إسرائيل وسوريا: إستراتيجية الإبقاء على العجز

17 ثانية ago
إسرائيل وسوريا: إستراتيجية الإبقاء على العجز

المهندس مدحت الخطيب

من يتابع الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية بعد سقوط نظام الأسد، يظن للوهلة الأولى أنها مجرد «تكتيك عسكري» يهدف إلى تقليص الفجوة بين جيش الاحتلال وجيش سوري مستنزف ولا يملك أي مقومات عسكرية… لكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير: فالفجوة قائمة أصلاً، وميزان القوى مختلّ منذ سنوات، وما تقوم به تل أبيب ليس لحماية تفوقها فحسب كما تدعي، بل لإدامة واقع العجز السوري ومنع أي قوة داخل الأراضي السورية وبما فيها الجيش السوري الجديد من امتلاك زمام الحسم أو حتى الدفاع عن النفس…
إسرائيل لا تريد جيشاً سورياً يستعيد عافيته، ولا ميليشيات حليفة لإيران تنمو وتفرض معادلة جديدة فرضت نفسها لسنوات وسنوات، ولا معارضة مسلحة قادرة على قلب الطاولة متى تشاء بقوة السلاح.. هي تريد ساحة ممزقة، موزعة الولاءات، بلا مركز ثقل عسكري أو سياسي قادر على فرض إرادته…
وما الضربات الجوية على دمشق والقنيطرة وغيرها والانزالات الاستخبارية التي تستهدف المواقع العسكرية ، و مواقع الدفاع الجوي، وحتى القيادات، ليست رسائل عابرة بل جزء من إستراتيجية طويلة المدى:
شعارها الواضح منع دمشق من إعادة بناء منظومات الردع والحصول على معدات قادرة على المواجهة جوا وأرضا..
هكذا تريد إسرائيل سوريا: ساحة مفتوحة بلا حسم، وحدوداً آمنة بلا تهديد، وخصوماً مشغولين في صراع داخلي لا ينتهي…
إسرائيل لا تريد نصراً حاسماً، ولا هزيمة شاملة لأي طرف. هي تريد سوريا ساحة بلا سيادة، مسرحاً مفتوحاً للفوضى، وحلبة استنزاف دائمة لكل اللاعبين.
إنها إستراتيجية «إبقاء الجميع تحت العجز»:
لا نظام قوي يهددها.
لا إيران مترسخة.
لا معارضة تسيطر.
ولا دولة سورية تعود لتفرض نفسها…