قراءة في خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين

4 ساعات ago
قراءة في خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين

بقلم حسين احمد الضمور:

في عالم تتداخل فيه المصالح وتبهت فيه المبادئ، يرتفع صوت جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حاملًا موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا نادرًا في زمن التواطؤ والصمت المريب. ففي خطابه الأخير، لم تكن الكلمات مجرد عبارات سياسية أو شعارات دبلوماسية، بل كانت مرآة لضميرٍ حيّ، ونداء صادق يحمل في طياته همّ الإنسان وكرامة المظلوم.

قالها الملك بوضوح وصدق: “ما يحدث في غزة يتنافى مع القانون الدولي والمعايير الأخلاقية وقيمنا المشتركة”، فاختصر مأساة شعب بأكمله في جملة واحدة، وفضح ازدواجية المعايير التي يتعامل بها العالم مع الكارثة الإنسانية المستمرة. لم يتوارَ خلف الدبلوماسية الرمادية، بل سمّى الأشياء بمسمياتها، كما يفعل القادة الذين يعرفون أن الحياد أمام الجريمة خيانة.

ثم أضاف، بصوت الواثق العارف بحجم المسؤولية: “نحن نشهد الانتهاكات تلو الأخرى في الضفة الغربية، والوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم.” وهو بذلك لم يكتفِ بالتوصيف، بل وجّه تحذيرًا صريحًا إلى المجتمع الدولي: أن استمرار التغاضي عن هذه الجرائم سيقود إلى مزيد من التدهور والانفجار.

خطاب الملك لم يكن استثناءً، بل امتداد لمواقف تاريخية اتسمت بالثبات والجرأة، سواء في الدفاع عن القدس ومقدساتها، أو في المطالبة بعدالة القضية الفلسطينية في كل محفل. لكنه هذه المرة حمل رسالة إنسانية بامتياز، وكأن جلالته يخاطب ضمير العالم لا قادته فقط، ويضع الجميع أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانحياز للحق والعدالة، أو التورط في صمت الجريمة.

في زمنٍ بات فيه التواطؤ سياسة، والصمت شراكة، تأتي شجاعة الملك لتعيد تعريف الموقف السياسي النبيل، الذي لا يُقاس بحسابات الربح والخسارة، بل بميزان القيم والإنسانية.

هذا هو صوت الأردن، وهذه هي رسالة الهاشميين عبر التاريخ: أن الكرامة لا تُقايض، والحق لا يُساوم، والإنسان لا يُترك وحده أمام رصاص الظلم وغطرسة الاحتلال.