وطنا اليوم:رغم اقتراب عيد الأضحى، وبقاء أسبوع فقط على الاحتفال بالعيد، إلا أن حال سوق الأضاحي في محافظة الكرك، يشهد ركودا غير مسبوق، ويتمثل ذلك في غياب حظائر الأضاحي التي كانت تنتشر قبل أكثر من أسبوعين في مختلف مناطق المحافظة.
ففي مثل هذا الوقت من كل عام، وقبيل عيد الأضحى بأسبوعين، تنتشر عشرات الحظائر على جوانب الطرقات والشوارع ووسط الأحياء السكنية في مختلف مناطق محافظة الكرك، حيث تقوم بلديات المحافظة بتنظيم تواجدها بعد الحصول على التراخيص اللازمة.
وبسبب ارتفاع أسعار الأضاحي، لن تتمكن أسر كثيرة في الكرك من شراء الأضحية وممارسة طقوس العيد التي اعتادوا عليها كل عام، وهي التي تنشر الفرح والسرور، خصوصا لدى الأطفال والأسر المحتاجة التي تنتظر حصتها السنوية من الأضحية.
وحتى الآن، لم يقم أي تاجر للمواشي بعرض مواشيه من الأضاحي، أو حتى الإعلان عنها، ما يؤشر إلى أن سوق الأضاحي هذا الموسم يشهد تراجعا كبيرا في الشراء بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطنون، إضافة إلى ارتفاع كلفة شراء الأضحية التي بلغت أسعارها نحو 260 دينارا للأضحية البلدية، ونحو 240 دينارا للأضحية المستوردة من رومانيا.
ويتوقع تجار ومربو مواش أن تشهد سوق شراء الأضاحي تراجعا كبيرا هذا العام، في استمرار لما شهده السوق خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.
تربية الأغنام مهنة لغالبية سكان القرى
وأكد مواطنون في الكرك أن أسعار الأضاحي في المحافظة تشهد ارتفاعا كبيرا، رغم أن محافظة الكرك من المحافظات التي تتوفر فيها أعداد كبيرة من المواشي، وتعد تربية الأغنام مهنة لغالبية سكان القرى والبلدات، الأمر الذي يفرض بأن تكون الأسعار أقل مما هي عليه حاليا، خصوصا بالنسبة للمواشي البلدية، لافتين في الوقت ذاته، إلى أن هذا الارتفاع يمنع المواطنين من شراء الأضاحي لعيد الأضحى، وهو الأمر الذي تكرر خلال السنوات الأخيرة.
وتضم محافظة الكرك نحو 450 ألف رأس من الماشية وهي تنتشر في مختلف مناطق المحافظة وتتنقل حسب موسم الأمطار وإنبات المراعي البرية ومواسم المحاصيل الحقلية التي توفر أعلافا لفترة طويلة.
وتشير إحصائيات وزارة الزراعة، إلى أن محافظة الكرك تضم نحو 250 ألف دونم من أراض رعوية ومراع، تنتشر فيها قطعان المواشي وهي تجد فيها الأعشاب البرية التي توفر لها جزءا مهما من العليقة العلفية، من بينها 60 ألف دونم من المراعي المحمية بالكرك وهي مغلقة أمام رعي المواشي، إلا في حالات معينة يتم فتحها أمام رعي المواشي بعد نمو الحشائش فيها بشكل جيد، وهي تقع في مناطق الشريف والثمايل والبيئة ونخل وكلها في مناطق شرقي المحافظة.
وقال المواطن علي الرشايدة، إن ارتفاع أسعار الأضاحي سيمنع الكثير من الأسر من شراء أضحية، مشددا على ضرورة تدخل الجهات المعنية لوقف الارتفاع الجنوني للأسعار وإعادتها إلى طبيعتها، في حين يلفت إلى أن حالة الركود التي يشهدها سوق الأضاحي، دليل على غياب القدرة لدى المواطنين على شراء الأضاحي بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة.
وبيّن الرشايدة، أن حظائر الأضاحي التي كانت تنتشر على جوانب الطرقات في مثل هذا الوقت غابت حتى الآن، وربما تظهر قبل يومين أو ثلاثة من العيد، ولكنها لن تكون كما هو الحال في السنوات الماضية.
