وصفي التل مشروع لم يكتمل 

28 نوفمبر 2024
وصفي التل مشروع لم يكتمل 

بفلم الدكتور احمد الشناق:

إغتيال الشهيد وصفي التل، إغتيال لمشروع لم يكتمل بمشروع دولة العقل والخلق والإنتاج ونهج الحكم النظيف ، مشروع الوطن والهوية والأرض والإنسان .

وصفي بمراحل حكوماته تم تحقيق الإنجاز وبناء المؤسسات وإستغلال الثروات والموارد في خدمة الإنسان . وصفي يحرق ملفات الحزبيين والسياسيين ويقول لا يوجد أردني خائن ، ويستصدر العفو العام وتعود المعارضة من الخارج وتتبوأ مواقع في الدولة ليكونوا من رجال الإنجاز ، ويزور السجون ويلتقي المساجين ويسمع لهم وتحمله الأكتاف  .

وصفي باب الحكومة المفتوح للمواطن ، والمحارب الشرس للشلل والصحبة والاصدقاء والجهوية والإقليمية الضيقة والمحسوبية والواسطة في مواقع المسؤولية .

وصفي رسّخ نهج حُرمة المال العام في إدارة شؤون الدولة .

وصفي آمن بالأردن وطن ، وأن موقع المسؤولية للأجلاء بما يستحقه الوطن وفي خدمة المواطن  .

وصفي عاش تفاصيل الأردنيين بحياتهم ومناطقهم فكان يشبه الناس في وطنهم .

وصفي المجاهد الجريح على أرض فلسطين ، ومشروع الوطن الفلسطيني والهوية الوطنية الفلسطينية والجبهة الثالثة المقاومة بالداخل الفلسطيني ، وصفي طرح فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة بالضفة الغربية عام ١٩٦٥، وادرك اطماع الحركة الصهيونية ومخططاتها بعد معركة السموع .

وصفي رفض دخول حرب ٦٧, غير موافقاً على توقيت الحرب وليس على مبدأ الحرب ، لمعرفته بالظروف والمعطيات السياسية والعسكرية للدول العربية ، وكان يؤكد أن الهزيمة والكارثة قادمتان لا محالة ، وأن الكارثة على الأردن ستكون بإحتلال الضفة الغربية والقدس ، الكارثة والهزيمة المسبقة كانت بوعي وصفي وبموقف وصفي ، لغياب الإستعداد العربي وغياب خطة عسكرية عربية وواقع سياسي عربي ، وبديل ذلك كان خطابات التهريج والتزوير من بعض صبية الحكم العربية .

وصفي المشروع والإعداد والإستعداد لجبهة عربية ، فرضت عليه خوض معركة شرسة ضد التهريج والكذب والخطأ ولعبة كراسي الحكم كذباً وخداعاً وتهريجاً على حساب فلسطين وشعب فلسطين ، وكان يردد أنها معركة التهريج سيكون ليها ضحايا ، وأنه سيكون أحد ضحاياها ، ولكنه كان يؤمن بالأردن ، اذا مات سيد قام سيد . 

وصفي مشروع قومي وحدوي نضالي لحلم سوريا الكبرى ، فقاومته وتآمرت عليه قوى التهريج في المنطقة وخطوط عالمية، لأنه العقل المقاوم للمشروع الصهيوني، ومخططات الحركة الصهيونية بأطماعها الإحتلالية التوسعية . 

وصفي مشروع وطني أردني بدولة الأرض والإنسان والإنتاج لأردن قوي بأفق خندق لتحرير فلسطين ، وآمن بأنها معركة المصير .

وصفي حالة تاريخية بفهم حجم وخطورة المشروع الصهيوني ، وللقوى الطامعة بالأرض العربية ، وبفكر وصفي ، أنه لا تقل عن خطورة هذا  المشروع ، خطورة حجم التهريج العربي وغياب خطة حقيقية على أرض الواقع لمواجهة المشروع الصهيوني ، وهو الذي عاش التجربة مجاهداً على أرض فلسطين، بكشفه الأسباب الحقيقية للهزيمة التي اطلقوا عليها مسمى نكبة ، وهي نكبة أمة ومستنقع بعورات التاريخ لهذه الأمة، وليست نكبة شعب بتشريده من وطنه .

وصفي حالة فكرية سياسية تحررية، وحالة يقظة عروبية شاملة، ونموذج لمدرسة سياسية في مفهوم التطبيق والتنفيذ لبناء الدولة ونهج الحكم المستقيم .

وصفي مشروع دولة ولم يكن رجل سلطة ، وحالة وعي عروبية بإمتلاكه مشروع في مواجهة مشاريع الإستهداف، ولكنه لم يكتمل .

إغتيال وصفي ، مؤامرة بإغتيال لمشروع ناوئته قوى التهريج العربي بشعارات التزوير ولعبة كراسي، وقوى عالمية تستهدف المنطقة بتمرير مشاريع الهيمنة والإستلاب .

ذكرى استشهاد وصفي ، أعمق في ذاكرتنا ، من مشاعر وجدانية وعاطفة تبكيه، إنها قضية إغتيال أجمل ما في التاريخ الحديث بمشروع لم يكتمل ،

أَبكي على أمّةٍ، تَغْتالُ أَجْملَ ما

فيها … وتحمي بأيْديها، أعاديها

وَصْفي ! لقد تَمَّتْ المأساةُ واكتَمَلتْ فُصولُها.. وأضاعَ الأَهْلُ تاليها ! 

وتُباٰ لأمة تغتال أجمل ما فيها 

رحم الله وصفي التل شهيد أمة ووطن وعلى روحه السلام .

الدكتور احمد الشناق