لازم ينجابوا… قلت : تم ذلك باشا… قال: وينهم؟ قلت بنظارة مركز أمن الشميساني… نهض عن مقعده وقال تعال معي… ركبنا سيارته وتوجهنا إلى مركز أمن الشميساني…تم إحضار الموقوفين امامه واسمعهم ما لم يقله مالك في الخمر…
سألني: ماذا ستفعل بهم؟ قلت : محكمة أمن الدولة…. فاتصل فورا برئيس المحكمة واخذ لي موعد معه… شرحت له الموضوع، واعطيته نسخة من فيديو الاعتداءات… وتم توقيفهم…
وتم استدعاء صاحب النادي لتقديم شكوى وتم ذلك… استمر التوقيف لأكثر من شهرين… جاءني المشتكي وابلغني بأنه سيسحب شكواه… هددته ان فعل بأنني سأغلق نواديه الليلية الثلاث… وتحت ضغط مني أجلنا تنازله عن شكواه شهر… ثم جاءني مرة أخرى…
قال: بيقتلوني وقتلوا أولادي.
قلت: لن يقل حكمهم عن خمس سنوات سجن.
قتل: وبعدها؟
قلت: المحافظ وربط بكفالات.
قال : وبعدها؟
قلت انتهى موضوعهم…
قال: وتنتهي حياتي… وان استفيد من كل هذه الأمور…. واكمل بأنه سيقوم بالتنازل عن شكواه والصلح معهم….
كان قد مر على توقيفهم ما يقارب 3 شهور وأكثر… وتم الصلح معهم وهم في السجن… شريطة ان يقوم المشتكي بدفع 30 الف دينار لكبيرهم مقابل مدة يجنهم (عطل وضرر)… ووافق على دفع المبلغ… وأخرج الزعران من السجن…
هكذا تتم الأمور في ليل عمان المظلم… وهذا الأمر ما زال مستمرا… ويمكنك الرجوع إلى يوتيوب لمشاهدة عمليات الاعتداء وإطلاق النار على أشخاص وعلى أندية ليلية بعمان وآخرها كان بنهاية 2019….
هذا جزء بسيط من مشكلة الخاوات وتقاطع المصالح… سأكتب لكم وجهة نظري بالحلول في الادراج المقبل.