بقلم ماجد ابو رمان
حال حال معظم الأردنيين، أصبحت لا أثق كثيرًا بالرواية الرسمية، ولا بما يُبثّ على القنوات الفضائية المحلية.ولا بما يقال في الندوات
تآكلت الثقة مع الوقت، ليس بسبب موقف واحد، بل تراكم من الخيبات، وغياب الحقيقة، وارتباك الخطاب الرسمي حين يُواجه المواطن بسؤال بسيط: “ما الذي يحدث؟”.
لكن الأمس كان استثناءً.
دعاني الأستاذ عبد الهادي راجي المجالي إلى حضور صالون الأمانة، وكان الضيف وزير الزراعة.
تردّدتُ في البداية، فما عدت أجد في اللقاءات الرسمية أو شبه الرسمية شيئًا جديدًا يُقال أو يُفعل.
لكن دعوة عبد الهادي كانت مهذبة، كريمة، تحمل صدقًا لا يُردّ.
ذهبت أنا ورفيقة الدرب ريما، خجلًا من الدعوة، وفضولًا خافتًا في داخلي.
دخلنا القاعة دون أن نجد زحام الكاميرات، ولا بهرجة المراسم التي تصاحب عادة حضور الوزراء.
لا موكب، ، لا تصنّع.
فقط موظفون من الوزارة، أصحاب الشأن، جاءوا كما يجيء أي فريق عمل حقيقي: يعمل بصمت، لا يُمثل.
حين بدأ الوزير الحديث، أدركت بسرعة أننا أمام حالة مختلفة.
رجل يمشي بثقة مصدرها الداخل، لا المنصب.
ابن الطفيلة، بملامح الجنوب وهدوئه، وصدق الريف الذي لا يعرف اللف والدوران.
لا يكذب، ولا يتجمّل.
كلّ ما لديه على الطاولة… وبلا ورقة مكتوبة.
لم يكن يقرأ من بيان، بل كان يتحدث من رأسه… ومن قلبه.
لم يتلعثم، لم يتهرّب، لم يُخفِ ما لا يُرضي السامعين.
رؤيته واضحة، تسلسله منطقي، يعرف التحديات كما يعرف الإمكانيات، ويتحدث عن الزراعة لا كمنصب، بل كقضية وجود.
كان لافتًا أن الوزير لا يُجيد التسويق لنفسه، ولا يبدو مهتمًا بذلك أصلًا.
هو لا يبحث عن تصفيق، ولا عن صورة للمنشور.
هو ببساطة، مسؤول كما تمنينا أن يكون المسؤول: واضح، واثق، بسيط، وصادق.
في بلدٍ اعتاد أن يرى مسؤوليه محاطين بالحرس والتجميل، بدا هذا الوزير استثناءً نقيًا.
استثناءً نحتاجه، لا لندرته، بل لضرورته.
#ماجد_ابورمان