وطنا اليوم:يتزايد الجدل في الأوساط الاقتصادية والمالية حول مصير عدد من الشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة عمّان، والتي تواصل وجودها شكليًا رغم توقفها عن أي نشاط تشغيلي فعلي منذ سنوات، وغيابها عن المشهد الاستثماري دون خطط واضحة أو توجهات مستقبلية.
وتُظهر البيانات المالية لعدد من هذه الشركات غيابًا شبه كلي للإيرادات التشغيلية، في مقابل استمرار الإنفاق على النفقات الإدارية، والرواتب، والمكافآت المخصصة لمجالس الإدارة والموظفين، وهو ما يفضي إلى استنزاف تدريجي لرأس المال، وتآكل حقوق المساهمين، وانخفاض القيمة الدفترية لأسهمها، دون تحقيق أي مردود يُذكر للمستثمرين.
يرى خبراء اقتصاديون أن استمرار هذا النوع من الشركات في البقاء دون جدوى اقتصادية أو رؤية تشغيلية يشكل عبئًا إضافيًا على السوق المالي، ويضعف من ثقة المستثمرين، ويعزز مناخ الجمود المؤسسي، في وقتٍ تتطلب فيه المرحلة حلولًا جذرية لاستعادة التوازن والكفاءة في سوق رأس المال.
ويطالب مختصون هيئة الأوراق المالية ومراقبة الشركات باتخاذ إجراءات عاجلة، تبدأ بمراجعة شاملة لأداء هذه الشركات، وتفعيل أدوات رقابية أكثر صرامة، تشمل تقييم مدى استمرارية النشاط، ومدى الجدوى الاقتصادية من بقاء الشركة، مع وضع مهلة زمنية محددة لتصويب الأوضاع أو الشروع في إجراءات التصفية.
ويشير مراقبون إلى أن الخيارات المتاحة أمام الجهات المعنية تنحصر في:
• التصفية الطوعية أو الإجبارية، وإعادة الأموال المتبقية إلى المساهمين.
• إعلان الإعسار ضمن أحكام القانون، إذا كانت الديون تفوق الموجودات.
• إعادة الهيكلة التشغيلية من خلال خلق فرص عمل حقيقية أو إطلاق نشاط فعلي.
• محاسبة مجالس الإدارة التي تتحمل مسؤولية الفشل، وتشكيل لجان مستقلة لإعادة تقييم أوضاع الشركات “الصورية”.
ويؤكد المطلعون أن صاحب الصلاحية القانونية في رفع توصية التصفية هو مراقب الشركات، والذي يرفعها إلى وزير الصناعة والتجارة، بعد أخذ رأي هيئة الأوراق المالية، مشددين على ضرورة رفع هذه التوصيات أيضًا إلى رئاسة الوزراء، وضرورة تنسيق الجهود بين وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الاستثمار، وهيئة الأوراق المالية، لضمان معالجة الملف بصورة تكاملية.
في المقابل، يحذر قانونيون من التسرع في إصدار قرارات التصفية، مؤكدين ضرورة استنادها إلى دراسات معمقة تضمن عدم الإضرار بأي حقوق قانونية قائمة أو فرص تحول ممكنة مستقبلاً، مشددين على أن حماية أموال المساهمين يجب أن تبقى أولوية قصوى لا تحتمل التأجيل.
وفي ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه السوق المحلية، تبقى قضية الشركات غير التشغيلية مفتوحة على نقاش واسع بين الجهات الرقابية والمستثمرين، وسط مطالبات بقرارات حاسمة تعيد للسوق المالي الأردني توازنه، وتضمن بيئة استثمارية قائمة على الشفافية والفاعلية والمحاسبة