ليسوا ملائكة ولا هم شياطين ؟؟

دقيقة واحدة ago
ليسوا ملائكة ولا هم شياطين ؟؟

كتب المهندس مدحت الخطيب

آثرت التروي قليلاً قبل الكتابة عن مجريات ما يُطلق عليه بخلية الأسلحة والمتفجرات، حيث أعلنت دائرة المخابرات الأردنية قبل أيام عن اعتقال 16 شخصاً بتهمة التورط في تصنيع صواريخ ومسيّرات بهدف “إثارة الفوضى والتخريب داخل المملكة”، وكشفت عن مستودعات تحت الأرض في مدينة الزرقاء تتضمن آلات متقدمة لتصنيع الأسلحة والصواريخ، وعن صواريخ مجهزة في مرج الحمام
الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، قال في حديث صحفي “تم القبض على 16 عنصراً ضالعاً بنشاطات غير مشروعة تابعتها دائرة المخابرات العامة بشكل دقيق منذ عام 2021
وأوضح الوزير أن هذه الأعمال التي تمثلت في 4 قضايا رئيسة انخرط بها 16 عنصراً ضمن مجموعات كانت تقوم بمهام منفصلة، وشملت هذه القضايا: تصنيع صواريخ قصيرة المدى يصل مداها بين 3-5 كلم، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة أوتوماتيكية، وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروع لتصنيع طائرات مسيرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعها للتدريب بالخارج
كمتابع وابن عسكري، لطالما كانت الرواية الأكثر دقة ووضوح بالنسبة لي هي التي تصدر عن الأجهزة الأمنية، ففيها تشخيص للواقع بشكل دقيق ويكون بعيداً عن الإسهاب وفتح المجال للتأويل أو التحليل، لذلك أصدق كل ما تحدث به فرسان الحق واترك الامر بعد ذلك للقضاء الذي نجل ونحترم
اليوم وقبل الحديث عن ما تم التوصل إليه بسواعد فرسان الحق والأجهزة الأمنية والجهد المتقن في الرقابة والمتابعة والتحري، علينا أن نعترف أن مثل هذا الحدث الأمني يحتاج منا جميعاً إلى إعادة قراءة المشهد، وأن سياسة المقاعد الفارغة من مثيري الفتن لم تعد منتجة
اليوم من جديد يحاول عدد من الخارجين عن القانون إشغال الداخل والأجهزة الأمنية في وقت تمر فيه الأمة العربية والإسلامية والقضية الفلسطينية بأصعب مراحلها
اليوم نحتاج، وأقولها بصدق، إلى تبديل «اضطراري» في اللهجة مع كل من يريد كيدا بالأردن، نريد نهجًا جديدًا واضحًا للتعامل مع الجميع داخليًا وخارجيًا، اليوم نحتاج إلى الاستدارة كليًا إلى الداخل، وأن يقوم صناع القرار بهندسة الوطن ضمن الأدبيات الأساسية والاتفاق على مبادرة وطنية تنطلق من عمان ويكون الجميع عليها شهودًا
نعم ونحن نعيش في عصر التشكيل والمشككين وبعد الرصد والتحري لما يزيد عن أربع سنوات، قد يقول قائلاً: من هؤلاء؟ وما هي أهدافهم الحقيقية؟ ومن يدعمهم من الداخل والخارج؟ وهل توجد خلايا تتقاطع معهم في مثل هذا الأمور لم تُكْشَف إلى الآن؟ ولماذا تم كشف مخططهم في هذا الوقت رغم معرفة الأجهزة الأمنية بتحركاتهم ومتابعتها بدقة منذ سنوات؟ وما هو حجم الضرر الذي كان سيلحق بالأردن لو كتب لهم إنجاز مهمتهم؟ والأخطر من كل هذا، هل يقف عدد من قيادات الإخوان المسلمين خلفهم ويعلمون بمخططاتهم من قبل؟

