فادي السمردلي يكتب:مجلس التنسيق الأعلى بين الأردن وسوريا نحو شراكة استراتيجية

28 مايو 2025
فادي السمردلي يكتب:مجلس التنسيق الأعلى بين الأردن وسوريا نحو شراكة استراتيجية

وطنا اليوم_في تطور بارز يعكس تطورا جوهرياً في مسار العلاقات الأردنية السورية، صادق مجلس الوزراء الأردني مؤخراً على إنشاء “مجلس التنسيق الأعلى” بين الأردن والشقيقة سوريا، في خطوة تهدف إلى إرساء قواعد جديدة للتعاون الثنائي تقوم على التنسيق المؤسسي والتكامل الاستراتيجي وهذا القرار ليس مجرد إجراء إداري، بل يمثل تحولاً في فلسفة إدارة العلاقات بين البلدين، حيث ينتقلان من مرحلة الاتصالات المحدودة والتنسيق المؤقت إلى مرحلة الشراكة المؤطرة التي تستند إلى رؤية طويلة الأمد ومصالح متبادلة.

 

يأتي تأسيس المجلس في توقيت حساس تشهده المنطقة، مع تراجع حدّة النزاع في سوريا وبروز الحاجة إلى إعادة الإعمار وتثبيت الاستقرار، وهي أولويات تتقاطع مع مصالح الأردن الأمنية والاقتصادية فالمجلس الجديد سيتولى التنسيق في ملفات حساسة تشمل التجارة، والطاقة، والمياه، والنقل، والاستثمار، إضافة إلى ملف اللاجئين كما يُرتقب أن يلعب دوراً محورياً في تحفيز عجلة الاقتصاد عبر فتح المعابر الحدودية بشكل أكثر انسيابية، وتسهيل حركة رجال الأعمال والسلع، ما يعزز فرص التبادل التجاري ويخلق بيئة مواتية للاستثمار المشترك.

 

ومن الناحية السياسية، يعكس هذا التطور إدراكاً متبادلاً بأن الاستقرار لا يتحقق إلا من خلال الحوار والتكامل الإقليمي، وليس عبر العزلة أو إدارة الملفات الأمنية بمعزل عن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وفي هذا السياق، يبدو أن عمّان ودمشق تعولان على المجلس كمنصة لمعالجة القضايا العالقة بطريقة منهجية، وهو ما قد يُفضي لاحقاً إلى توسيع نطاق التعاون ليشمل دولاً إقليمية أخرى ترتبط بمصالح مماثلة، كالعراق ولبنان.

 

إن تأسيس مجلس التنسيق الأعلى لا يحمل بعداً نقنيا فحسب، بل ينطوي على دلالات سياسية عميقة، تشير إلى تحول في مزاج المنطقة نحو الواقعية والانفتاح، وتدلّ على استعداد البلدين لتجاوز إلمعيقات والانطلاق في مسار جديد من التفاهم والشراكة وإذا ما كُتب لهذا المجلس النجاح، فقد يتحول إلى نموذج يُحتذى به في العلاقات العربية البينية، التي ما زالت تفتقر في كثير من الأحيان إلى المؤسسات القادرة على استيعاب الخلافات وتحويلها إلى فرص تعاون وبناء.