أما المواطن طارق المبيضين، فيرى أن غالبية المواطنين ليس بمقدورهم شراء الأضحية بهذه الأسعار المرتفعة، لأنها توازي نصف الراتب الشهري لدى الموظفين في القطاع الحكومي وحتى الخاص، مشيرا إلى أن أسعار المواشي في السوق تشهد ارتفاعا منذ أكثر من شهر، ولا يوجد استقرار بالأسعار حتى الآن، معتقدا أن قرار رفع الأسعار متعلق بتجار المواشي وليس بالمربين.
ارتفاع الأسعار “غير معقول”
وبحسب المواطن محمد البيايضة، من سكان بلدة مدين، فإن أسعار الأضاحي للموسم الحالي مرتفعة بشكل كبير، لافتا إلى أن الأضاحي المستوردة أيضا تشهد ارتفاعا كبيرا وغير معقول.
وأكد، أن غالبية المواطنين ليس في مقدورهم شراؤها، لافتا إلى أن بلدة مدين، وبسبب وقوعها على طريق حيوي، كانت تشهد كل موسم عيد الأضحى انتشارا كبيرا لحظائر بيع الأضاحي على جوانب الطريق العام، وتمتد لتصل وسط الأحياء السكنية، في حين إنه حتى الآن لم يقم أي من مربي الماشية أو التجار بوضع حظائرهم كما جرت العادة.
وأشار البيايضة إلى أنه كان، وخلال المواسم السابقة، بإمكان المواطن شراء أضحية بأسعار معقولة إذا اشترى أضحية مستوردة، والتي تكون بأسعار معتدلة وفي مقدور العديد من المواطنين، إلا أن أسعار المواشي المستوردة أصبحت أيضا مرتفعة وقريبة من سعر المواشي البلدية.
في المقابل، يؤكد تجار ومربو ماشية في الكرك أن سوق الأضاحي أصابه الركود منذ حوالي عامين، لغياب القدرة المالية لدى المواطنين على شراء الأضحية، وهو الأمر الذي انعكس على انتشار الحظائر التي تكلف التجار والمربين مبالغ مالية كبيرة بسبب متطلبات النقل والعلف، وأحيانا أجرة الموقع من أصحاب الأراضي، ما دفع التجار إلى البقاء في مواقعهم.
ويقدر تجار مواش أن يصل سعر كيلو الخروف البلدي إلى 6 دنانير مقارنة بحوالي 5 دنانير ونصف العام الماضي، في حين يتوقع أن يصل سعر الخروف المستورد إلى 5 دنانير ونصف، ما يجعله قريبا من أسعار المواشي البلدية.
إحجام عن وضع الحظائر
ووفق رئيس جمعية مربي الماشية، زعل الكواليت، فإنه من المتوقع أن تتراوح أسعار الأضاحي البلدية بين 220 إلى 250 دينارا، بينما أسعار الأضاحي المستوردة، وهي في أغلبها من المصدر الروماني، بين 200 إلى 250 دينارا.
وأكد الكواليت، أن المعروض من الأضاحي هذا العام يفوق الطلب المتوقع، حيث إن السوق بحاجة إلى نحو 250 ألف رأس ماشية، وهي تقديرات ما تم التضحية به العام الماضي، في حين يتوفر حاليا في السوق حوالي 450 ألف رأس من الأغنام البلدية، و180 ألف رأس من الأغنام المستوردة، وبذلك يكون هناك فائض كبير في المعروض، لافتا إلى أن السوق لن يشهد حركة تسوق نشطة بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.
وقال مربي الماشية، أحمد الضمور، إن هناك إحجاما لدى المربين والتجار عن وضع حظائر الأضاحي على جوانب الطرقات والشوارع كما هو الحال كل عام، بسبب ضعف حركة الشراء من قبل المواطنين، لافتا إلى أنه حتى الآن، ومع بقاء أقل من أسبوع على عيد الأضحى، لم تبدأ حركة المواطنين المعتادة كل عام لشراء الأضحية والتجول على الحظائر لاستطلاع أسعار الأضاحي.
وبيّن الضمور، أن ارتفاع أسعار الأضاحي ناتج عن ارتفاع كلف تربية المواشي على المربين منذ فترة طويلة، وهي حالة يجب أن تتوقف، وأن تنخفض أسعار الأعلاف وغيرها من مستلزمات التربية، خصوصا العلاجات، لتنخفض على أساسها أسعار المواشي، مشيرا إلى أن هذا الوقت من العام الماضي كان قد باع فيه أكثر من ثلاثين رأس ماشية من الخراف البلدية، في حين أنه الآن لم يبع سوى أربعة فقط
ارتفاع الأسعار يكبح الطلب على الأضاحي في الكرك
