وطنا اليوم:أكد الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة الخميس أن أزمة المياه في الأردن والتحديات التي تواجهها تفوق الإمكانيات المتاحة، مشيرا إلى أن المملكة تعد من أفقر دول العالم مائيا، وتعتمد بشكل كبير على إدارة المصادر المحدودة والعدالة في التوزيع، وسط تفاقم الضغوط الناتجة عن النمو السكاني والتغير المناخي والاعتداءات المتكررة على الشبكات.
كلفة ضخمة لإيصال المياه ومصادر بعيدة عن التجمعات السكانية
وأوضح سلامة أن عجز مياه الشرب في الأردن خلال هذا الصيف يبلغ نحو 30-40 مليون متر مكعب، ويتركز في مناطق الوسط والشمال تحديدا، إذ إن تخزين السدود كان ضعيفا هذا العام، لكن الوزارة تعمل على إدارة المياه المتوفرة وتوزيعها بمسؤولية ودقة، مشيرا إلى أن كميات المياه المتوفرة محدودة، وعمليات الضخ والتوزيع تنفذ وفق أدوار أسبوعية أو شبه أسبوعية، حيث يخصص لكل عداد ما بين 4 إلى 6 أمتار مكعبة في كل دور مائي، بحسب التوزيع الجغرافي وحاجة المنطقة.
ولفت إلى أن بعض مناطق المملكة خصوصا في الجنوب تحتوي على مصادر مياه جيدة، لكنها لا تصل إلى مستوى الممتاز.
أزمة المياه في الأردن.. سوء توزيع واعتداءات على الشبكة تفاقم الأزمة
وبين سلامة أن من أبرز أسباب أزمة المياه في الأردن وضعف التزويد المائي في بعض المناطق هو كثرة الاعتداءات على الشبكة والعبث بها، إضافة إلى تخريب المحابس وتكرار عمليات الإغلاق والفتح، ما يؤدي إلى ضغط غير منتظم في الشبكة ويتسبب بتلفها.
وأشار إلى أن الوزارة تتابع شكاوى المواطنين، وتحرص على ضمان حصول كل عداد مياه على 4 إلى 6 أمتار مكعبة في كل دور، مشددا على أن من لا تصله المياه ضمن هذا المعدل، فإن الوزارة ملزمة بإيصالها إليه سواء عبر الشبكة أو من خلال صهاريج.
خطة استراتيجية لمناطق عجلون وجرش رغم شح المصادر
وعن أزمة التزويد في محافظتي عجلون وجرش، بين سلامة أن أدوار المياه في بعض المناطق تصل إلى 14-16 يوما، بسبب الاعتماد على الآبار التجميعية وشح المصادر الدائمة.
وأضاف أن الوزارة نفذت مشاريع ناقلة لتزويد هذه المحافظات بالمياه من محطة ضخ أم اللولو وخزان حوفا، ضمن خطة متكاملة لتحسين الوضع المائي فيها.
المزارع السياحية والشاليهات ليست أولوية.. والمياه للشرب أولا
وحول المياه المخصصة للمزارع، أشار إلى أن بعض أصحاب الشاليهات والمزارع السياحية يشتكون من انقطاع المياه، مؤكدا أن الأولوية القصوى هي لتوفير مياه الشرب للمواطنين، وأن الكميات التي تصل للمزارع لا تتجاوز مترين إلى أربعة أمتار مكعبة، وهي كميات لا تؤثر جوهريا على الشبكة. لكنه أشار في المقابل إلى أهمية المزارع الإنتاجية وعدم حرمانها بالكامل حتى لا تتأثر أسعار الخضار في الأسواق، داعيا إلى التعاون والتوازن في الاستهلاك.
الفنادق تلتزم لكنها تحاسب بتسعيرة مياه مرتفعة
وردا على الانتقادات المتعلقة باستهلاك الفنادق السياحية للمياه، أكد سلامة أن هذه المنشآت تحاسب بتسعيرة مياه مرتفعة تفوق تسعيرة الاستهلاك المنزلي بعدة أضعاف، مضيفا أن الفنادق ملتزمة بدفع ما نسبته 8% من الكلف التشغيلية للمياه، وهو ما يسهم في تغطية جزء من نفقات القطاع. كما أشار إلى أن بعض مصادر المياه في المناطق التي تقام فيها الفنادق خططت مسبقا لتكون قادرة على تغطية هذا النوع من الاستهلاك دون التأثير على حصة المواطنين.
تحسين في بعض المناطق باستخدام الذكاء الاصطناعي
وكشف سلامة عن نتائج واعدة في بعض مناطق العاصمة، حيث تمكنت الوزارة من خفض نسبة الفاقد المائي إلى نحو 16-17% فقط في 10 مناطق، من ضمنها ضاحية الرشيد وشفا بدران، وذلك باستخدام أنظمة مراقبة متطورة وتقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الشبكة.
وأشار إلى أن هذه المناطق تخدم نحو 1.3 مليون مواطن، وقد أظهرت تجربة خفض الضخ إلى ربع الكمية السابقة بعد تطوير الشبكات أن كفاءة التوزيع تحسنت دون التأثير على الحصص المائية.
وكشف سلامة عن عمل الوزارة على تطوير تطبيق إلكتروني لمراقبة الاستهلاك والإبلاغ عن الأعطال، لافتا إلى وجود تأخير لأسباب فنية مرتبطة بالعطاءات والتشغيل، لكنه أكد أن العمل جار على إطلاقه قريبا.
برامج توعية وطلب تنسيق مع وزارة الأوقاف
وفي ختام حديثه، أشار سلامة إلى تنفيذ الوزارة أكثر من 450 برنامجا توعويا منذ بداية العام في الجامعات والمدارس والجمعيات، واستهداف أصحاب الاحتياجات الخاصة للتوعية بأهمية ترشيد الاستهلاك. كما طالب وزارة الأوقاف بالتنسيق لإطلاق خطب جمعة تركز على أزمة المياه في الأردن مؤكدا أهمية دور الوعي الديني والمجتمعي في حماية هذا المورد الحيوي.
سد الوحدة والاتفاقيات مع سوريا
وفيما يخص سد الوحدة، أشار سلامة إلى أن الكميات المائية القادمة من الجانب السوري أقل بكثير من المتفق عليه في الاتفاقيات الثنائية، مما يؤثر على التزويد المائي في شمال المملكة. وأوضح أن الوزارة تتابع هذا الملف عبر لجنة مشتركة مع وزارة الخارجية، بهدف ضمان التزام الجانب السوري بتوفير الحصة المائية المتفق عليها، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل في الوقت ذاته على تأمين مصادر بديلة لتعويض النقص من خلال حفر الآبار وخطوط النقل الطويلة.