منذ ما يزيد عن عشرين عامًا وأنا أتعامل مع الإخوان المسلمين في نقابة المهندسين عن قرب، تعاملت مع الحمائم والصقور منهم، تعاملت مع الوازنين منهم والمؤثرين، ومع التابعين والموزمين والمغيبين ، تصادمت مع بعضهم حتى وصل الأمر إلى حد الطعن واللعن والتكفير والتشكيك وتعاملت مع خيرين منهم وكانوا أهل علم ومعرفة وخلق ودين ..
نعم، أقولها بكل صدق، هم ليسوا ملائكة ولا هم شياطين كما يصورهم البعض ففيهم القوي الامين الخلوق الملتزم المحب لوطنه وفيهم سيئ الخلق قليل التديُّن
في انتخابات نقابة المهندسين عام 2015، وكنت في ذلك الوقت مرشحًا عن القائمة الخضراء والمستقلين، وفي يوم انتخابات المجلس وبعد انتهاء خطبة الجمعة، تقدم أحد الداعمين للقائمة البيضاء وكنت أجلس بجانب زميلنا أبا طارق، نقيب المهندسين السابق عليه رحمة الله. تقدم إلينا وقال على مسمع الجميع ويريد أن يتقرب بكلامه زلفة إلى زميلنا ماجد الطباع وقال لي: يا أخي، مش عيب عليكم، جايين تصلوا وعاملين حالكم بتخافوا ربنا؟ هو الذي مثلكم بعرف الله ؟، ولا بدك تخدع الناس؟
انت مرشح عن الراقصين والراقصات وأعداء الدين..عندها تمالكت نفسي، ولكن كان الرد المزلزل من زميلنا المهذب ماجد الطباع عليه رحمة الله و بما يليق بأمثاله، وبعدها قدّم لي الزميل ماجد وعدد من الحضور اعتذارًا عن همجية هذا الشخص الذي لا أعرفه، وبالطبع لم يكن يعرفني من قبل. وعند صلاة المغرب وكنا داخل مصلى النقابة، وكان عدد من الزملاء في القائمة البيضاء متواجدين، ومنهم من سمع بالقصة، فداعبني أحدهم وهو يعرفني عن قرب وقال: “والله ما حد بصلي فينا غير الشيخ أبو خالد، بلكي ربنا يهدينا على يديه
نعم، وأقولها، وستكتب أمام الله: إن من الإخوان المسلمين من إن تأمنه بقِنطارٍ يؤديه إليك، يحلل ما حلل الله ويحرم ما حرم الله، مثال للاتزان والأمانة والخلق الحسن، ومنهم – وأقولها وبكل أسف، وخصوصًا راكبي الموج أصحاب المصالح الذاتية والصفقات والعطاءات والمناقصات – لا يُؤتمن جانبه ولو على دينار، هم بالنهاية بشر مثلنا، منهم الأمين ومنهم الخائن، ومنهم الوطني المحب لتراب الأردن الطهور، ومنهم من يعتبر الأردن ساحة ومقراً لا وطناً
صدقوني في نقابة المهندسين منهم من أوصل صناديق النقابة إلى حافة الانهيار ويتبجح ليل نهار بالدفاع عن انجازاته الوهمية ، ومنهم من كان يدفع من ماله الخاص وجهده ووقته لتبقى النقابة زُمَرًا تحترم أمام الجميع
في الختام، أقول إلى الوازنين الصادقين من قيادات جبهة العمل الإسلامي ونوابها ما دمتم تحبون الوطن وتفدوه بالأرواح كما تتحدثون، ليس منا ولا منكم من لا يدين ويشجب ويستنكر ويلعن من أراد بالأردن وأهله السوء والفتن ، أعلنوها مدوية لَا رَيْبَ فيها ولا خداع قلباً وقالبا فالاعتراف بالاخطاء والوقوف مع الوطن بالسراء والضراء علامات الثقة التي تحتاجونها اليوم هي اوسع ابواب الانتماء الصادق للوطن وصدقوني ترك الباب مواربا يجعل حتى المدافعين عنكم في حيرة من أمرهم ويدفعهم إلى التريث وإعادة حساباتهم مجددا فلا رمادية في حب الوطن والإخلاص له ، حب الوطن ولاء وانتماء مطلق يثبته في المواقف او ينفيه موضع قدميك، أعلم أنه في حديثكم الجانبي (وقد سمعت ذلك ولأكثر من مرة من قياداتكم)، لطالما تحدثتم عن الشوائب التي علقت بكم، وها هي اليوم تؤثر في وجودكم وعلى مكانتكم في المجتمع، تعلمون أن عددًا من متصدري المشهد هم أهل فتن، راكبون موج التدين أصحاب أجندات خارجية لا يحبها الله ولا رسوله ولا المؤمنين. فمن حقنا عليكم أن تعلنوا ذلك وقد حان وقتها، وعلى مسامع الجميع، أعلنوا البراءة من أفعال هكذا أشخاص؛ فإنهم كنَافِخِ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكُمْ، وإمَّا أن تجد منه ريحًا مُنتنةً وها قد وجدنا ووجدتم من أفعالهم ريحًا منتنة لا يجبها الله ورسوله ولا المخلصين من عبادة
حمى الله الأردن وقيادته الهاشمية وطناً غالياً منيعًا، وشعباً طيبًا أصيلاً، وجيشًا عربيًا مصطفويًا، وأجهزة أمنية ورجال مخابرات ترفع لهم القبعات. اللهم اجعله ما دامت السموات والأرض حصنًا حصينًا وسيفًا بَاشطًا وقلعة شامخةً من قلاع العروبة، مدافعًا عن غزة وفلسطين، وأدم عليه أمنه وأمانه، أرضه وسماءه، وأحفظ مقدساته ومقدراته ، وسائر بلاد العرب والمسلمين