وطنا اليوم:يثير انتشار البسطات على طول الطريق الدولي الممتد من العاصمة عمان باتجاه محافظات الشمال، جدلا بين من يرى أنها تسهم بالتسبب بوقوع حوادث سير بشكل متكرر بين الفترة والأخرى، وأنها تشكل اعتداء على الشارع العام، وبين من يرى أنها تشكل مصدر رزق لأصحابها في ظل محدودية فرص العمل وحاجتهم الملحة لمصادر دخل.
وقبل أيام، تعرض الستيني أمجد المصري لحادث دهس قرب إحدى البسطات على الطريق الدولي المؤدي إلى محافظة عجلون، حيث تنتشر بكثرة بسطات بيع الزيتون هذه الفترة على حرم الشارع.
وبحسب شهود عيان على الحادثة، يتماثل المصري للعلاج في أحد المستشفيات الحكومية في جرش بعد تعرضه لكسور ورضوض في أنحاء جسده، مشيرين إلى أن حادثة مماثلة وقعت قبل بضعة أشهر، تعرض فيها الطفل مهند الريموني لحادث دهس على امتداد الطريق نفسه.
ويشهد الطريق عادة حركة سير نشطة، في حين تتوقف المركبات للشراء من البسطات التي يعتدي بعضها على الشارع، لا سيما أن المكان غير مهيأ لغايات البيع والشراء، وأي تواجد للمشاة على امتداد الطريق يجعلهم تحت خطر الحوادث.
ويبيع أصحاب تلك الأكشاك والبسطات، منتجات جرشية زراعية وأغذية مصنعة، ومشروبات ساخنة وباردة وسكاكر، إلى جانب بسطات الخضراوات والفواكه الموسمية، وغيرها من المنتجات الأساسية التي تشهد طلبا عليها في مختلف المواسم الزراعية التي تتميز بها المحافظة.
ويقول متعطلون عن العمل، إنهم “لا يجدون سوى هذه البسطات للعمل فيها، كونهم لا يدفعون أجور محال وعمالة وفواتير ولا ضرائب ولا تراخيص، ويعتمدون على حركة السير باتجاه المحافظات لبيع مختلف المنتجات الموسمية والاستفادة من حركة السير المزدحمة على مدار الساعة، لا سيما أن السائقين يستسهلون التسوق من جوانب الطرق لمختلف المنتجات”.
وأضافوا أنهم “وجدوا في هذه البسطات أو الأكشاك والمعرشات مكانا يساعدهم على بيع منتجات زراعية وغذائية مصنعة في المحافظة، يقهرون بها بطالتهم عبر البيع لزوار جرش من المواطنين والسائقين والزوار”.
ووفق الشاب عيسى البرماوي، فإن “العمل في بسطته على الطريق الدولي هو مصدر رزقه الوحيد، كونه متعطلا عن العمل ولا يوجد أي مهنة بديلة تمكنه من إعالة أسرته المكونة من 5 أفراد، وهو معتاد على العمل في بسطته التي أنشأها منذ 5 سنوات وتوفر له مصدر رزق لا يقل عن 20 دينارا يوميا. ويعتمد على المنتجات الغذائية الموسمية التي يبتاعها من القرى والبلدات في محافظة جرش”.
وأوضح، أنه وغيره “يعملون في ظروف عمل صعبة، وأهمها تقلبات الطقس وخطورة حركة السير بمختلف الاتجاهات والحوادث التي تقع يوميا لباعة البسطات، فضلا عن مطالبة الجهات المعنية لهم بترخيص هذه البسطات ودفع الضرائب ومستحقات مالية تعتبر أكثر من الدخل اليومي المتواضع من العمل في البسطة، لا سيما أنهم لو كانوا قادرين على دفع هذه التكاليف لقاموا بفتح محال تجارية في الأسواق الرئيسية”.
ويرى البرماوي، أنه “مضطر للعمل بهذه الطريقة، خصوصا أنه بحث خلال سنوات طويلة عن عمل آخر ولكن دون جدوى، وقد عمل في كل الأعمال المتوفرة وكان الدخل الشهري فيها متواضعا ولا يغطي جزءا من نفقاته اليومية”.
إلى ذلك، قال صبحي العياصرة إنه “اعتاد على عمل بسطة موسمية، وأهم هذه المواسم موسم الزيتون والزيت، ويقوم من خلال البسطة بعرض هذه المنتجات فيها ومن ثم إغلاقها مؤقتا لحين بدء مواسم غذائية أخرى، كون هذه البسطات مصادر رزق ثابتة لهم. ويستثمر فيها الباعة حركة السير النشطة على الطريق الدولي رغم خطورة عمل البسطات والحوادث التي يتعرضون لها يوميا، ومنها حوادث سير أو مداهمة مياه الأمطار أو تدهور المركبات على البضاعة وإتلافها، فضلا عن الهروب اليومي من ملاحقات البلدية والأشغال والجهات الأمنية”.
