بقلم : عوني الرجوب
باحث وكاتب سياسي
….ان الأمة العربية اليوم تعيش واحدة من أخطر لحظاتها في التاريخ الحديث، لحظة يختلط فيها الذل بالهوان، والفقد بالخذلان،
والجبروت الصهيو-أمريكي يعلو فوق الأرض العربية، فيما ان بعض الدول العربية أراها تتهاوى، فهي اليوم أوهن من بيت العنكبوت نتيجة تمزق الأمة وعدم ترابطها، فاصبحت عاجزة عن حماية شعوبها وأرضها، وغارقة في صفقات وهمية ومواقف بلا أثر.
فلسطين، القلب النابض للأمة، ضاعت بين صمت العالم وخذلان الأشقاء، ودماء أبنائها تتدفق بلا رادع، بينما السياسات والتحالفات تُبنى على مصالح آنية لا تعكس روح الأمة ولا تحمي كرامتها.
في ظل هذا الواقع، يصبح التركيز على كسب المواقف السياسية مجرد وهم. المواقف بلا قلوب، بلا ثقة شعوبها، بلا وحدة حقيقية، لن تكتب لها النجاح، ولن تكون إلا شعارات تتطاير أمام جبروت المحتل، وتذوب أمام ظلم الاحتلال.
الأمة ليست مجرد حدود على خريطة، بل شعوب تحلم بالكرامة، تتألم بالظلم، وتنتظر من ساستها الصدق والشجاعة والإخلاص لقيمها وهويتها.
إن كسب القلوب هو الطريق الوحيد للانتصار، فهو يربط السياسة بالشعب، ويحوّل المواقف إلى قوة حقيقية على الأرض.
كسب القلوب يعني الاعتراف بحقوق الشعوب، الاستماع لآلامها، العمل على رفع الظلم عنها، وإعطاء الأمل لشبابها الذي يسعى لحياة كريمة، وليس مجرد كلمات أو شعارات جوفاء.
فالوحدة العربية لا تُبنى بالقوانين الدولية أو القرارات السياسية وحدها، بل تُبنى بالثقة المتبادلة، وبإحياء روح التضامن، وباستعادة الكبرياء والكرامة التي سرقها الذل والهوان.
على الساسة العرب أن يدركوا أن الدبلوماسية ليست مجرد تحالفات أو صفقات، ومن فنون الدبلوماسيه فن كسب القلوب، فن جعل الشعب شريكًا حقيقيًا في القرار والمصير، وفن ترجمة المواقف إلى أفعال ملموسة تحمي الأرض، وتستعيد فلسطين، وتخفف آلام الناس، وتعيد للأمة الكبرياء الذي فقدته.
يجب على الساسه أن يتقربوا من قلوب شعوبهم، فهي الأكثر حصنًا وأمانًا لهم، وأن يرحموا قلوب الشعب، ويوفروا لهم احتياجاتهم وحرياتهم ووسائل العيش التي يعتمدون عليها، ليشعر الناس بالأمان والعدالة والمستقبل.
كل مشروع سياسي، كل تحالف، وكل قرار على الساحة الدولية لن يكتب له النجاح إذا لم يكن متصلاً بروح الأمة، وبثقة شعوبها، وبقيمها المشتركة.
إن الأمة العربية اليوم أمام امتحان تاريخي. ليس في قدرتها على المناورات السياسية أو إبرام التحالفات، بل في قدرتها على توحيد القلوب، واستعادة العزة، وإعادة الأمل لشعوبها، وحماية فلسطين من الضياع. من يفهم هذا، ويدرك أن القلوب هي المفتاح، سيجد أن كل موقف سياسي، مهما بدا صعبًا أو مستحيلاً، يصبح ممكنًا، وأن طريق الحرية والكرامة يبدأ دائمًا من الداخل، من قلوب الناس، قبل أن يبدأ في ميادين السياسة والمفاوضات