وطنا اليوم:تستلزم نقص الكوادر التمريضية والضغوطات المالية، تحركا ضروريا لاستمرار النظام الصحي في المملكة، وذلك على الرغم من تحقيقه إنجازات لافتة على مستوى المؤشرات الصحية والخدمات العلاجية، بحسب ما قاله عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية وأستاذ مستشار العلاج الدوائي السريري الدكتور ضرار بلعاوي.
وأشار بلعاوي في تصريح إلى أنه رغم النجاحات التي حققها النظام الصحي، في تحسين متوسط العمر المتوقع وتطوير السياحة العلاجية، فإن التحديات الراهنة مثل نقص الكوادر التمريضية والضغوط المالية، قد تعيق استمراره، وتستلزم إجراءات استراتجية توازن بين جودة الرعاية واستمراريتها.
وأكد بلعاوي احتياج الأردن إلى حلول مبتكرة لتجاوز العقبات الراهنة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية المتصاعدة.
ونوه إلى أن النظام الصحي في الأردن لطالما شكل نموذجا يحتذى به على مستوى المنطقة، لما يتمتع به من مرونة في الاستجابة للأزمات وجودة خدماته، رغم ما يواجهه من تحديات اقتصادية وضغوط ديموغرافية، خاصة في ظل وجود ملايين اللاجئين.
وأوضح أن المؤشرات الصحية في الأردن لا تزال تعكس أداء إيجابيا، مثل ارتفاع متوسط العمر المتوقع إلى 78.8 عاما للنساء و77 عاما للرجال، وانخفاض وفيات الرضع إلى 12.8 لكل 1000 ولادة حية، فضلا عن ازدهار السياحة العلاجية بنسبة نمو وصلت إلى 16.5% في بداية عام 2025، مشيرا إلى أن هذه النجاحات ما كانت لتتحقق لولا الجهود المتواصلة من القطاعين العام والخاص.
وأشار إلى أن الخدمات الطبية الملكية لعبت دورا محوريا في الاستجابة الصحية محليا وإقليميا، بما في ذلك دعم المستشفيات الميدانية في أوقات الطوارئ، بدعم من شراكات دولية كالمشروع الياباني لتزويد المملكة بمعدات حيوية، كما أن المستشفيات الخاصة أثبتت قدرتها التنافسية، بحصول العديد منها على اعتمادات دولية مرموقة.
وعن فجوة الكوادر، لفت بلعاوي إلى أن ما يميز الأردن هو عدد الأطباء المرتفع (31.7 طبيبا لكل 10,000 نسمة)، إلا أن النقص الحاد في الكوادر التمريضية (37.5 لكل 10,000) وتوزيعهم غير المتوازن، يخلق فجوة واضحة في الخدمات، خاصة في المناطق الريفية ومخيمات اللجوء.
واعتبر أن أحد أبرز التحديات التي تواجه النظام الصحي هو ضعف التمويل المستدام، موضحا أن حصة الصحة من الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 6.4% فقط، وتستهلك الأدوية وحدها 26.6% من هذه الموازنة، ما يعكس خللا واضحا في هيكل الصرف.
ونبه إلى أن تراجع المساعدات الدولية لاسيما الأمريكية، أدى إلى تقليص تمويل عدد من المنظمات العاملة في المجال الصحي، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الخدمات المقدمة للاجئين، الذين يشكلون 26% من السكان، محذرا أن 83% من اللاجئين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ما يزيد من الضغط على المنظومة الصحية ويعمق الفجوات في العدالة الصحية.
وأوضح بلعاوي أن تطوير الرعاية الصحية الأولية هو مفتاح أي إصلاح مستدام، وذلك عبر تشكيل فرق صحة الأسرة التي تضم تخصصات متعددة وتعزز الوقاية والرعاية المجتمعية، لا سيما في التعامل مع الأمراض المزمنة التي تتسبب بـ78% من الوفيات في المملكة.
كما شدد على أهمية التحول الرقمي الصحي ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، من خلال تفعيل أنظمة السجلات الصحية الإلكترونية، والتشخيص عن بعد، واستخدام الذكاء الاصطناعي لدعم اتخاذ القرار، خصوصا في المناطق الطرفية ومخيمات اللاجئين.
وفيما يتعلق بأولويات استراتيجية لضمان استدامة الرعاية الصحية في الأردن، رأى بلعاوي أنها تشمل تحقيق العدالة في توزيع الكوادر الصحية، من خلال التوسع في برامج التمريض، وتقديم حوافز للخدمة في المناطق النائية، وتعزيز المرونة المالية عبر تنويع مصادر التمويل، واستثمار جزء من عائدات السياحة العلاجية في دعم الرعاية الأولية، بالإضافة إلى دمج اللاجئين في منظومة صحية مستدامة من خلال حشد الدعم الدولي وإطلاق اتفاقيات تقاسم الأعباء بشكل منظم.
وأضاف أن الأردن مليء بالخبرات والكفاءات والثقة الإقليمية، وما يحتاجه اليوم هو قرارات حاسمة وشراكات مبتكرة لسد الفجوات، وضمان أن تبقى الرعاية الصحية مصدر فخر وطني، ومظلة حماية حقيقية لكل من يعيش على أرض المملكة.
بلعاوي : نقص مقلق بالكوادر التمريضية في الأردن
