وطنا اليوم:لم يطلع بشار الأسد أحدا تقريبا على خططه للفرار من سوريا عندما كان حكمه يتداعى، بل تم خداع مساعديه ومسؤولي حكومته وحتى أقاربه أو لم يتم إعلامهم بالأمر على الإطلاق، وذلك بحسب ما قاله أكثر من 10 أشخاص على دراية بالأحداث لرويترز.
فقد أكد الأسد، قبل ساعات من هروبه إلى موسكو، لنحو 30 من قادة الجيش والأمن في وزارة الدفاع في اجتماع يوم السبت أن الدعم العسكري الروسي قادم في الطريق، وحث القوات البرية على الصمود، وفقا لقائد حضر الاجتماع وطلب عدم الكشف عن هويته ولم يكن الموظفون المدنيون على علم بشيء أيضا.
فقد قال مساعد من دائرته المقربة إن الأسد أبلغ مدير مكتبه يوم السبت عندما انتهى من عمله بأنه سيعود إلى المنزل، ولكنه توجه بدلا من ذلك إلى المطار.
وأضاف المساعد أن الأسد اتصل أيضا بمستشارته الإعلامية بثينة شعبان، وطلب منها الحضور إلى منزله لكتابة كلمة له. وعندما وصلت، لم يكن هناك أحد.
وتظهر المقابلات التي أجريت مع 14 شخصا مطلعين على الأيام والساعات الأخيرة التي قضاها الأسد في السلطة صورة لزعيم يبحث عن مساعدة خارجية لتمديد حكمه الذي دام 24 عاما قبل أن يعتمد على الخداع والسرية للتخطيط لخروجه من سوريا في الساعات الأولى من صباح الأحد الماضي.
وطلبت أغلب المصادر، التي تضم مساعدين في الدائرة الداخلية للرئيس السابق ودبلوماسيين إقليميين ومصادر أمنية ومسؤولين إيرانيين كبارا، حجب هوياتهم لمناقشة المسائل الحساسة بحرية.
رحلة غامضة
وفي وقت سابق، نقلت وكالة رويترز عن ضابطين كبيرين في الجيش السوري قولهما إن الأسد صعد على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية السورية في مطار دمشق في ساعة مبكرة من صباح الأحد.
وأشارت إلى أن طائرة شحن من طراز “إليوشن إيل-76 تي” تابعة للخطوط الجوية السورية أقلعت من المطار في الساعة 03:59 بالتوقيت المحلي (01:59 بتوقيت غرينتش) إلى وجهة غير محددة.
وبحسب بيانات موقع Flightradar24، توجهت الطائرة في البداية نحو ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو معقل للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، كما يضم قاعدتين عسكريتين روسيتين رئيسيتين- قاعدة حميميم الجوية والقاعدة البحرية في طرطوس.
ولكن بعد أن حلقت فوق حمص، عادت الطائرة إلى مسارها وبدأت في التحليق شرقا مرة أخرى بينما فقدت ارتفاعها أيضا. وفُقدت إشارة الطائرة حوالي الساعة 04:39 (02:39 بتوقيت غرينتش)، عندما كانت على بعد حوالي 13 كيلومترا غرب حمص وعلى ارتفاع 1625 قدما (495 مترا) فقط.
وأظهرت بيانات موقع Flightradar24 أيضًا أن طائرة عسكرية روسية أقلعت يوم الأحد من مطار اللاذقية الدولي المجاور لقاعدة حميميم، وتوجهت إلى موسكو. ومرة أخرى، لم يُعرف من كان على متنها.
ولاحقا نقلت “بلومبرغ” Bloomberg عن الكرملين القول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب تحقيقا عن فشل استخباراته في كشف التهديد الذي أطاح بالرئيس السوري، بشار الأسد.
وكشف الكرملين أن عملاء بالمخابرات الروسية نظموا خروج الأسد من دمشق، مضيفاً أن المخابرات أخرجت الأسد من سوريا عبر طائرة من قاعدة عسكرية روسية.
كما كشف الكرملين أن روسيا عطلت أنظمة الرادار فوق سوريا لمنع رصد الطائرة التي تقل الأسد.
وكانت جماعات المعارضة المسلحة في سوريا قد شنت في 27 نوفمبر هجوماً واسع النطاق على مواقع الجيش السوري في محافظتي حلب وإدلب، وفي 8 ديسمبر دخلت العاصمة دمشق، وأعرب رئيس الحكومة السورية آنذاك، محمد غازي الجلالي، عن استعداده لنقل السلطة في البلاد سلمياً.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن بشار الأسد استقال من منصبه كرئيس لسوريا وغادر البلاد، وأعطى تعليماته بانتقال السلطة سلمياً، مشيرةً إلى أن روسيا لم تشارك في هذه المفاوضات، وأكد مصدر في الكرملين لوكالة “تاس” في 8 ديسمبر، أن الأسد وأفراد أسرته وصلوا إلى موسكو ومنحتهم روسيا اللجوء لأسباب إنسانية.