بفلم الدكتور احمد الشناق:
إغتيال الشهيد وصفي التل، إغتيال لمشروع لم يكتمل بمشروع دولة العقل والخلق والإنتاج ونهج الحكم النظيف ، مشروع الوطن والهوية والأرض والإنسان .
وصفي بمراحل حكوماته تم تحقيق الإنجاز وبناء المؤسسات وإستغلال الثروات والموارد في خدمة الإنسان . وصفي يحرق ملفات الحزبيين والسياسيين ويقول لا يوجد أردني خائن ، ويستصدر العفو العام وتعود المعارضة من الخارج وتتبوأ مواقع في الدولة ليكونوا من رجال الإنجاز ، ويزور السجون ويلتقي المساجين ويسمع لهم وتحمله الأكتاف .
وصفي باب الحكومة المفتوح للمواطن ، والمحارب الشرس للشلل والصحبة والاصدقاء والجهوية والإقليمية الضيقة والمحسوبية والواسطة في مواقع المسؤولية .
وصفي رسّخ نهج حُرمة المال العام في إدارة شؤون الدولة .
وصفي آمن بالأردن وطن ، وأن موقع المسؤولية للأجلاء بما يستحقه الوطن وفي خدمة المواطن .
وصفي عاش تفاصيل الأردنيين بحياتهم ومناطقهم فكان يشبه الناس في وطنهم .
وصفي المجاهد الجريح على أرض فلسطين ، ومشروع الوطن الفلسطيني والهوية الوطنية الفلسطينية والجبهة الثالثة المقاومة بالداخل الفلسطيني ، وصفي طرح فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة بالضفة الغربية عام ١٩٦٥، وادرك اطماع الحركة الصهيونية ومخططاتها بعد معركة السموع .
وصفي رفض دخول حرب ٦٧, غير موافقاً على توقيت الحرب وليس على مبدأ الحرب ، لمعرفته بالظروف والمعطيات السياسية والعسكرية للدول العربية ، وكان يؤكد أن الهزيمة والكارثة قادمتان لا محالة ، وأن الكارثة على الأردن ستكون بإحتلال الضفة الغربية والقدس ، الكارثة والهزيمة المسبقة كانت بوعي وصفي وبموقف وصفي ، لغياب الإستعداد العربي وغياب خطة عسكرية عربية وواقع سياسي عربي ، وبديل ذلك كان خطابات التهريج والتزوير من بعض صبية الحكم العربية .
وصفي المشروع والإعداد والإستعداد لجبهة عربية ، فرضت عليه خوض معركة شرسة ضد التهريج والكذب والخطأ ولعبة كراسي الحكم كذباً وخداعاً وتهريجاً على حساب فلسطين وشعب فلسطين ، وكان يردد أنها معركة التهريج سيكون ليها ضحايا ، وأنه سيكون أحد ضحاياها ، ولكنه كان يؤمن بالأردن ، اذا مات سيد قام سيد .
وصفي مشروع قومي وحدوي نضالي لحلم سوريا الكبرى ، فقاومته وتآمرت عليه قوى التهريج في المنطقة وخطوط عالمية، لأنه العقل المقاوم للمشروع الصهيوني، ومخططات الحركة الصهيونية بأطماعها الإحتلالية التوسعية .
وصفي مشروع وطني أردني بدولة الأرض والإنسان والإنتاج لأردن قوي بأفق خندق لتحرير فلسطين ، وآمن بأنها معركة المصير .
وصفي حالة تاريخية بفهم حجم وخطورة المشروع الصهيوني ، وللقوى الطامعة بالأرض العربية ، وبفكر وصفي ، أنه لا تقل عن خطورة هذا المشروع ، خطورة حجم التهريج العربي وغياب خطة حقيقية على أرض الواقع لمواجهة المشروع الصهيوني ، وهو الذي عاش التجربة مجاهداً على أرض فلسطين، بكشفه الأسباب الحقيقية للهزيمة التي اطلقوا عليها مسمى نكبة ، وهي نكبة أمة ومستنقع بعورات التاريخ لهذه الأمة، وليست نكبة شعب بتشريده من وطنه .
وصفي حالة فكرية سياسية تحررية، وحالة يقظة عروبية شاملة، ونموذج لمدرسة سياسية في مفهوم التطبيق والتنفيذ لبناء الدولة ونهج الحكم المستقيم .
وصفي مشروع دولة ولم يكن رجل سلطة ، وحالة وعي عروبية بإمتلاكه مشروع في مواجهة مشاريع الإستهداف، ولكنه لم يكتمل .
إغتيال وصفي ، مؤامرة بإغتيال لمشروع ناوئته قوى التهريج العربي بشعارات التزوير ولعبة كراسي، وقوى عالمية تستهدف المنطقة بتمرير مشاريع الهيمنة والإستلاب .
ذكرى استشهاد وصفي ، أعمق في ذاكرتنا ، من مشاعر وجدانية وعاطفة تبكيه، إنها قضية إغتيال أجمل ما في التاريخ الحديث بمشروع لم يكتمل ،
أَبكي على أمّةٍ، تَغْتالُ أَجْملَ ما
فيها … وتحمي بأيْديها، أعاديها
وَصْفي ! لقد تَمَّتْ المأساةُ واكتَمَلتْ فُصولُها.. وأضاعَ الأَهْلُ تاليها !
وتُباٰ لأمة تغتال أجمل ما فيها
رحم الله وصفي التل شهيد أمة ووطن وعلى روحه السلام .
الدكتور احمد الشناق