د. سعيد محمد ابو رحمه
فلسطين ـ غزة
في التاسع من حزيران من كل عام، يحيي الأردنيون ذكرى عزيزة على قلوبهم، هي عيد الجلوس مع الملكي، الذي يُصادف تولي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية ملكًا للمملكة الأردنية الهاشمية في عام 1999، خلفًا للمغفور له الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه.
يُجسد هذا اليوم لحظة انتقال سلس وسلسلة من الشرعية الدستورية، ويعبّر عن الاستمرارية في الحكم الهاشمي الذي قام على القرب من الشعب، والتفاني في خدمته، والحرص على استقرار الدولة وكرامة المواطن.
عيد الجلوس ليس مجرد مناسبة بروتوكولية، بل هو مساحة وطنية للتأمل في ما تحقق، وفرصة لتجديد الالتزام بمسيرة التنمية والإصلاح. فمنذ اعتلائه العرش، قاد جلالة الملك عبدالله الثاني مراحل متعددة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية، كما حمل الأردن بثبات في محافل العالم، مدافعًا عن القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وتمثل هذه المناسبة أيضًا تعبيرًا عن التلاحم بين القيادة الهاشمية والشعب الأردني، حيث تتجلى في فعالياتها صور الولاء والانتماء، ويعلو فيها صوت الله، الوطن، الملك كنداء يجمع الأردنيين حول رمز وحدتهم وضمان أمنهم.
إن عيد الجلوس الملكي هو مناسبة للاعتزاز، لكنه أيضًا دعوة للعمل والبناء، لاستكمال مسيرة الوطن بقيادة هاشمية ثابتة، نحو أردن أكثر ازدهارًا واستقرارًا، يكون فيه المواطن شريكًا حقيقيًا في صنع مستقبله.
منذ تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، حمل في فكره رؤية إصلاحية واضحة، تمزج بين ثوابت الدولة الأردنية واستحقاقات العصر. فقد عمل على تحديث بنية الدولة، ودعم مؤسساتها، ومأسسة القرار، إلى جانب تبني نهج الحوار الوطني في إدارة القضايا الداخلية.
شهدت البلاد في عهده تحولات نوعية، خاصة في مجال تمكين الشباب، وتوسيع المشاركة السياسية، وتعزيز الحريات العامة، فضلاً عن التحولات الاقتصادية رغم التحديات الإقليمية والضغوط الاقتصادية العالمية. ورغم الظروف الصعبة التي أحاطت بالمنطقة، ظل الأردن واحة أمن واستقرار، وهو إنجاز يُحسب للقيادة وللشعب الذي التف حولها.
لم يكن الأردن في عهد جلالة الملك منغلقًا على ذاته، بل كان فاعلًا على المستوى الإقليمي والدولي. فقد لعب الملك دورًا محوريًا في الدفاع عن القدس والمقدسات، وفي دعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، والتأكيد على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.
كما شكّل صوته المعتدل في السياسة الخارجية صوت الحكمة والعقل، داعيًا دائمًا للحلول السلمية، ومحذرًا من خطاب الكراهية والانقسام.
إن في عيد الجلوس الملكي، لا يحتفل الأردنيون بمرور الأعوام، بل يحتفلون بإرث من العطاء والتجديد، ويجددون العهد على الوقوف خلف جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله، لمواصلة بناء وطن مزدهر، عزيز، ودائم السيادة.
إنه يومٌ لتقدير الإنجاز، وتأكيد الانتماء، ورسم الأمل للمستقبل في ظل قيادة حكيمة جعلت الإنسان الأردني في صلب أولوياتها.