وطنا اليوم- خاص-ألقت الملكة رانيا العبدالله خطابًا مؤثرًا خلال مشاركتها في مؤتمر «القرن الحادي والعشرون – Siglo XXI» في المكسيك، تناولت فيه الأوضاع الإنسانية في غزة، ودعت إلى استعادة البوصلة الأخلاقية في عالم باتت تغلب عليه الحسابات السياسية والتقنية. وصفت ما يجري في غزة بأنه مأساة غير مبررة، مؤكدة: «لا يوجد عالم يكون فيه قصف المستشفيات، وتجويع الأطفال، وإطلاق النار على الباحثين عن المساعدة مبرّرًا».
وحذرت من أن تتحول التكنولوجيا والأنظمة الحديثة إلى أدوات تُضعف القيم الإنسانية، قائلة: «نُحسّن الأنظمة بينما نحوّل الناس إلى ضحايا… هذه الأنظمة تُعطل بوصلة أخلاقنا». وشددت على أن التقدم الحقيقي لا يُقاس بالمقارنات الخارجية وإنما بالتمسك بالهوية الثقافية والقيم الأصيلة: «لا نبحث عن التقدير عبر المقارنات، بل نستلهم من ثقافتنا وقيمنا».
وأشارت إلى التجارب الإنسانية المشتركة بين الأردن والمكسيك في استقبال اللاجئين ودعم المهمشين، مؤكدة أن العظمة الحقيقية للأمم تقاس بقدرتها على احتضان الإنسان لا بسطوة النفوذ: «أردننا فتح أبوابه للملايين المهجّرين… كما أن المكسيك أعطت مأوى، ومنحت صوتًا لمن لا صوت له».
وفي جانب شخصي لافت، أوضحت: «الإسلام علّمني التعاطف والعدالة والكرم وكرامة الإنسان… هذه ليست مبادئ بل أفعال يومية». ثم وجهت رسالتها للشباب بقولها: «مهما كان مرساك الأخلاقي، تمسك به. سيساعدك على التعلم من الآخرين دون أن تُفقد نفسك».
واختتمت الملكة رانيا خطابها بالاستشهاد من القرآن الكريم لتؤكد أن العمى الحقيقي هو عمى القلوب عن الرحمة، لا عمى الأبصار. خطابها في المكسيك حمل رسالة إنسانية واضحة وعبّر عن ضمير أخلاقي حيّ يدافع عن كرامة الإنسان وحقه في الحياة، واضعًا الحضور أمام سؤال جوهري: هل ما زالت الإنسانية قادرة على حماية قيمها وسط عالم يتخبط بين التكنولوجيا والمصالح السياسية؟