الإجابة على السؤال .. لماذا لسنا على الطاولة

22 ثانية ago
الإجابة على السؤال .. لماذا لسنا على الطاولة

حدث الاتفاق في ( غ ز ة) ، السياسيون في بلدنا يخبروننا بما يحدث من خلال الشاشات فقط ، نحن لسنا على الطاولة ..نحن لسنا حتى بالطرف المراقب ، ونحن لم نقم بصياغة جملة واحدة من الاتفاق ، وربما لا نملك تصورا للقادم .
عبد الهادي راجي المجالي

حسنا …في بداية الأزمة الدولة شكلت تحالفاتها مع مجموعة من الصحفيين والسياسين وما يسمى بالنخب ، وهؤلاء قدموا الرواية في إطار أن ما حدث هو : توريطة وأن ( ح م ا س) هزمت ، هؤلاء أيضا قدمونا في إطار الاستهداف ..وفي إطار أننا الدولة التي يجب أن تنتبه لمصالحها ولا تنشغل بمغامرات الغير.

هؤلاء صمتوا الان ، هل كان (7) أكتوبر ورطة ؟ أم أن الذين طرحوا مفهوم (الورطة) هم الان متورطون في هذا الطرح .
الدولة قدمت قناة المملكة على أنها تمثل الإعلام المتطور ، تمثل الإعلام الوطني الذي يمتلك القدرة على الدفاع عن مشروع الدولة وروايتها ، لكن قناة المملكة غير قادرة على اقناع نفسها ، كيف تقنع الشارع برواية الدولة ؟
سؤال برسم القلق أين نحن مما يحدث ؟ ..

المصريون في اللعبة الان ، في قلبها …القطريون أيضا هم من احتضنوا قيادات (ال م ق ا و مة ) ، الأتراك جلسوا مع ترامب مطولا ، وشاركوا في الصياغة …بالمقابل نحن الأقرب للمشهد ، نحن من احتضنا الخط الإسلامي في القضية ( ال ف ل س ط ي ن ية) لا بل ساهمنا في حمايته ….نحن من ألزمنا طلابنا بمنهج في الصف التوجيهي اسمه ( القضية الفلس طينية) …نحن من صغنا هويتنا وتاريخ جيشنا ومعاركنا ، عبر بطولات أبناء العشائر وضباط الجيش في (ف ل سطين ) نحن البلد الأعلى في العالم من حيث عدد المخيمات ، وعدد اللاجئين …نحن الذين دفعنا الدم لأجل القضية ، ونحن الذين وصفنا الشقيق (ال ف ل س ط ي ن ي ) بالتوأم …

بالمقابل تركنا كل هذا التاريخ ، لمجموعة من الطامحين الهواة كي يقوموا بصياغة رواية أردنية ملتبسة ، عبر فضائيات متخبطة..وها نحن نلوذ بالصمت الان .
سؤال للدولة الأردنية ، للحكومة ، للمؤسسات …لمن يديرون الإعلام في المواقع الحساسة ، لمن يتخذون القرار ..سؤال برسم أن الصمت في هذه الفترة هو كفر ..هل الذين قدمتوهم علينا جميعا وقمتم باحتضانهم ، وفتحتم لهم أبواب الإعلام الأردني الذي دفعنا ثمن أوراقه ورواتب المدراء فيه من دمنا ، وجعلتوهم يشاركون في صياغة رواية الدولة ، وينتجون مصطلحات الهزيمة والورطة ..ويدعون أن تحليلاتهم والرأي الذي يطلقونه هو الولاء والإنتماء الحقيقي ، الذين جعلتوهم أعلى منا وعيا وأكثر معرفة …هل هؤلاء الان وبعد انتهاء الاتفاق سيجرؤ أي واحد منهم على حضور جاهة ، أو الظهور على فضائية ..أو إعادة انتاج ذات الطرح الذي نفثه على الفضائيات في وليمة غداء بمحافظة …؟ سؤال مجرد سؤال .

لماذا نحن مدانون ؟ أنا شخصيا أتحدث عن نفسي وعن فئة من المجتمع …في أعوام الحرب شعرت أن الكتابة عن (غ زة ) كانت تشبه الإدانة ، تلك حقيقة واضحة …ولا أظن أن هذه الإدانة صدرت من الدولة ذاتها ، ولكنها كانت تصدر من الذين يجلسون في غرف الرئاسة المغلقة ، وغرف المواقع الحساسة …هؤلاء الذين تحالفت معهم الدولة وقدمتهم ، شيطنوا كل شيء ، حقنوا الدولة برأي ومسار …إلى الحد الذي خرج فيه ( أبو العريف) بمقال يخاطب فيه الناس بطريقة : ( اللي مش عاجبيتو البلد يطلع )..,كأن البلد ملك والده ، هؤلاء هم ذاتهم الذين عهروا الوطنية الأردنية ، وصار مفهومها يفصل ضمن مقاساتهم ..بحيث وصل بهم الحد إلى الإيحاء بأن ماحدث في ( غ ز ة) …هو : مؤامرة ، وأن الأردني يجب أن يتجرد من هواه الإسلامي والقومي وينعطف اتجاه ذاته ، وما زاد في انحطاط الرأي لديهم هو مهاجمة وزير خارجيتنا ، فقد سمعت من أحد الذين احتضنتهم المؤسسات وصاروا يعلمونها كيفية قراءة الواقع وتقديره ..هجوما حادا على أيمن الصفدي لدرجة أنه اعتبر تصريحاته تشكل عبئا على الأردن ، وهذا الفتى للعلم جاهر بالفكرة كتابة …

والأهم من ذلك أن هذه الاراء ، تفننوا في طرحها على فضائيات عربية ..وكانوا يقدمون على الفضائيات بصفتهم من طبقة المسؤولين السابقين : أي أنهم بمواقفهم إنما يمثلون وجهة نظر الدولة .
ماذا ستفعل يا ترى بهم الدولة الان ، بعد انتهاء الحرب ، وبعد أن تبين لنا أننا نجلس على المدرجات ولسنا في الملعب ، هل سينتجون رواية أخرى ! وهل ستبقى الدولة تحتضنهم …للعلم ( أبو العريف) اتجه الان للشأن الداخلي وصار يطلق مقالات متعلقة بالإصلاح ، وإعادة قراءة المشهد ، والتركيز على الشباب ..( أبو العريف) مادامت مصادر الدخل متنوعة ، فالقلم سيبقى يكتب …
نصيحتي لمن يجلسون على كراسي المسؤولية ، راقبوا الان من أنتجتموهم لصياغة الرواية ولقلب تفكير الشارع ، اسألوهم هل سيجرأون على حضور جاهة ، هل سيطلون على الشاشات مرة أخرى ، هل سيجرأون على المشاركة بمحاضرة ..أو الذهاب للمسجد من أجل أداء صلاة الجمعة .

حزين على الأردن ..وأظن أن الصمت في هذه اللحظات ، يساهم في تعميق الأزمة وأظن أن المؤسسات في الأردن يجب أن تنفتح على الكل ، وأظن أن التغييرات القادمة يجب أن تكون جذرية ..وليتذكر الجميع أن الشعوب في لحظة ستحاكم كل من أساء لوجدانها ، حتما ستحاكم …
حمى الله الملك ، عاش الأردن