من جهته، أكد مصدر مطلع في أشغال جرش فضل عدم ذكر اسمه، أن “الطريق لا يجوز أن تكون فيه أي بسطات أو منشآت للتسوق بمختلف أنواعها وهي غير مرخصة وممنوعة ولا يسمح فيها نهائيا كونها غير قانونية وتعتدي على حرم الشارع وتسبب مشاكل مرورية وازدحامات ولا يوجد أي مواقف لاصطفاف المركبات والتسوق منها، كما تخلق مشاكل على الطرقات الرئيسية التي تشهد حركة سير نشطة على مدار الساعة وتربط العاصمة بمحافظات الشمال وهي طريق سياحي كذلك”.
وأوضح، أن “مديرية أشغال جرش بالتعاون مع المحافظة وإدارة السير والجهات المعنية تنظم حملات إزالة شهرية لإزالة البسطات المخالفة نهائيا واتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحابها، إلا أنهم بعد نحو أسبوع من إزالتها يتم تجديدها والاعتداء عليها لحين تنظيم حملة إزالة أخرى وإزالتها بشكل قانوني”.
بدوره، قال الناشط نصر العتوم إن عدد هذه المشاريع على الطريق بدأ يتزايد مع تزايد مشكلة البطالة، وبالرغم من أن أغلبية مشاريعهم غير مرخصة، لأنها وفق عاملين فيها بحاجة إلى التراخيص لإجراءات معقدة، إلا أنهم مستمرون بأعمالهم غير مكتريثين من عدم ترخيصهم لها، لتجنب إزالتها عن طريق الحملات التفتيشية التي تنفذها البلديات بين حين وآخر وتتلف موجوداتها.
ويرى العتوم، أن مغامرتهم بالاستمرار في العمل بهذه المشاريع برغم مخالفتها، يعود إلى عدم وجود بدائل تحقق لهم الأمان المعيشي ولو نسبيا، فهم بأمس الحاجة للعمل، ويجدونها فسحة لتدبير أرزاقهم وتغطية التزاماتهم والتزامات أسرهم.
وتعلن المحافظة وبلدياتها بين فترة وأخرى عن حملات لإزالة بسطات الطرق، معلنة أن هذه الحملات تهدف إلى الحفاظ على حياة عامليها من أخطار الطرق وتقلبات الطقس، ووقف اعتداء البسطات والمعرشات والأكشاك على حرم الطرق وأرصفتها، ولعدم قانونية هذه الأعمال.
وبحسب مصدر مطلع في بلدية جرش الكبرى، فإن “البلدية أزالت قبل سنوات أكشاكا مخالفة، مؤكدا عدم وجود أكشاك باستثناء كشك واحد مرخص لا غير، وباقي الأكشاك وعددها محدود جدا غير مرخصة، وتابعة لمحال تجارية ومطاعم، تنشئها في نطاق حرمها، وتبيع فيها المشروبات الساخنة والباردة والمنتجات الجرشية”.
وأضاف أن “عدد الأكشاك الحالي في المحافظة قليل جدا، وأغلبها على جوانب الطريق الدولي وفي نطاق مناطق لا تتبع للمحافظة أصلا، فهذا الطريق له امتدادات تصل إلى عدة بلديات ومحافظات”.
وكان رئيس قسم الإعلام في بلدية المعراض المهندس مظهر الرماضنة، أكد في حديث سابق أن مناطق تابعة للبلدية على الطريق الدولي تنتشر على جانبيها البسطات والأكشاك، وغالبيتها دائمة ومرخصة، بخاصة في بلدتي ساكب والكتة، ومنها موسمية مؤقتة غير مرخصة، تجري متابعتها بالتعاون مع الحاكم الإداري، وما تزال كونها مخالفة تعتدي على حرم الشارع وبعضها تقام في مواقع غير مناسبة.
ويرى الرماضنة، أن ميزة وجود قرى وبلدات على الطريق، ووفرة المنتجات الجرشية، تؤمن حركة بيع نشطة على الطريق، تسهم بتوفير فرص عمل لشباب متعطلين عن العمل في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها المنطقة، لكن هذا يتطلب أن تكون هذه الأكشاك مرخصة، وفي مواقع محددة، وألا تلحق ضررا بحرم الشارع أو بأراض ذات ملكيات خاصة.