وطنا اليوم – خاص-في خطوة مستفزة تتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية، أصدرت حركة “حماس” بيانًا يوم الثلاثاء دعت فيه السلطات الأردنية إلى الإفراج عن 16 موقوفًا متهمين بالتورط في مخططات تهدف إلى إثارة الفوضى داخل المملكة، زاعمة أنهم لم يستهدفوا أمن الأردن أو استقراره، وأن تحركاتهم جاءت “بدافع النصرة لفلسطين”.
هذا البيان لا يعكس فقط استخفافًا بالسيادة الأردنية وبأجهزتها الأمنية والقضائية، بل يمثل أيضًا محاولة مفضوحة لتبرير مشروع تخريبي خطير تورط فيه متهمون بحيازة متفجرات وأسلحة وتصنيع طائرات مسيّرة، وبتنظيم عمليات تجنيد وتدريب داخل الأراضي الأردنية وخارجها. فهل تحوّل دعم المقاومة – كما تدّعي حماس – إلى مبرر للتسلل إلى الدول الشقيقة عبر الأنفاق الأمنية والعبث بأمنها الداخلي؟
ما وصفه بيان حماس بأنه “واجب قومي وأخلاقي” لا علاقة له بدعم فلسطين، بل هو تبرير سافر لمحاولة اختراق أمن دولة ذات سيادة، بحجة كاذبة ووقحة مفادها أن أي نشاط يُرفع فيه شعار فلسطين يُمنح حصانة تلقائية من المحاسبة والمساءلة.
الحديث عن “روح من الحكمة والمسؤولية القومية” هو قمة الازدواجية، عندما يصدر من حركة اختارت أن تتعامل مع الأردن بمنطق فرض الأمر الواقع والوصاية السياسية. فهل من الحكمة أن يُترك الأردن ساحة خلفية للتخطيط لعمليات أمنية؟ وهل من المسؤولية القومية أن يتم تسليح أفراد وتدريبهم في الخفاء، وكأن المملكة أرض مباحة للمغامرات الحزبية؟
البيان في جوهره ليس دفاعًا عن المعتقلين، بل محاولة لخلق غطاء سياسي لأنشطة إجرامية تمس الأمن الوطني الأردني. ومحاولات حماس لتحويلهم إلى “أبطال قوميين” هو تزييف فاضح للحقيقة، وامتهان فاضح لمشاعر الأردنيين الذين يرفضون أن تُستخدم بلادهم ساحة لتصفية الحسابات أو لنقل الفوضى من منطقة إلى أخرى.
إنّ الأردن، الذي لطالما قدّم الدعم لفلسطين واحتضن أبناءها وناصر قضيتها، لا يحتاج إلى دروس في الأخلاق ولا في القومية من تنظيم اختار أن يزايد على الجميع، حتى على حساب أمن الأشقاء. ومن هنا، فإن الرد الحقيقي على هذا البيان يجب أن يكون في الإصرار على تطبيق القانون، ومحاسبة كل من يثبت تورطه، مهما كانت الشعارات التي يختبئ خلفها.
–